هل تكفي مجرد بيانات التنديد والإدانة التي اعتادت أكثر من جهة عربية وإسلامية إطلاقها، لنصرة المسجد الأقصى الشريف، الذي يصارع مزيدا من الهجمات التهويدية التي تسعى إلى نزع الصبغة الإسلامية عنه؟ نعود لنطرح هذا السؤال عندما تصبح المخاطر المحدقة بأولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، تزداد وقعا وشدة من اقتحام لباحاته وتدنيس لحرمته إلى حفريات تهدد أساساته، لينتهي المطاف بالمحتل الإسرائيلي ببحث مقترح لإخضاعه لسيطرته. وهنا يكون لزاما على العالم العربي والإسلامي بمختلف مؤسساته وهيئاته الرسمية وغير الرسمية، التحرك لنصرة الحرم القدسي، الذي يئنّ على وقع احتلال صهيوني، يمضي تدريجيا في تطبيق مخططه لجعل القدسالمحتلة العاصمة الأبدية؛ لما يسميه ب "الدولة اليهودية" الموعودة. وجاءت المبادرة هذه المرة من النواب الأردنيين الذين صوّتوا أمس لصالح طرد السفير الإسرائيلي من عمان، ردا على النقاش المثير للجدل الجاري بين نواب الكنيست الإسرائيلي من أجل إخضاع الأقصى الشريف لسلطة حكومة الاحتلال. ولأن الأردن عمليا هي الدولة المسؤولة عن تسيير المقدسات الإسلامية بما فيها الأقصى المبارك بفلسطين المحتلة، وفقا لمعاهدة السلام الموقّعة بينها وبين إسرائيل عام 1994، فإن تحرك نوابه لطرد السفير الإسرائيلي يبقى أقل الإيمان للرد على الخطوة الإسرائيلية الاستفزازية التي تمس بمشاعر أكثر من مليار مسلم عبر العالم. وذهب عدد من النواب الأردنيين إلى المطالبة بإلغاء معاهدة السلام مع إسرائيل بعدما أكدوا أن هذه الأخيرة قد خرقتها لمجرد تفكير نوابها في نزع مسؤولية تسيير الأوقاف الفلسطينية في الأقصى الشريف إلى حكومة الاحتلال. ويأتي تحرك النواب الأردنيين في وقت التزمت الحكومة الأردنية الصمت إزاء ما يتعرض له الحرم القدسي من هجمة تهويدية ممنهجة، لطمس هويته العربية الإسلامية. وإذا كان البرلمان الأردني قد انتفض ضد إسرائيل فإن المدينة المقدسة ومعها الأقصى المبارك، بحاجة إلى تحرك قوي وحازم ينقذها من مخططات التهويد والاستيطان التي تشرف عليها جمعية "العاد" الاستيطانية، التي تسعى إلى إقامة الهيكل المزعوم مكان الحرم القدسي. وقد تسببت الحفريات التي تشرف عليها هذه الجمعية المتطرفة، في انهيار جدار دعم ضخم في حي وادي حلوة ببلدة سلوان جنوب المسجد الأقصى المبارك. وقال جواد صيام مدير "مركز معلومات وادي حلوة سلوان"، إن سكان الحي "شعروا فجر أمس بصوت انهيار ضخم، تبين أنه ناتج عن انهيار جدار استنادي يفصل بين عدة منازل، عرضه 15 مترا، وارتفاعه 3 أمتار". وأكد أن السكان المتضررين يسمعون يوميا أصوات حفر أسفل منازلهم، تُستخدم فيه الآلات الثقيلة، تبدأ في ساعات الليل، وتدوم إلى غاية بزوغ الفجر. وكانت مؤسسة الأقصى للوقف والتراث الفلسطينية، حذّرت من مساعي هذه الجمعية الاستيطانية المتطرفة، التي تعمل من أجل تهويد المدينة المقدسة وافتتاح نفق تحت الأرض، يصل ما بين مدخل حي وادي حلوة والمنطقة الملاصقة لجنوب المسجد الأقصى.