حسم الناخبون الماليون في مسألة اختيار ممثليهم في البرلمان في الدور الثاني من الانتخابات التشريعية الذي نظم، أمس، في ظل أجواء متوترة غذاها الهجوم الانتحاري الذي خلف مقتل جنديين من القبعات الزرق المنتشرة في البلاد. ورغم أن إقبال الناخبين كان ضعيفا في هذا الدور فإن انتخابات أمس شكلت في حد ذاتها آخر عملية في مسار العودة إلى النظام الدستوري في مالي بعد انقلاب مارس 2012 الذي أدخل البلاد في حالة من الفوضى والعنف لا تزال مظاهرها قائمة إلى غاية الآن. وهو ما جعل الرئيس المالي، إبراهيم أبو بكر كايتا، يعرب عن أمله في حصول حزبه التجمع من أجل مالي وحلفائه على الأكثرية المريحة في الجمعية الوطنية حتى يتمكن من الإيفاء بوعوده في إحداث المصالحة الوطنية التي التزم بها غداة تنصبه رئيسا للبلاد. وهي المهمة التي لا تبدو سهلة خاصة في ظل استمرار التوتر الأمني وسط وقوع مزيد من التفجيرات الانتحارية التي تنفذها بقايا الجماعات المسلحة في شمال هذا البلد والتي تريد التأكيد أنها لا تزال قادرة على أخذ زمام المبادرة وتنفيذ هجمات في أي وقت وفي أي مكان. ودليل ذلك هجوم أول أمس الذي أودى بحياة جنديين سينغاليين من قوات الأممالمتحدة المنتشرة في مالي ”مينوسما” بمدينة كيدال والذي جاء عشية الدور الثاني من الانتخابات التشريعية.وفي محاولة منها للتأكيد على مسعاها في القضاء على هذه الجماعات، أعلنت فرنسا التي تقود عملية عسكرية واسعة النطاق بمدن شمال مالي وخاصة مدينة تومبوكتو أن قواتها قضت، أمس، على 19 ممن وصفتهم ب«الجهاديين”. واكتفى وزير الخارجية الفرنسي، لوران فابيوس، بالتأكيد على اعتقال العديد من ”المقاتلين الإسلاميين” في مالي دون أن يقدم مزيدا من التفاصيل حول الموضوع. وكانت مصادر إفريقية من قوة ”مينوسما” أكدت أن العملية التي تقودها القوات الفرنسية بمدينة تومبوكتو عملية ضخمة وتعد الأكبر من نوعها بهذه المنطقة منذ استرجاع كبرى مدن الشمال التي كانت تحت سيطرة الجماعات المسلحة قبل حوالي العام.