دقت عدة أطراف سياسية تونسية ناقوس الخطر من مغبة استمرار الأزمة الخانقة التي تعصف بالمشهد السياسي في هذا البلد منذ أشهر، وازدادت حدةً مع اغتيال النائب المعارض محمد براهمي في 25 جويلية الماضي. واشتدت الخلافات بين الائتلاف الحاكم بقيادة حركة النهضة الإسلامية وقوى المعارضة العلمانية حول خارطة الطريق، التي يريد كل طرف إقرارها من أجل إنهاء المرحلة الانتقالية والإعداد للانتخابات العامة الرئاسية والتشريعية المقبلة. وتتركز أهم الخلافات حول مسألة استقالة الحكومة وتشكيل حكومة تكنوقراطية غير متحزبة، واستئناف نشاطات المجلس التأسيسي لإكمال الدستور، وفقا لجدول زمني محدد من حيث المهام والتوقيت. وفي ظل استمرار الاحتقان السياسي على المشهد التونسي قررت ”جبهة الإنقاذ” المعارضة، ”مواصلة التعبئة الشعبية السلمية” ضمن مساعيها الرامية إلى الضغط على حكومة النهضة لحملها على الاستقالة. وتبادلَ الفرقاء التونسيون الاتهامات حول فشل كل المبادرات التي طُرحت لحد الساعة لتسوية هذه الأزمة الخانقة، التي زادتها حدة حالة الانفلات الأمني الذي تتخبط فيه البلاد، إضافة إلى التدهور الاقتصادي. وأمام هذا الوضع الخطير شدّد الاتحاد العام التونسي للشغل راعي المفاوضات بين الطرفين، على ”ضرورة الإعداد لانتخابات شفافة تعطي صورة حقيقية لثورة الياسمين”، التي أطاحت بنظام الرئيس السابق زين العابدين بن على في 14 جانفي 2011. ولفت إلى أنه ”لا يمكن تنظيم انتخابات في ظل محاولة سيطرة بعض الأطراف على مفاصل الدولة”، في إشارة إلى التعيينات التي قامت بها حكومة الائتلاف الحاكم، والتي تطالب المعارضة بمراجعتها. وعرفت تونس في الفترة الأخيرة مسيرات حاشدة ومظاهرات صاخبة تطالب بإسقاط الحكومة التي يقودها حزب النهضة الإسلامي، التي اتهموها بالفشل ”في ضبط الأمن وفي مواجهة تنامي الحركات الإسلامية الجهادية”، وهو ما جعل عدة أطراف تونسية تؤكد أن الاحتقان السياسي في البلاد أصبح ”يهدد سلامة وأسس” القطاعات الاقتصادية أكثر من أي وقت مضى. وفي هذا السياق، أعرب البنك المركزي التونسي عن ”قلقه الشديد إزاء استمرار المخاطر التي قد تعيق” تطور الاقتصاد التونسي جراء انعدام الرؤية لدى الفاعلين الاقتصاديين، مما اعتُبر أن ذلك سيُلحق الأضرار بقطاع الإنتاج والتصدير. أما على الصعيد الأمني، فإن تونس تعيش على وقع مواجهات عنيفة ضد ”العصابات الإرهابية” في مختلف المناطق؛ حيث تم تفكيك العديد من الشبكات الإرهابية، وتم العثور على عتاد حربي ومعدات عسكرية قادمة من الأراضي الليبية، فيما اعتقلت قوات الأمن عدة عناصر مسلحة.