أعلنت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات، أن اجتماعا للجنة الخبراء المكلفة بمكافحة داء الملاريا سيُعقد غدا الإثنين بالعاصمة، لدراسة نتائج لجان التحقيق الموفدة إلى كل من ولاية غردايةوباتنة، وبحث حالات الإصابة بهذا الداء المسجلة مؤخرا بالولايتين. وأكدت الوزارة أمس أن الوضعية تحت السيطرة، وأن كل التدابير اتُّخذت سواء من ناحية التكفل بالمصابين أو من ناحية القضاء على العامل الناقل للداء. أما الأخصائيون فأكدوا أن الحالات المسجلة وردت عن طريق بعض الجزائريين الذين زاروا بلدانا إفريقية دون أخذ الاحتياطات اللازمة، كالتلقيح والخضوع مسبقا للأدوية الواقية من هذا المرض، كما حذّروا من خطورة هذا المرض الذي يُعد معديا وينتقل عن طريق لسعات البعوض. كما أعلنت وزارة الصحة والسكان وإصلاح المستشفيات أمس، في بيان لها تلقت "المساء" نسخة منه، أن كل التدابير التي اتُّخذت عقب ظهور حالات الملاريا، تبقى سارية المفعول، سيما تلك التي شُرع فيها لمراقبة الولايات الحدودية. وأفاد البيان أن ولاية باتنة سُجل بها أربع إصابات، توفي على إثرها ضحيتان، فيما غادر الثالث المستشفى، بينما يخضع الرابع للعلاج. أما في ولاية غرداية فسُجلت 9 حالات وحالة وفاة واحدة وأربع حالات غادرت المستشفى بعد شفائها. وأوضح المسؤول الإعلامي لوزارة الصحة السيد سليم بلقسام، أن لقاء الإثنين سيكون فرصة لدراسة المعطيات التي تم جمعها من الميدان بخصوص صنف ونوع المرض بمنطقة غرداية، وكذا دراسة الوسائل المجنّدة والجهود المبذولة من مختلف الفاعلين لتدعيم مراقبة هذا الداء وتنفيذ التدخلات الموجهة لاستئصاله، بالإضافة إلى التحسيس بضرورة تدعيم قدرات المراقبة، ووضع استراتيجية مبنية على قواعد فعالة لاستئصال حمى المستنقعات، يضيف المسؤول. وكانت وزارة الصحة قد أوفدت فرقا إلى الولايات التي تم بها تسجيل حالات من هذا الداء، وهي غردايةوباتنة، وأخيرا وهران، التي ظهرت بها حالتان. من جهته، أكد الدكتور زيدومي نور الدين المتخصص في الأمراض التنفسية بمستشفى باب الوادي في اتصال مع "المساء"، أن الحالات المسجلة مؤخرا واردة من بعض البلدان الإفريقية، لا سيما مالي والنيجر، الدولتين الحدوديتين اللتين تعرفان انتشارا كبيرا للأمراض الطفيلية. وأوضح الدكتور زيدومي أن هذا الداء ينتقل عن طريق لسعات البعوض. وذكر محدثنا أن فرضية ورود هذا الداء من بلدان إفريقيا لا سيما المتاخمة للجزائر، يؤكدها ظهور الحالات في ولايات بالجنوب، أما في ظهورها في ولايات أخرى كوهران فهذا أمر يثير القلق، ويتطلب اتخاذ إجراءات عاجلة لاستئصال هذا الداء قبل فوات الأوان. أما الدكتور بقاط بركاني، رئيس عمادة الأطباء الجزائريين، فأوضح، من جهته، أن داء الملاريا المسجلة في بعض الولايات هذه الأيام، ناتج عن الحالات الواردة، وعلى الخصوص الأشخاص الذين يتنقلون إلى إفريقيا، ولا يلتزمون بسلسلة من الاحتياطات اللازمة لمواجهة هذا المرض المنتشر في إفريقيا، مشيرا إلى أن السبب يعود كذلك إلى غياب ثقافة العلاج الوقائي، الذي شجع على انتشار بؤر هذه الحشرات الناقلة للمرض. ويعمل أخصائيون من المعهد الوطني للصحة ومعهد باستور تم تجنيدهم من طرف وزارة الصحة من أجل تحديد استراتيجية للوقاية، ومواجهة خطر انتشار هذا المرض المتنقل عموما عن طريق البعوض، فيما جنّدت الوزارة المصالح المعنية للصيدلية المركزية للمستشفيات، التي تتوفر على مخزونات للأدوية، لاسيما مضادات الملاريا للاستجابة للحاجيات الإضافية. للإشارة، فقد تم تحديد ثلاث بؤر لحمى المستنقعات بمنطقة العطف بغرداية من طرف فريق مكلف بتحقيق حول هذا الوباء والحشرات الناقلة له، فيما تم الكشف عن 9 حالات مؤكدة منذ ظهور هذا المرض الطفيلي المعدي مطلع الشهر الجاري. كما سُجلت حالة وفاة واحدة في باتنة وإصابتان بوهران، حيث أكد مسؤولو الصحة أمس أنها لا تدعو إلى القلق بفضل الفحص والكشف المبكرين. يُذكر أن أغلب الحالات المسجلة مؤخرا للإصابة بالملاريا مرجّح أن تكون العدوى واردة من بوركينافاسو؛ حيث كشف مصدر طبي أن زهاء 700 مناصر ذهبوا إلى هذا البلد لمناصرة الفريق الوطني خلال مقابلة الذهاب الفاصلة لتصفيات كأس العالم، لم يخضعوا للقاح ضد الملاريا. ويدعو مسؤولو الصحة إلى المراقبة الدائمة من أجل استئصال هذا الداء في الجزائر، إذ بلغ عدد حالات الإصابة به ألف حالة في 1962 مقابل 300 حالة في 2010؛ حوالي 90 بالمائة منها واردة من خارج البلاد.