استُقبل وزير الشؤون الخارجية السيد رمطان لعمامرة، أمس، من طرف الرئيس النيجري ماحامادو إيسوفو بعد وصوله إلى نيامي، في زيارة صداقة وعمل إلى هذا البلد، في إطار جولة إقليمية قادته كذلك إلى كل من موريتانياومالي. وفي هذا الصدد، أكد الرئيس النيجري عقب هذا الاستقبال، أن الجزائر بلد كبير له دور "فعال" في استقرار منطقة الساحل وتنميتها، مشيرا إلى أن "المشاريع المهيكلة على غرار أنبوب الغاز والطريق العابر للصحراء، من شأنها تأمين المنطقة، وأعتقد أنه بإمكان الجزائر أن تلعب دورا هاما للغاية في هذا المجال". ووصف الرئيس النيجري العلاقات الثنائية ب "الجيدة"، مؤكدا أن البلدين اللذين يتقاسمان حدودا كبيرة ويواجهان نفس التحديات والتهديدات، "يشاطران نفس الرؤية إزاء المسائل الكبرى". ودعا في هذا الصدد إلى خلق الظروف المواتية لضمان أمن المنطقة وتنميتها، مشيرا إلى أن ذلك يمر عبر تضافر الجهود وتفعيل سبل "تأمين السكان وطمأنتهم". من جهته، أكد السيد لعمامرة على الاهتمام الذي يوليه الرئيس بوتفليقة لمنطقة الساحل، مشيرا إلى ضرورة تبادل وجهات النظر والتشاور حول مشاكل المنطقة وأفق تعزيز العمل المشترك بين دول هذه المنطقة. وقال في هذا الصدد إن "الوقت قد حان لفتح آفاق جديدة من أجل تعاون معزز أكثر"، قبل أن يضيف قائلا: "سيشرفني أن أقدّم لرئيس الجمهورية تقريرا حول التزام الرئيس إيسوفو التام على نفس الدرب، وهو درب استقرار أكبر وأمن مشترك لفائدة شعوبنا وجميع سكان منطقتنا". كما تحادث وزير الشؤون الخارجية مع الوزير الأول النيجري السيد بريجي رافيني، إذ استعرض الطرفان خلال اللقاء وضع العلاقات الثنائية والمسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وهي المحاور التي تطرق إليها السيد لعمامرة في لقائه مع وزير الشؤون الخارجية والتعاون النيجري محمد بازوم. وقبل ذلك كان وزير الشؤون الخارجية قد استُقبل، أول أمس، بباماكو من طرف الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايطا، حيث تطرق الجانبان للعلاقات الثنائية والمسائل الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك. وعقب هذا الاستقبال، حيّا الرئيس المالي دور الجزائر، وأشاد بمساهمة الرئيس عبد العزيز بوتفليقة في تسوية أزمة بلاده، قائلا في هذا الصدد: "نعلّق عليه آمالا كبيرة لاستتباب السلم والاستقرار في بلدنا". وبعد أن وصف العلاقات الجزائريةالمالية ب "الممتازة" قال الرئيس المالي: "لن نجد أحدا أفضل من الرئيس بوتفليقة وإخواننا الجزائريين لمساعدتنا على استتباب السلم"، مضيفا أن دعم الجزائر يبقى أساسيا. من جهته، جدّد السيد لعمامرة دعم الجزائرلمالي، مؤكدا أنه من أولوياتها. كما تحادث وزير الشؤون الخارجية مع الممثل السامي للاتحاد الإفريقي من أجل مالي بيار بويويا، ودارت المحادثات حول المسائل الإقليمية والقارية. وفي لقاء صحفي بمقر سفارة الجزائر بباماكو، أكد وزير الشؤون الخارجية السيد رمطان لعمامرة، أن الجزائر قدّمت مساهمة "معتبرة" لحل الأزمة في مالي؛ سواء من حيث الدعم اللوجستي أو من حيث المساعدة على التنمية. وأوضح السيد لعمامرة أنه "خلال الأزمة المالية التزمت الجزائر بشكل كبير في التعاون مع القوات المسلحة المالية، وبعدها في الجهود التي بُذلت من أجل تأهيل هذه القوات المسلحة"، مضيفا في هذا السياق: "لقد كان تواجدا كبيرا حتى وإن كان رصينا في تكوين الإطارات العسكرية المالية في مختلف التخصصات، ولن يتوقف ذلك أبدا". وأوضح رئيس الدبلوماسية الجزائرية أن الجزائر قدّمت "مساهمة لم تكن هيّنة ولا ثانوية وإنما كانت معتبرة"، مضيفا أن "المشاركة في التكوين والتجهيز وفي جعل عدد من وحدات القوات المسلحة لبلدان الميدان الثلاثة (ماليوموريتانيا والنيجر)، تُعد