تعرف الساحة السياسية في الفترة الأخيرة انتعاشا محسوسا مع اقتراب موعد الانتخابات الرئاسية المقررة في أفريل 2014، وما أفرزته من اختلاف في المواقف بين قوى سياسية داعية لترشيح الرئيس عبد العزيز بوتفليقة لعهدة رئاسية جديدة، وقوى أخرى تعارض هذا الطرح، غير أنها لم تتمكن بعد من بلوغ التوافق فيما بينها، فيما فضّل عدد من التشكيلات السياسية إرجاء الإعلان عن موقفها إلى حين عقد مؤتمراتها وندواتها المقررة خلال شهر ديسمبر الجاري. ففي ظل تزايد دائرة المنادين بدعم رئيس الجمهورية السيد عبد العزيز بوتفليقة ومناشدته الترشح لعهدة رابعة؛ من أجل استكمال برنامجه وتثمين حالة الاستقرار الأمني والسياسي والاقتصادي والاجتماعي الذي تحقق في البلاد بفضل إنجاراته، لازالت القوى التي تسمي نفسها قوى المعارضة، لم تصل بعد إلى حل توافقي يكون بمثابة البديل لمقاربتها، التي شرعت في الترويج لها منذ أن تجلت أولى معالم التأييد لترشيح الرئيس لعهدة جديدة. ولاستباق القرار الأخير الذي قد يفضي إلى هذا الحل التوافقي المنشود، لم تتأخر بعض التشكيلات السياسية أو بالأحرى بعض قادة التشكيلات السياسية، في الإعلان عن مرشحها للرئاسيات مثلما فعل رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق، الذي يقدم نفسه كمرشح ل "حمس" لخوض الانتخابات الرئاسية القادمة، مؤكدا في الوقت نفسه، تمسّك الحركة بالحل التوافقي مع الأحزاب الأخرى؛ على اعتبار ذلك يشكل "أفضل ضمان للسير النزيه للاستحقاقات المرتقبة في الربيع المقبل"، على حد تعبيره. وبعيدا عن حلبة الشد والجذب التي تنشّطها جبهتا الدعم والاعتراض لترشيح الرئيس لعهدة جديدة، فضّلت بعض التشكيلات السياسية تمديد فترة الترقب والتريث إلى حين اتضاح الرؤية، وتوفر المزيد من المعطيات حول الموعد الرئاسي القادم، لإعلان موقفها النهائي من هذا الحدث الهام، وقررت طرح المسألة في اجتماعات تخص هياكلها، ثم الفصل فيها خلال ندوات ومؤتمرات برمجتها قبل نهاية ديسمبر الجاري. وبغضّ النظر عن الموقف والاتجاه الذي تعتزم كل تشكيلة تبنّيه حول هذا الموعد السياسي المصيري، فقد التقت خطابات قادة التشكيلات السياسية، التي اعتادت تكثيف نشاطاتها في نهاية كل أسبوع حول الدعوة إلى إنجاح الانتخابات الرئاسية، وجعلها عرسا ديمقراطيا، تكون فيه الغلبة للمنافسة الشريفة والشفافية في والنزاهة في التنظيم. وفي هذا الإطار، دعا التجمع من أجل الثقافة والديمقراطية إلى الإجماع حول أدنى قدر من الطابع الجمهوري؛ للتمكن من تطهير المناخ السياسي في الجزائر، مجددا اقتراحه وضع لجنة وطنية دائمة مكلفة بتسيير الانتخابات ومرصد وطني للانتخابات، تحوَّل إليهما مهام التنظيم والتسيير والإشراف على كل الانتخابات ومختلف المراحل التي تخص مرحلة تحضيرها. من جانبه، عبّر رئيس حركة مجتمع السلم عبد الرزاق مقري عن نية حزبه في العمل والتعاون مع مكونات الطبقة السياسية؛ من أجل ضمان نزاهة الانتخابات وتوفير الشروط المناسبة للمنافسة الحقيقية، غير مستبعد في المقابل لجوء تشكيلته السياسية إلى خيار المقاطعة في حال تبين لها بأن هذه الشروط غير متوفرة. وجدّد الأمين العام بالنيابة للتجمع الوطني الديمقراطي عبد القادر بن صالح، في لقاء نشّطه بوهران، دعم حزبه لعهدة رابعة للرئيس بوتفليقة، مؤكدا أن استقرار البلاد يُعد خطا أحمر لا يجوز تجاوزه. وأوضح في سياق متصل، بأن مواقف حزبه تبقى مقرونة بمبادئه وقناعاته التي لا تقبل المساومة أو المقايضة. ونفس الموقف عبّر عنه رئيس تجمع أمل الجزائر"تاج" عمار غول، خلال تجمّع نسوي نظمته تشكيلته بتيبازة، حيث جدّد وفاء حزبه للرئيس عبد العزيز بوتفليقة في حال ترشحه لعهدة رابعة، متعهدا، بالمناسبة، بالعمل على جعل هذه الرئاسيات بمثابة "عرس جزائري". وفي حين أكد رئيس جبهة المستقبل عبد العزيز بلعيد، بأن موقف حزبه من الانتخابات الرئاسية المقبلة سيعود للمناضلين ولما سينبثق عن المؤتمر الوطني للحزب الذي سينعقد في ديسمبر الجاري، مشددا على أن تشكيلته لن تكون "لجنة مساندة لأيٍّ كان"، أشار رئيس عهد 54 علي فوزي رباعين من جانبه، إلى أن قرار حزبه حول المشاركة في الانتخابات الرئاسية المقبلة، سيتم اتخاذه خلال ندوة وطنية لإطارات الحزب ستنعقد قريبا. ودعا بالمناسبة إلى تطبيق التوصيات التي كانت قد رفعتها اللجنة السياسية لمراقبة الانتخابات الماضية؛ من أجل ضمان انتخابات حرة ونزيهة.