"الانتحار ليس حلا”، هذا هو شعار اليوم الدراسي الذي نظمته جمعية “الطموح العلمي” واحتضنته قاعة عيسات رابح بمقر المجلس الشعبي الولائي لتيزي وزو، حيث دقت ناقوس الخطر بسبب ارتفاع عدد حالات الانتحار المسجلة، خاصة أن الجزائر سجلت العام الماضي 3 حالات انتحار فعلية من أصل 100 محاولة يوميا. وأشار رئيس المجلس الشعبي الولائي السيد حسين هارون، إلى أن أكثر من مليون شخص يموتون سنويا في العالم لأسباب مختلفة، منها الكحول والمخدرات التي تُعتبر من العوامل المؤدية إلى الانتحار، إلى جانب الاضطرابات النفسية والعجز الحاد أمام حل المشاكل. أما الأمين العام لمديرية التربية لتيزي وزو، فقد أكد في مداخلته التي حملت عنوان “الانتحار بالوسط المدرسي”، على أن الطفل يتأثر بمحيطه؛ حيث يصاب بأمراض اجتماعية منها الانتحار الذي يهدد فئة الشباب، حيث أكد على ضرورة إيجاد علاج لهذا الداء لحماية الأطفال والمراهقين والشباب، والذي يستوجب الوقوف عند كل الزوايا على غرار الجانب الاجتماعي، النفسي، التربوي والصحي. وذكر السيد دحماني متخصص في علم الاجتماع في محاضرته “الانتحار شكل من أشكال العنف”، أن الجزائر قامت بدراسات في هذا الشأن. وأضاف أن الانتحار ظاهرة قديمة وأن الإحصائيات المسجلة ليست دقيقة، فهناك حالات انتحار تسبقها محاولات تحضير، والآلام جسيمة في نفسية المقدم على الانتحار، موضحا أن العنف هو فعل ينتج عن ضرر نفسي وذهني على الفرد وعلى محيطه؛ من عائلته وأصدقائه، ففي الماضي كان المنتحر يقوم بذلك خفية، أما الآن فمنهم من يخبر أهله بانتحاره، ما يستوجب دراسة الظاهرة في سياقها وإطارها. وقدّم السيد مزاب متخصص في علم النفس الطبي، إحصائيات تشير إلى أن الجزائر سجلت العام الماضي 3 حالات انتحار من أصل 100 محاولة يوميا، مقابل 32 حالة انتحار تسجَّل يوميا بفرنسا، حسب إحصائيات 2006، و80 حالة انتحار يوميا سُجلت في نفس السنة بالولايات المتحدة. كما ينتحر فرد كل 40 ثانية في العالم، حيث قال إن الانتحار يأتي في المرتبة الثانية بعد حوادث المرور بنسبة 14،5 بالمائة لكل 100 ألف شخص، هذا فيما تشير ذات الأرقام إلى إحصاء 787 محاولة انتحار في 2012 بالجزائر؛ أي 71،2 بالمائة مقابل 321 انتحار فعلي؛ أي 28،08 بالمائة؛ حيث تم تسجيل ارتفاع في عدد الحالات المسجلة ما بين 2011 و2012 ب 6،317 بالمائة؛ أي 70 حالة. كما عرض متوسط عمر المنتحرين الذين تتراوح أعمار أكثرهم بين 14 و40 سنة وكذا وسائل الانتحار، التي تكون بتناول الأدوية ومختلف المواد السامة بالنسبة للعنصر النسوي، والشنق والأسلحة بالنسبة للذكور. وعرضت الآنسة غزلي متخصصة في علم النفس، مذكّرتها التي تناولت فيها إدراك النسق الأسري وعلاقته بظهور محاولات الانتحار لدى المراهقين؛ حيث عرضت دراسة لعيّنة مست 20 حالة؛ 10 حاولوا الانتحار و10 لم يحاولوا ذلك، والتي توصلت من خلالها إلى أن للعوامل المحيطة بالمراهق تأثيرا في الفعل، كالمعاملة السيئة، الحزن والاكتئاب وغيرها، ما يدفعه إلى إدراك سلبي للنسق الأسري، وبالتالي ظهور اضطراب والإقدام على محاولة الانتحار للتخلص من هذا الوضع. وأُثري الملتقى بسلسلة من المداخلات التي تناولها متخصصون في مجالات عدة؛ دينية، اجتماعية وتربوية، وكذا ممثلون للمستشفى الجامعي نذير محمد والمنظمة العلمية للصحة، الذين تطرقوا لمواضع منها “السياسة الدولية للوقاية من الانتحار”، “الفراغ الروحي والانتحار” وغيرهما من المداخلات التي دعا منشّطوها إلى العمل على إيجاد حلول تحمي الشباب من هذه الظاهرة الخطيرة.