ينتظر أن تعطي الزيارة المرتقبة لرئيس الوزراء التركي، رجب طيب أردوغان، بداية من نهار غد إلى الجزائر، دفعا قويا في التعاون الاقتصادي بين البلدين، رغم حملها للطابع السياسي وتزامنها مع التطورات الإقليمية والدولية التي تدفع البلدين إلى تعزيز التنسيق والتشاور الدائم بينهما حول القضايا الأساسية المطروحة ولا سيما منها الأزمة السورية. فالزيارة التي تندرج في إطار جولة مغاربية يقوم بها المسؤول التركي بداية من اليوم إلى دول المنطقة، لا تخلو من النشاطات الاقتصادية الهامة التي ينتظر أن تعزز علاقات التعاون والشراكة الاقتصادية بين الجزائر وتركيا، حيث يرتقب أن يشرف السيد أردوغان في أعقاب المحادثات التي سيجريها مع كبار المسؤولين الجزائريين وعلى رأسهم الوزير الاول السيد عبد المالك سلال على إطلاق مشروع مركب الحديد والصلب "توسيالي" بمنطقة بطيوة بوهران، وهو يعتبر من أكبر الاستثمارات التركية في الخارج، تفوق تكلفته الاستثمارية 11,3 مليار دينار وينتظر أن تصل طاقته الإنتاجية إلى 700 ألف طن من الحديد والصفائح المعدنية، فيما يساهم في توفير 350 منصب شغل مباشر. وينتظر أن يدخل هذا المصنع الذي سيقلص من حجم الواردات الجزائرية من مادة الحديد حيز الخدمة مع بداية سنة 2015. وبمناسبة زيارة الوزير الاول التركي إلى الجزائر، سيعقد منتدى الأعمال الجزائري- التركي بمشاركة نحو 500 مؤسسة من البلدين من بينها 200 شركة تركية، وسيتبع هذا المنتدى الذي يهدف إلى ترقية الاستثمارات التركية المباشرة وتكثيف المبادلات التجارية بين البلدين، والبحث عن فرص الشراكة ولاسيما في قطاعات البناء والأشغال العمومية والري والطاقة والنسيج والفلاحة وصناعة السيارات والمنتجات الكيمائية، بلقاء بين المتعاملين والمستثمرين للبلدين. وتتطلع الجزائر وتركيا اللتان تجمعهما علاقات تاريخية متميزة، إلى الارتقاء بعلاقاتهما الثنائية إلى أفضل المستويات، حيث تعتبر أنقرةالجزائر شريكا استراتيجيا مهما في حوض البحر الابيض المتوسط والشرق الأوسط وإفريقيا. ولم يخف البلدان بمناسبة الزيارات المتبادلة بين مسؤوليهما في الفترة الأخيرة إرادتهما في تكريس التكامل الاقتصادي ورفع مستوى المبادلات التجارية المقدرة حاليا بنحو 5 ملايير دولار إلى 10 ملايير دولار في المستقبل القريب. وبالفعل، فقد عرفت العلاقات الجزائرية-التركية خلال السنوات الأخيرة تطورا ملحوظا، كلل بالتوقيع على العديد من اتفاقيات التعاون في مجالات مختلفة، وتكرست علاقات التعاون أكثر بالزيارة التي قام بها رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة إلى تركيا عام 2005، والتي سمحت بتوطيد العلاقة بين البلدين على المستويين الاقتصادي والتجاري، كما سمحت الزيارة الأولى التي قام بها الوزير الاول التركي، السيد رجب طيب اردوغان، في ماي 2006 إلى الجزائر، بتوقيع البلدين اتفاقية التعاون والصداقة بين البلدين. ومكن انعقاد اللجنة المختلطة الجزائرية-التركية في مارس 2010 من التوصل إلى اتفاق بين البلدين لمواصلة اعتماد نفس الأسعار المطبقة في العقد المبرم بينهما في مجال التموين بالغاز الجزائري إلى غاية 2014، فيما اتفق الطرفان مبدئيا بمناسبة زيارة وزير الطاقة التركي إلى الجزائر، منتصف جانفي الماضي، على تمديد هذا العقد لمدة 10 أعوام أخرى، ويرتقب بعث مشاورات تشمل إمكانية توسيع الاتفاق من حيث الكمية المصدرة والمقدرة حاليا ب4 ملايير متر مكعب، وذلك توافقا مع ارتفاع الاحتياجات التركية من الغاز الطبيعي والمقرر أن تتضاعف نتيجة النمو الاقتصادي والطلب المتزايد على هذه المادة الحيوية. من جانب آخر، تعتبر الهيئات الاقتصادية التركية، الجزائر التي لم تتضرر بشكل مباشر من الأزمة الاقتصادية العالمية سوقا واعدة، يمكن أن تكون بوابة للمنتجات التركية ولمؤسساتها واستثماراتها نحو الأسواق المغاربية والعربية والإفريقية، فضلا عما تتيحه في الوقت الحالي من فرص ثمينة واستثنائية، من خلال البرامج الاستثمارية العمومية الضخمة التي ستسمح للشركات التركية بمضاعفة استثماراتها في الجزائر خلال الأعوام الثلاثة المقبلة، ولا سيما في قطاعات البناء والأشغال العمومية والفلاحة ومختلف الفروع الصناعية. وفيما فاق عدد الشركات التركية النشطة بالجزائر اليوم ال200 شركة، منها 100 شركة متخصصة في مجال البناء والأشغال العمومية، يشكل قطاع النسيج أحد أبرز القطاعات التي تستقطب اهتمام الطرف التركي، الذي اقترح مؤخرا خدمات مؤسساته المتخصصة لترقية قطاع النسيج بالجزائر، والإسهام بذلك في إنجاح استراتيجية الحكومة الجزائرية للنهوض بهذا القطاع الذي تم تدعيمه بالموارد اللازمة التي بلغت 2 مليار دينار. وحسب الأرقام المقدمة من الهيئات الرسمية بالبلدين فإن قيمة المشاريع التركية في الجزائر تقدر بحوالي 3 ملايير دولار، بينما تتجاوز قيمة الاستثمارات التركية المباشرة في الجزائر 1 مليار دولار. واستنادا لاحصائيات 2012، تعتبر تركيا الزبون الثامن للجزائر ب3,04 ملايير دولار وممونها السابع ب1,78 مليار دولار، وهي بذلك الشريك الثالث للجزائر خارج الاتحاد الأوروبي، حيث تعتبر الممون الثالث للجزائر بعد الصين والأرجنتين، والزبون الثالث لها بعد الولاياتالمتحدة وكندا.