يعدّ إكرام الضيف من مكارم الأخلاق وجميل الخصال التي اتصف بها الأنبياء ودعا إليها المرسلون، وتحلّت بها الأجاود كرام النفوس، فالمعروف بكرم الضيافة معروف بعلو المكانة والسيادة، فما ساد أحد في الجاهلية ولا في الإسلام، إلا كان من كمال سؤدده إطعام الطعام وإكرام الضيف، فالعرب لم تكن تعدّ الجود إلا قِرى الضَّيف وإطعام الطعام، ولا تعتبر المرء سخيا ما لم تتوفر فيه خصلة الكرم والجود، وقد حثَّنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على إكرام الضيف؛ عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : «من كان يؤمنُ بالله واليوم الآخر فليُكرم ضيفه». وقال النبي صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: «إن لزَوْرِك عليك حقّا»، وفي رواية أخرى «لضيفك عليك حقا». وعن ابن عباس رضي الله عنهما قال: خطب رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم تبوك فقال: «ما من الناس مثل رجل آخذ بعنان فرسه، فيجاهد في سبيل الله، ويجتنب شرور الناس، ومثل رجل في غنمه يقري ضيفَهُ ويؤدِّي حقَّهُ» فيا لهذا الكرم المفقود في أيامنا هذه التي شح فيها المرء وضاقت أخلاقه وبات يدعو أن لا يأتي إليه ضيف ليزعجه، وهو لا يدرك أن الضيف يجلب البركة والملائكة، لقوله صلى الله عليه وسلّم: )لا تزال الملائكة تصلى على أحدكم ما دامت مائدتة موضوعة بين يديه حتى يرفع(. ومن تمام الضيافة أن تفرح بمقدم ضيفك، تلاطفَهُ بحسن الحديث، تشكرَه على مجيئه وتحمّله عناء الطريق، تسهر على خدمته، وتظهر له فرحتك وبشاشةَ وجهك التي تغنيه قطعا عن طعامك وشرابك، ورحم الله من قال قديما: بشاشةُ وجْه المرء خيرٌ من القِرَى، فكيف بمن يأتي وهو ضَاحِكُ؟ إكرام الضيف كان حديثنا اليوم، هذه الخصلة الكريمة التي تدلّ على رقي أخلاق صاحبها، وهي مفتاح آخر من مفاتيح الخير يفتح بفضلها باب المحبة والألفة بين الأهل، الجيران والأحبة، فتحل البركة على البيوت المضيافة في هذا الشهر الكريم الذي يعد أيضا ضيفا كريما هلّ ومعه الخير كلّه، بما فيه الرحمة، المغفرة والعتق من النار، فحري بنا إذا أن نكرم خير الشهور، بتبجيله، توقيره ومراعاة حرمته، ونكرم ضيوفا جاؤوا فرحين بمقدمه يسألون عن أحوالنا ويحيوا معنا السهرات الرمضانية التي لا طعم لها لولا وجودهم معنا على مائدة عامرة بمشاعر الأخوة، المحبة والوئام في شهر الصيام .