يلقي مئات آلاف الجنوب إفريقيين، اليوم، بملعب بمدينة سويتو، النظرة الأخيرة على جثمان رئيسهم الراحل ورمز وحدتهم ونضالهم ضد نظام الميز العنصري، نيلسون مانديلا، الذي وافته المنية ليلة الخميس إلى الجمعة الماضية عن عمر ناهز 95 عاما. وارتأت السلطات الجنوب إفريقية تنظيم هذه التأبينية بملعب سوكر سيتي على اعتبار أن آخر ظهور للفقيد كان على أرضية هذا الملعب، بمناسبة احتضان جنوب إفريقيا لنهائيات كأس العالم 2010 وأيضا لأنه يوجد في مدينة كانت رمز الكفاح والعناد ضد سلطات نظام الميز العنصري. وتعد سويتو اكبر غيتو في جنوب إفريقيا والتي أقام فيها الرئيس الراحل وعرف بروزه كقائد ملهم منذ أن شاهد وعاين بأم عينيه درجة المأساة والمعاناة التي كان يعاني منها بنو جلدته من السكان السود الذين كانوا مجرد عبيد في بلدهم الأصلي، وذلك على مقربة من العاصمة جوهانسبورغ التي كانت محرمة عليهم بسبب لون بشرتهم مع أنهم أبناء الوطن الأصليين. ومن هذا الحي المدينة أيضا- اعتقل مادنيلا بسبب نشاطه بعد أن وضعه البوليس العنصري تحت عينيه بعدما لاحظ لديه بوادر قائد قد يشكل خطرا على نظامه وأدرجه ضمن قائمة الإرهابيين الذين يجب تحييدهم قبل أن تقوى شوكتهم وتم ذلك فعلا عندما وضع في سجن روبن ايسلاند ”الكارتاس” جنوب إفريقيا التي قضى فيها 27 عاما من زهرة شبابه. وسيكون مئات آلاف الجنوب إفريقيين اليوم على موعد مع هذا الحدث الأليم ولكنهم لا يريدون تفويت المشاركة فيه رغم عناء الوصول إلى الملعب الذي سيحتضن آخر تأبينية على روح الفقيد ماديبا. ولتفادي أية تجاوزات فقد استدعت وزارة الدفاع آلاف الاحتياطيين للمساعدة على تنظيم السيول البشرية التي ستتدفق بداية من الساعة العاشرة صباحا على ملعب سوكر سيتي لتخليد ذكرى رحيل زعيمهم الرمز. والمناسبة ستكون أكبر تجمع أيضا لأكثر من مائة رئيس دولة ممن أكدوا مشاركتهم في مراسم توديع زعيم جنوب إفريقيا ورمز النضال ضد العنصرية واللامساواة بين الشعوب والأجناس والعرقيات. وهو ما سيجعل هذا البلد اليوم يتحول إلى مركز للعالم بعد أن تمكن مانديلا وهو في نعشه أن يجلب هذا العدد القياسي من قادة العالم والفنانين والمطربين والشخصيات الدينية العالمية في وقت عجزت فيه حتى هيئة الأممالمتحدة في جمعهم في مكان واحد وفي ساعة واحدة منذ تأسيسها قبل ستة عقود. يذكر أن الأسبوع التأبيني في جنوب إفريقيا انطلق، أول أمس الأحد، في مختلف كنائس البلاد أطلق عليه يوم ”الصلوات والتفكير”، حيث أحيا المصلون في مختلف الكنائس من سويتو إلى الكاب وجوهانسبورغ وبريتوريا وكل مدن وقرى البلاد قداسا واحدا كان طيف مانديلا فيها جميعا وأيضا في لندن وبيت لحم في فلسطينالمحتلة، حيث استذكر المصلون خصال الفقيد ومنجزاته يوم كان مناضلا وحين أصبح رئيسا لجنوب إفريقيا وبعد اعتزاله السياسة. وحسب الرئاسة الجنوب إفريقية فإن 91 رئيس دولة وحكومة حاليين وعشرة روؤساء سابقين و86 وفدا و75 شخصية عالمية مرموقة أكدوا مشاركتهم في مراسم التشييع وشرع بعضهم في الوصول إلى جوهانسبورغ تباعا، منذ مساء أمس، على رأسهم الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون. ويحضر رؤوساء: الولاياتالمتحدة، باراك أوباما، وفرنسا، فرانسوا هولاند، والبرازيل، ديلما روسيف، والرئيس الألماني جواكيم غوك، بعد أن تعذر على المستشارة الألمانية، إنجيلا ميركل، الحضور والوزير الأول البريطاني دافيد كامرون. وأيضا روؤساء سابقون مثل الأمريكيين جورج بوش وبيل كلينتون وجيمي كارتر والفرنسي نيكولا ساركوزي، وسيحضر مراسم التأبين أيضا الرئيس الفلسطيني محمود عباس والكوبي راوؤل كاسترو والنيجيري غودلوك جوناتان والوزير الأول الكندي، ستيفن هاربر، والرئيس المكسيكي، انريكي بينا نيتو، والأفغاني حامد كرزاي، والتونسي، محمد المرزوقي، ونائب الرئيس الصيني، لي يونشاو، وعبد القادر بن صالح رئيس مجلس الأمة الجزائري ورئيسة مجلس فيدرالية روسيا فلانتينا ماتفينكو. بالإضافة إلى الأمين العام الاممي بان كي مون ورئيسة الاتحاد الإفريقي نكوسزانا دلاميني زوما والأمين العام الاممي السابق، كوفي عنان، والدبلوماسي الجزائري الأخضر الإبراهيمي والأمير البريطاني شارل وملك هولندا وليام الكسندر.