عززت الجزائر تواجد الفرق الأمنية المتخصصة في حراسة الحدود على الشريط الشرقي للبلاد بتنصيب سريتين إضافيتين تابعتين للدرك الوطني، مهمتهما حماية مراقبة التحركات المشبوهة للعناصر النشطة ضمن المجموعات الإرهابية أو عصابات التهريب بمختلف أشكاله، وذلك تنفيذا للتدابير المتخذة من قبل الحكومة في الفترة الأخيرة لتضييق الخناق على مهربي الوقود وكذا تجسيدا لالتزامها بتقوية التعاون والتنسيق الأمني مع السلطات التونسية التي أعلنت من جهتها الحرب على الجماعات الإرهابية المتمركزة بالحدود مع الجزائر. فتبعا للقرارات الأولى التي تمخض عنها الاجتماع الوزاري في 4 جويلية الماضي، والذي خصص للنظر في مشكل تفاقم ظاهرة التهريب على الحدود الشرقية والغربية للبلاد، قامت القيادة العامة للدرك الوطني في الفترة الأخيرة بدعم وحدات حرس الحدود التابعة لها، بسريتين جديدتين، على الشريط الحدودي لولاية تبسة، حيث تمركزت السرية الأولى بمنطقة بكارية، بينما تمركزت الثانية بمنطقة الكويف، وستعمل هاتان السريتان بداية من أكتوبر المقبل تحت إشراف المقاطعة الجهوية الخامسة لمجموعات حرس الحدود التي تم استحداثها بمنطقة العوينات، والتي ستضمن أيضا التغطية الأمنية لولايتي سوق أهراس والطارف، مع الإشارة إلى أن قيادة الدرك الوطني تضمن التغطية الأمنية لهذا الشريط الحدودي الشرقي ب28 فرقة للدرك الوطني و4 فرق إقليمية و4 فرق للأمن والبحث تختص إحداها في أمن الأشخاص والممتلكات. فضلا عن وحدتي مجموعات حرس الحدود المتمركزتين ببئر العاتر والعوينات والسرية المتحركة للأمن. وإلى جانب المهام العملياتية والنشاط الميداني المنوط بها، تضمن المقاطعة الجهوية الخامسة التابعة للدرك الوطني، تكوينا بيداغوجيا نوعيا لفائدة القوات المحمولة في المروحيات، ما يجعل هذا الهيكل الأمني المنشأ حديثا الثاني من نوعه من حيث المهام المنوطة به، على المستوى الوطني. وإذ يندرج استحداث السريتين الجديدتين لحرس الحدود بالجهة الشرقية للبلاد في إطار التدابير الأمنية التي اتخذتها القيادة الجهوية الخامسة للدرك الوطني لتعزيز إمكانيات ووسائل مراقبة هذا الشريط الحدودي الذي يمتد على طول 300 كلم، فهو يدخل في سياق التدابير العملية التي أقرتها الحكومة لتضييق الخناق على عصابات الإجرام التي تخصصت في تهريب الوقود ومختلف المواد الاستهلاكية الأساسية من الجزائر إلى دول الجوار، مقابل إغراق البلاد بالمخدرات وبعض المواد الممنوعة المستقدمة من بعض هذه الدول. وشملت إجراءات مكافحة تهريب الوقود التي تمت مباشرتها بشكل فوري عقب إصدار أولى قرارات المجلس الوزاري المنعقد مطلع جويلية الفارط، مراقبة حركة التزود بالوقود داخل محطات الخدمات المتواجدة بالولايات الحدودية، بفرض تعامل أصحابها بالسجل لتحديد الكميات الموزعة وتسقيفها، فضلا عن تعزيز التواجد الأمني داخل هذه المحطات وتكثيف المراقبة الأمنية والجمركية في المناطق الحدودية المعنية، مع دعم مراكز المراقبة ومضاعفة عدد الدوريات المتنقلة، وتقوية التنسيق والعمل المعلوماتي فيما بين المصالح الأمنية المكلفة بهذه المهام لتحديد هوية المهربين، فضلا عن الحجز التلقائي لكل المركبات التي تتوفر على خزانين وتلك المزودة بمخابئ مجهزة للوقود، مع وضع بطاقية لهذه المركبات تساعد مصالح الأمن على العثور على أصحابها في حال التخلي عنها أثناء عمليات المطاردة، في انتظار مرافقة واستكمال هذه التدابير الوقائية بإجراءات قانونية ردعية لتشديد الخناق على المهربين. كما يندرج تعزيز الجهاز الأمني على الشريط الحدودي الشرقي للوطن، في إطار تجسيد التزام الجزائر بتقوية التعاون والتنسيق الأمني مع الجارة تونس، وتنفيذ الإجراءات العملياتية التي تم الاتفاق عليها خلال جلسة العمل التي عقدها البلدان بمناسبة زيارة وزير الخارجية التونسي، عثمان الجرندي، إلى الجزائر الأسبوع الماضي، والتي تزامنت مع تصاعد العمل الإرهابي بتونس واستهداف عناصر الجيش التونسي بجبل الشعانبي المتاخم للحدود مع الجزائر، حيث أكد وزير الخارجية مراد مدلسي حينها بأن التعاون الأمني القائم بين البلدين له أهداف واضحة وتجند له الإمكانيات اللازمة، معلنا عن قرار البلدين العمل على تنويع هذا التعاون الأمني وتكييفه مع تطور الأحداث وطبيعة التحديات التي ظهرت في الفترة الأخيرة بفعل الظروف التي تعيشها تونس. وتفرض تحديات المرحلة التي تمر بها المنطقة المغاربية على الجزائر فضلا عن تعزيز التنسيق الأمني والعسكري مع جيرانها، تقوية التنسيق الأمني الداخلي من خلال تحقيق الانسجام بين مختلف مصالحها الأمنية، وفي مقدمتها فرق حرس الحدود التي تتمثل مهامها في الرصد الدائم للمناطق الحدودية والمراقبة والكشف عن أي توغل، أو محاولات المساس بسلامة التراب الوطني، إضافة إلى مهام مكافحة الهجرة غير الشرعية ومكافحة التهريب بكل أشكاله.