يشتكي العديد من المواطنين من غياب الاتصال المباشر مع مسؤوليهم المحليين وعدم تمكنهم من إيصال انشغالاتهم التي عادة ما تبقى عالقة لسنوات، رغم تعدد أساليب الاتصال الذي يمكن أن يتم في دقائق معدودة باستعمال التكنولوجيات الحديثة، حيث لم تجد بعد طريقها لأغلبية بلديات العاصمة التي تعتمد على الاتصال التقليدي حيث لا تملك مواقع رسمية على الأنترنت أو بريدا إلكترونيا أو صفحة على شبكة التواصل الاجتماعي، رغم أهمية الأنترنت إذ أصبحت وسيلة ضرورية يومية للاتصال والتواصل بغرض كسب الوقت الذي عادة ما يضيعه المواطن في قاعات الانتظار إن وجدت. في الوقت الذي أصبح بإمكان المواطن الاتصال بمسؤوليه المحليين مباشرة باستعمال الأنترنت الذي يوفر الوقت والجهد معا، لا يزال أغلبية سكان العاصمة محرومين من هذه الخدمة، بسبب عدم ربط بلدياتهم بهذه الشبكة وتزويدها بمواقع إلكترونية، لإيصال كافة المعلومات للمواطن والتواصل المباشر معه والتكفل الأفضل بانشغالاته في أقل وقت ممكن، حيث يبقى المواطن رهينة أساليب الاتصال التقليدية التي تضطره إلى التنقل إلى مقر البلدية لطرح انشغاله على رئيس البلدية، الذي لايحظى في أغلبية الأحيان باستقباله، خاصة إذا لم تكن الزيارة خلال يوم الاستقبال، حيث يحوّل مقرات أغلبية البلديات إلى ما يشبه السوق، بسبب الفوضى التي تعرفها خاصة تلك التي لا تملك قاعة انتظار مناسبة، وتواجه مشكل ضيق المقر الذي أثاره العديد من رؤساء البلديات خلال الزيارات التفقدية التي قام بها والي العاصمة، السيد عبد القادر زوخ، لهذه الأخيرة. ولاية الجزائر..لا موقع ولا بريد إلكتروني ولا هم يتصلون! وإذا كانت بعض البلديات الواقعة في مناطق نائية عبر الوطن مزودة بمواقع إلكترونية وفتح رؤساؤها صفحات على شبكة التواصل الاجتماعي”فايس بوك”، ويشرفون على تلقي رسائل المواطنين ويردون عليها في حينها، كما تقدم مواقعهم توجيهات للمتصفحين في مختلف مجالات الحياة وكذا المشاريع المبرمجة للتجسيد، فإن أغلبية “أميار” العاصمة لا يتعاملون بهذه التقنية التي لا تتوفر أيضا بولاية الجزائر التي يبقى موقعها وبريدها الإلكتروني غير جاهز، مما يحرم العاصميين من الاتصال بمسؤوليهم المباشرين وانتظار أيام الاستقبال لإيصال انشغالاتهم التي جعلتهم يعترضون مواكب الوالي في أغلبية خرجاته، خاصة بالنسبة لبعض البلديات التي تراكمت فيها المشاكل وأثرت على الإطار المعيشي للسكان، كما تبقى خلية الاتصال لولاية الجزائر بدون موقع إلكتروني لحد الآن، مما يضطرها إلى التعامل مع الإعلاميين ومختلف الهيئات بالطرق التقليدية أي بالهاتف والفاكس، رغم دور وسائل الاتصال الحديثة في نقل المعلومة. موقع إلكتروني... هيكل بلا روح وعلى العكس من ذلك فإن المجلس الشعبي لولاية الجزائر يحوز موقعا إلكترونيا رسميا تزامن إنشاؤه مع تنصيب المجلس في عهدته الجديدة 2012-2017 والذي اعتبره رئيس المجلس، كريم بنور، في كلمة نشرت على الموقع فضاء إعلاميا، كما تضمن الموقع بطاقة تعريف عن العاصمة وتنظيمها الإداري، غير أنه لا يحمل أي مستجدات منذ 22 ماي 2009 الذي تطرق فيه الموقع إلى الانتخابات المحلية والنتائج المنبثقة عنها، وهو ما سارت عليه العديد من المواقع بالبلديات التي تبقى بدون فعالية بسبب عدم تحيينها وتجديدها، حيث لا تتضمن أي معلومات يستفيد منها المواطن ويطلع على المشاريع التي تنجز في حيه أو بلديته ومثال ذلك موقع بلدية الأبيار الذي لا يزال خاليا من أي مستجدات منذ إنشائه في أكتوبر2012، حيث أبرز رئيس البلدية، السيد محمد عبد اللاوي، آنذاك أهمية هذا الفضاء الإعلامي “الذي يقوم بتوفير المعلومة وتسييرها بكل شفافية وموضوعية، بإدراج كل المعطيات الجغرافية، التاريخية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية، وكذا المعلومات المتصلة بالحركة التنموية التى تعرفها البلدية والإمكانات والموارد التي تتوفر عليها وكذا المؤهلات والمحفزات التي تشجع على الاستثمار بها، وكل المعطيات المتعلقة بمختلف برامج التنمية المحلية، بما فيها المشاريع المطروحة للمناقصة، غير أن الموقع بقي على حاله لحد الآن ولم يحمل أي جديد مثله مثل الموقع الرسمي لبلدية الحراش التي توقفت المستجدات بها في ماي2013 ولا وجود للسنة الجديدة 2014 وحتى عدد السكان الذي نشر على