استبعد وزير الخارجية الإسرائيلي، افيغدور ليبرمان، إمكانية التوصل إلى اتفاق سلام دائم أو حتى مرحلي في الفترة المقبلة مع الطرف الفلسطيني خلال مفاوضات السلام الجارية حاليا بين الجانبين برعاية أمريكية. وقال ليبرمان المعروف عنه تطرفه ورفضه لكل ما هو فلسطيني خلال زيارة قام بها الى الولاياتالمتحدةالأمريكية أن "الثقة اليوم بين الجانبين قريبة من الصفر" بما لا يترك مجالا للشك أن مفاوضات السلام التي تعول عليها الولاياتالمتحدة تكون قد دخلت فعلا طريقا مسدودا. وهو ما يتناقض تماما مع تصريحات نظيره الأمريكي جون كيري التي اعتقد خلالها بقرب تحقيق السلام عندما قال في ختام زيارته، أول أمس، إلى فلسطينالمحتلة "أعتقد أننا أصبحنا أقرب للسلام والازدهار والأمن الذي يستحقه كل سكان هذه المنطقة ونحن أقرب ما يكون إلى ذلك منذ عدة سنوات". ولكن ليبرمان لم ينتظر طويلا ليرد على تفاؤل كيري بالقول إنه "من غير الممكن تحقيق السلام بدون وجود مصداقية ما". بل ذهب إلى أبعد من ذلك عندما عبر عن اعتقاده بعدم إمكانية التوصل إلى أي اتفاق سلام في السنوات القادمة. والحقيقة أن رئيس الدبلوماسية الإسرائيلية المعتاد على مثل هذه الخرجات التي طالما شكلت ضربات قاسية لمساعي السلام لم يخطئ في تقديراته بعدم إمكانية إحراز أي تقدم خلال العملية السلمية الجارية حاليا. ودليل ذلك أن حكومة الاحتلال عمدت ومنذ استئناف محادثات السلام بنهاية جويلية الماضي تحت رعاية أمريكية إلى وضع العراقيل والعقبات التي لا توفر أدنى الأجواء المناسبة للتقدم في هذه العملية. فهي لم تتوقف عن انتهاكاتها التي طالت كل شيء في فلسطينالمحتلة من مقدسات تتعرض يوميا لأبشع المخططات التهويدية وأرض تصادر ويطرد أصحابها من بيوتهم وقراهم لتغزوها المستوطنات التي أصبحت مثل السرطان ناهيك عن الاعتقالات وعمليات القتل التي تطال الفلسطينيين في كل زمان ومكان. وهي كلها اعتداءات وانتهاكات تجري أمام مرأى ومسمع المجموعة الدولية وفي مقدمتها الولاياتالمتحدة التي تكتفي في كل مرة بحث الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي على مواصلة المحادثات دون أن تكون لها الجرأة في معاقبة إسرائيل باعتبارها الطرف المعرقل أو توجيه أدنى توبيخ لها. ويبدو أن وزير الخارجية الأمريكي الذي يسعى جاهدا إلى إقناع الجانبين بالتوصل إلى أرضية توافقية في أقرب وقت قد اقتنع هو الآخر باستحالة تحقيق ذلك في أجال التسعة الأشهر المحدد سابقا للتفاوض. وهو ما جعله يحث الفلسطينيين والإسرائيليين على مد محادثات السلام إلى فترة ما بعد الإطار الزمني المحدد سابقا من أجل تجنب فشل محتمل. ويكون كيري قد اضطر إلى ذلك بعدما لمس بقاء هوة الخلاف الكبيرة في الآراء بين مواقف كل من الرئيس الفلسطيني محمود عباس ورئيس الوزراء بنيامين نتانياهو. ويكون أدرك أيضا أن تقريب وجهات النظر لن يكون بالأمر السهل لأن تسوية كل القضايا العالقة والتي تشكل جوهر الصراع الفلسطيني الإسرائيلي كقضايا القدس وعودة اللاجئين والحدود والأسرى حلها لن يكون بالأمر الهين في ظل استمرار التعنت الإسرائيلي الرافض أصلا لإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة.