استنكر الشاعر نصر الدين حديد، الفائز بالجائزة الأولى للشعر ضمن مسابقة رئيس الجمهورية «علي معاشي»، بقاء الاهتمام بالمبدع محصورا في تتويجاته وألقابه، وليس في ابداعه، إذ أنّ هذا الأمر حوّل المبدعين إلى صائدي جوائز، وفي بعض الأحيان، يدفع الكثيرين إلى سرقة بعض الأعمال الشعرية والنصوص الأدبية والمشاركة بها في المسابقات للحصول على المال، مؤكّدا أنّ الزمن الذي نعيشه هو زمن الشعر، فوراء كل فنان شاعر. هل تعتبر أنّ مثل هذه المسابقات يمكن أن تكون أكبر تحفيز للمبدعين للبروز أكثر في الساحة الإبداعية؟ ربما الدعم المادي الذي يتلقاه المتوّج بهذه الجوائز واحتفاء الأصدقاء به هو ما يعنيه في حقيقة الأمر وليس الجائزة في حدّ ذاتها، كما أنّ الجوائز في الغالب لا تعبّر عن القيمة الحقيقية للمبدع، فهناك مبدعون ليسوا بحاجة إلى جوائز أدبية، وكتاباتهم أكبر من الجوائز التي يمكن أن تمنح لهم، الجائزة في النهاية ليست نهاية مشوار، وقيمتها المالية لن تغيّر حياته رأسا على عقب، لأنّ قيمتها المالية متواضعة، وبالكاد تساعده على إصدار عدد من الكتب، ربما الجوائز العربية التي يتلقاها الشعراء والكتاب خارج الوطن، هي ما تمكّنه من المتابعة الإعلامية، لأنّ كتّابنا غالبا ما يستوردون شهادات الاعتراف من الخارج، هذا من جهة، ومن جهة أخرى تساوي بعض الجوائز الملايير في الدول العربية.
إلى أيّ مدى تعتبر التحفيز المادي، من بين أكبر الأمور المشجّعة على الخوض أكثر في العمل الإبداعي؟ للأسف، نحن لا نلتفت الى الإبداع إلاّ حين يتحصل المبدع على جائزة ما، وأستغرب أن يبقى الاهتمام به محصورا في تتويجاته وألقابه، وليس في إبداعه، وهذا الأمر حوّل المبدعين إلى صائدي جوائز، حتى انتشرت ظاهرة السطو على النصوص الأدبية والمشاركة بها في المسابقات للحصول على المال، وأتساءل فقط؛ لماذا يتم تهميش المبدعين إلى حين حصولهم على جوائز؟ وهل الجوائز الأدبية أصبحت مقياسا لتقييم المبدع؟ لماذا ننتظر حتى يستورد المبدعون شهادات الاعتراف من الخارج؟ لماذا لا نكتشفهم نحن ونحتفي بإبداعهم، حتى وإن كان هؤلاء المبدعون يتحمّلون جزءا من المسؤولية لاختفائهم عن الساحة الأدبية؟ والتحفيز المادي مهم جدا للكتاب تماما كالدعم المعنوي، لأنّ المبدع كائن حبري لا يستطيع العيش بعيدا عن الأوراق، لذلك تجد معظم المبدعين يعملون في المجالات القريبة من مجالات إبداعهم كالصحافة مثلا، لذلك فالدعم المادي ضروري، لأنّ المبدع اليوم لم يعد بحاجة إلى منصة وميكرفون، انتهى ذلك العصر الذي كان يصل فيه المبدع إلى جمهوره عن طريق المنصات، مما سمح للعديد من الناشطين ثقافيا بممارسة التضييق والإقصاء، العالم اليوم أكبر بكثير من أن يمارس فيه أيا كان الإقصاء بوجود وسائط إلكترونية حديثة تمكّن المبدع من الانتشار وربط علاقات قوية والإطلاع على ما ينشر، مازال هناك الكثير ممن يعيشون في العصور الحجرية، ويعتقدون أنّهم يقودون قاطرة الثقافة في الجزائر، في حين أنّه يمكن أن يطلع المئات على قصيدة واحدة وتنال حظّها من التعاليق والنقد على صفحة في «الفايسبوك» أو «اليوتوب»، أكثر مما تناله قصيدة مطبوعة في كتاب أو في قاعة مغلقة.
شاركت بعمل شعري تصدّر قائمة الترتيب، هل يمكن أن نعتبر أنّ القوة لا تزال تكمن في الإبداع الشعري، أكثر من غيرها من باقي الأنواع الإبداعية الأدبية؟ لا ازال أعتقد دائما أنّ الزمن الذي نعيش فيه هو زمن الشعر، هذا إذا اتّفقنا على أنّ الشعر هو كلّ ما يكتب بكلّ اللغات سواء العامية أو الفصحى أو الأمازيغية، الأمر الذي تغيّر هو أنّنا لم نعد نتقبّل الشعر إلاّ في شكل أغنية و»الفيديو كليب»، فنحن لا نستمع إلى القصائد التي يلقيها نزار قباني ومحمود درويش على المنصة، ولكن نستمع إليها عن طريق «الفيديو كليب» الذي تقدّمه هيفاء وهبي، نانسي عجرم وكاظم الساهر، ولا أحد يستطيع أن ينكر أنه يستمع إلى العديد من القصائد الشعرية التي تهربها الوصلات الموسيقية والأغاني، فوراء كل فنان شاعر.
هل كانت مشاركتك في المسابقة للمرة الأولى؟ هذه الطبعة السابعة لمسابقة رئيس الجمهورية، ولكنها ليست المرة الأولى التي أشارك بها، ولم أتمكّن من الظفر بجائزة واحدة خلال الطبعات الماضية التي شاركت بها، مع أنّني لم أشارك في كلّ الطبعات، ربما شاركت في ثلاث أو أربع طبعات فقط وكانت الجائزة الأولى في هذه الطبعة من نصيبي.
هل تعتقد أنّ هناك أعمالا إبداعية شاركت في المسابقة لكن ظلمت من قبل لجنة التحكيم؟ لا ازال أطالب بإعادة النظر في لجنة تحكيم هذه الجائزة، لأنّها ظلمت الكثير من المبدعين، في اعتقادي، ودسّت الكثير من الأقلام الرديئة في هذه الجائزة، لذلك أرفض أن يدرج اسمي مع هذه الأسماء أو أن أستعمل كواجهة لتمرير أقلام لا تستحق ذلك، لقد بدا واضحا أنّه تمّ التحايل على هذه الجائزة، والأسماء التي سمعناها بعد تتويجها فضحت لجنة التحكيم، وتبيّن أنّها تلاعبت بهذه الجائزة وبالمال العام، هناك أسماء تكتب بمستوى المتخلّفين عقليا، لذلك أطالب بنشر كلّ الأعمال التي فازت لنطلع على عبقرية هذه الأعمال الفائزة، لأنّه من حقنا الاطلاع على الأعمال المتوّجة والاستفادة من تجربتها.