الموقع يعود لإحصائيات 2008، رغم أن القائمين عليه أكدوا خلال وضعه حيز الخدمة أنه يهدف إلى استخراج الوثائق الإدارية عن بعد ودون الحاجة إلى التردد على مقر البلدية. مواقع شكلية وأخرى مبادرات شخصية وإذا كانت هذه البلديات فتحت مواقع على الأنترنت دون أن تجددها، فإن العديد منها لم تقم لحد الآن بوضع فضاء للاتصال الإلكتروني مع مواطنيها والتقرب منهم وربط مقراتهم بشبكة الأنترنت، حيث تعد البلديات التي تملك موقعا إلكترونيا، على الأصابع وحتى تلك التي تملكه فهو شكلي فقط، فمن بين57 بلدية أربع أو خمس بلديات فقط تملك موقعا إلكترونيا باستثناء بعض المبادرات الشخصية التي يقوم بها بعض الشباب لنشر بعض المستجدات والانشغالات، فبلدية برج الكيفان التي تعتبر من بين أكبر البلديات بالعاصمة من حيث عدد السكان الذي تجاوز 165ألف نسمة منهم 68 ألف ناخب لا تملك موقعا إلكترونيا على الأنترنت، مثلما أكده رئيسها، السيد قدور رحيم ل“المساء”، مشيرا إلى أنه يستقبل المواطنين مباشرة في مكتبه ويستمع لانشغالاتهم، بينما يعارض فكرة الاتصال عن طريق البريد الإلكتروني أو الفايس بوك في انتظار تحقيق مشروع الموقع الرسمي المبرمج -حسبه-، وهو ما يسعى إليه رئيس بلدية بوزريعة، السيد محمد الأمين قيطوني، الذي أكد لنا أنه يتصل بالمواطنين عن طريق صفحته على الفايس بوك، في انتظار تجسيد الموقع الذي تأخر بسبب استقالة مهندس الإعلام الآلي الذي كان يعمل بالبلدية بسبب ضعف راتبه، حيث تم فتح المنصب لكن لا أحد تقدم للفوز به بسبب ما يتقاضاه هؤلاء من أجر مرتفع بمقاهي الأنترنت، مما يبقي بلدية بوزريعة دون موقع إلكتروني إلى إشعار آخر، كما تعتزم بلدية الرايس حميدو إنشاء موقع يسمح حسبما أكده رئيسها، السيد جمال بلمو ل“المساء”، بطرح اقتراحات وانشغالات السكان، مسجلا تأخر البلدية في استعمال التكنولوجيات الحديثة حيث يفتقر مكتب الرئيس للأنترنت. من جهته، أوضح رئيس بلدية سيدي موسى، السيد علال بوثلجة ل“المساء”، أن التحضيرات جارية ليكون الموقع الإلكتروني الرسمي للبلدية جاهزا نهاية مارس المقبل، بينما يتصل المتحدث حاليا مع المواطنين من خلال صفحته على الفايس بوك، وهو ما يبدو بعيد المنال بالنسبة لبلدية المرادية التي قال رئيسها، السيد مراد سامر لنا: “لا زلنا بعيدين عن تحقيق هذا المشروع الذي يتطلب أشخاص أكفاء ومهندسين متمكنين لتسييره”، وهو ما حرم الكثير من العاصميين من الاستفادة من الاتصال المباشر مع مسؤوليهم المحليين، حيث أكد والي ولاية الجزائر، السيد عبد القادر زوخ، على ضرورة تكفلهم بانشغالاتهم والإنصات إليهم، مثلما حدث ببلديات باب الزوار، الدار البيضاء، المرسى، عين طاية وبرج البحري التي تنتمي جميعها إلى مقاطعة الدار البيضاء التي أبدى خلالها العديد من سكانها خلال زيارة الوالي شكاويهم، كدليل على غياب الاتصال الذي حال دون حل الكثير من الملفات. بلدية الكاليتوس تصنع الاستثناء أما البلدية التي صنعت الاستثناء في العاصمة فهي بلدية الكاليتوس، إذ تمكنت من إنشاء موقع إلكتروني وصفحة رسمية للبلدية على الفايس بوك، يطلع السكان من خلالها على كل المستجدات والمشاريع المبرمجة للإنجاز والصفقات العمومية وتلقي الانتقادات عبر البريد الإلكتروني، كركن “دردشة الخميس” الذي فتح المجال لطرح الانشغالات على رئيس البلدية كل أسبوع ثم يرد عليه مباشرة، وكذا إنشاء قناة “الكاليتوس نيوز” الإخبارية التي تعد قفزة نوعية في تعامل الإدارة المحلية مع المواطنين ونقل أخبار البلدية وضواحيها، باستعمال الوسائل الحديثة التي تقربهم من مسؤوليهم المحليين الذين يفترض أن يحذوا حذو بلدية الكاليتوس حتى لا يبقى مشكل الاتصال قائما، خاصة بالنسبة للبلديات ذات الكثافة السكانية المرتفعة التي يستحيل على رؤسائها استقبال كافة المواطنين بمقر البلدية، فضلا عن مشكل المقرات الضيقة التي لا تضم بعضها حتى قاعات انتظار، مثلما هو الأمر لبلديات حسين داي، بلوزداد، المقرية، جسر قسنطينة وغيرها من البلديات التي اشتكى مسؤولوها من وضعية المقرات غير اللائقة وأدرجوا مشاريع لإقامة أخرى لائقة، في انتظار التكفل بملف تكوين المنتخبين المحليين في التكنولوجيات الحديثة وفرض استعمالها في البلديات التي لا يعير بعض مسؤوليها اهتماما لهذا الجانب رغم أنه جد ضروري.