واجبا بالنسبة لنا واستثمارا للأمان الجماعي". وأشار إلى أنه يتوجب "اليوم النظر إلى المستقبل وبناء نظرة مشتركة قائمة على الثقة المتبادَلة الموجودة بين بلدينا"، ويتعلق الأمر بتعزيز الجبهة الداخلية من خلال المصالحة الوطنية، التي ستضع مالي بمنأي عن التدخلات". وأكد السيد لعمامرة أن "الجزائر التي لا مصلحة لها سوى أن ترى مالي مستقرا في جوارها المباشر"، لن تدّخر أي جهد لتعزيز هذا التوجه. كما وصف العلاقات الجزائريةالمالية ب "الممتازة" و«الواعدة"؛ كون الأمر يتعلق ببلدين "ينتميان إلى نفس الفضاء الساحلي الصحراوي"، مذكرا بأن الرئيس بوتفليقة كان "طرفا أساسيا في هذا التقارب العميق بين الشعبين الجزائريوالمالي في نهاية الخمسينيات وبداية الستينيات"، وأن مالي يحتل مكانة مميزة في الذاكرة الجماعية للجزائر. واستطرد الوزير بالقول إن "زيارتي لمالي تأتي في الوقت المناسب للبحث عما يجب القيام به بين الجزائريينوالماليين، كمكون هام في هذا الفضاء الساحلي الصحراوي؛ إذ يتعلق الأمر أيضا "بالنظر سويا في الظروف التي يمكننا أن نبني عليها مستقبل علاقتنا الثنائية، في الوقت الذي يتجند المجتمع الدولي حول إشكالية الساحل، لاسيما من خلال الاستراتيجية المدمجة لمنظمة الأممالمتحدة لتنمية الساحل، والزيارة المقبلة التي سيقوم بها إلى مالي كل من الأمين العام الأممي ورئيس البنك العالمي ورئيسة مفوضية الاتحاد الإفريقي". وأعلن رئيس الدبلوماسية الجزائرية بهذه المناسبة، عن انعقاد يوم 5 نوفمبر المقبل في باماكو، اجتماع هام حول مالي والساحل، والذي سيسمح لبلدان المنطقة ب "تأكيد موقفها كأطراف أساسية في استرجاع السلم والأمن، وكذا في جهود التنمية في منطقتهم بمساعدة المجتمع الدولي"، مؤكدا أن "الوقت قد حان في ظل التغيرات التي شهدها مالي للمضيّ قدما في تعزيز المكتسبات الديمقراطية والأمنية والإنمائية". وذكر السيد لعمامرة في هذا الصدد، بأن الرئيس بوتفليقة "يعتبر أنه يتعين علينا تعزيز قدراتنا لنصبح في موقف يسمح لنا بالتأثير على مجرى الأحداث، وفقا لمبادئنا وأهدافنا وانشغالاتنا. وبنفس الطريقة ينبغي إلى جانب هذا التعزيز، تصوّر شراكة واسعة قدر الإمكان من حيث تكوين وتأهيل أدواتنا للتدخل". وعن سؤال حول ما تناقلته بعض الصحف بخصوص العلاقات الجزائريةالمالية بعد أن شارك العاهل المغربي محمد السادس بصفة ضيف شرف في حفل تنصيب الرئيس المالي إبراهيم بوبكر كايطا، صرح السيد لعمامرة بأن "بعض وسائل الإعلام حاولت بتفنّنها المعهود في الإثارة، إحداث زوبعة في فنجان". وبخصوص قضية الدبلوماسيين الجزائريين المختطَفين في شمال مالي سنة 2012، أكد وزير الشؤون الخارجية أن الدولة الجزائرية تظل مجنَّدة لإطلاق سراحهم، مشيرا إلى أن «الجزائر لن تخضع للإرهاب، وستظل مجنَّدة لإطلاق سراح دبلوماسييها المختطَفين". وقال في هذا الصدد: "أجدد تعاطفنا العميق وتضامننا مع مواطنينا ضحايا واجبهم المهني"، مؤكدا "التزام الدولة الكبير" ببذل كل الجهود للتوصل إلى "نهاية سعيدة" لهذه المسألة. كما أكد السيد لعمامرة أن "الجزائر تبنت بحزم دور مصدر للأمن والاستقرار، وستسهر على أن لا يُستعمل ترابها في أعمال إرهابية، وذلك يستلزم تأمين حدودها". وتندرج الزيارة التي يقوم بها السيد لعمامرة إلى بلدان الميدان الثلاثة (موريتانيا، مالي والنيجر)، في إطار تعزيز العلاقات العريقة والمميزة التي تربط الجزائر بكل من هذه البلدان. وقد سمحت المحادثات التي أجراها رئيس الدبلوماسية الجزائرية مع المسؤولين السامين لهذه البلدان، باستعراض العلاقات الثنائية في مختلف المجالات، وتعزيز التشاور السياسي، وتدعيم تطابق وجهات النظر حول الرهانات والتحديات التي تواجهها المنطقة في مجال الأمن والاستقرار والتنمية.