ما تنفقه الدولة على المشاريع السكنية بمختلف أنماطها ضخم جدا، وسابقة قد لا نجد مثلها حتى في الدول المتطورة، فبرامج السكنات الاجتماعية، والتساهمية، والترقوية، والبيع بالإيجار والبناء الريفي كلها تنبع من إرادة سياسية تؤسس للقضاء على مظاهر الفقر والحاجة خاصة توفير المسكن أو كما يسميه الجزائريون ”قبر الدنيا” وتعمل هذه العمليات التكفلية على توفير الراحة للمواطن وتأمين حياة عائلته وفي هذا لا ينكر ثمرة هذه الجهود والمساعي إلا جاحد. لكن الذي لا يمكن السكوت عنه أنه قد تعطى مشاريع سكنية ضخمة لمقاولين لا يعرفون قيمة المشروع إلا من خلال النظرة التجارية الضيقة التي يجنون من ورائها الأرباح، وفي هذا الخصوص ورغم تشديد السلطات العمومية والوزارة الوصية على جودة الإنجاز واحترام دفتر الشروط في الإنجاز والتجهيز إلا أن التجاوزات لا تنتهي، والدليل على ذلك هو أن بعض المساكن مثلا لا تصمد تجهيزاتها الخاصة بالإنارة كمآخذ الكهرباء وما يشوبها من غش في اختيار الأردأ من السلع، وكذا تجهيزات الحمام والمطبخ وغيرها. وقد سمعنا أن شركة سونلغاز مثلا تتحفظ أحيانا عن مشاريع لدواوين الترقية كون التجهيزات غير مطابقة للمواصفات الحقيقية الموجودة بدفتر الشروط وهي أحد الأدلة التي تكشف التجاوزات وجشع المقاولين الذين لا يتورعون عن تجهيز السكنات وغيرها من المشاريع العمومية الأخرى بحثالة التجهيزات في غياب جهاز حقيقي صارم للمراقبة والردع. نقول هذا لأن العديد من المواطنين الذين استفادوا من سكنات في إطار القضاء على القصدير أو البنايات الهشة أو الشاليهات اصطدموا بالعديد من النقائص التي لم تجد من يحاسب أصحابها. جميل أن تنفق الدولة ميزانية ضخمة للقضاء على مشكل السكن وتلبية حاجيات المواطنين ولكن الأجمل منه أن تمنع هؤلاء المقاولين من الالتفاف على أموال الدولة مقابل تجسيد مشاريع مغشوشة تحول نعمة السكن إلى متاعب يومية للمواطن.