طالب السفير الصحراوي بالجزائر، إبراهيم غالي، بضرورة التوقف عن إصدار مجرد تقارير حقوقية وصفها ب “السردية والمطاطية” تكتفي فقط بإدانة الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية دون أن تتضمن سندا قانونيا قويا يلزم المغرب بوضع حد لانتهاكاته الممنهجة بالمدن المحتلة. وقال إبراهيم غالي، خلال ندوة صحفية نشطها، أمس، رفقة الأستاذ الجامعي بوجمعة صويلح، المختص في القانون الدولي وعضو بالمجلس الدائم للحقوقيين العرب، أن الوقت قد “حان لكي تتحول التقارير الحقوقية من مجرد تقارير سردية للأحداث إلى تقارير تطالب بفرض الشرعية الدولية وخاصة ما يتعلق بتقرير مصير الشعب الصحراوي”. وذكر في الوقت نفسه أنه لا يوجد حل دون استشار ديمقراطية لما يريده شعب الصحراء الغربية لمستقبله. وهي الدعوة التي رفعها الأستاذ بوجمعة صويلح الذي قال “كفى من إصدار تقارير حقوقية جوفاء لا تسمن ولا تغني من جوع والمطلوب من الأمين العام الاممي إصدار تقارير تلزم المغرب بالانصياع للشرعية الدولية”. وأشار القانوني الدولي إلى تقرير كتابة الدولة للخارجية الأمريكية حول حقوق الإنسان في العالم والذي خصص ولأول مرة 12 صفحة لوضعية حقوق الإنسان في الصحراء الغربية بمعزل عن المملكة المغربية. وهو التقرير الذي اتفق الرجلان على التأكيد بأنه يبقى مهما كونه أدان بشكل صريح الانتهاكات المغربية لحقوق الإنسان في الأراضي المحتلة ولكنهما أعابا على التقرير افتقاده للصرامة والحزم المطلوبين لإنصاف الشعب الصحراوي. وفي هذا السياق، قال الأستاذ صويلح إنه يكفي أن يعد الأمين العام الأممي تقريرا حول الانتهاكات المغربية في الصحراء الغربية يتضمن جملة واحدة وهي “على المغرب أن يراعي حقوق الإنسان في الصحراء الغربية أو يعزل دوليا” حتى يوضع مجلس الأمن الدولي أمام مسؤولياته ويصبح مطالبا بإصدار قرار إلزامي لحماية حقوق الإنسان الصحراوي. من جانبه، عاد السفير الصحراوي إلى التوتر الذي شاب مؤخرا العلاقات بين باريس والرباط على خلفية تصريحات السفير الفرنسي في الأممالمتحدة وأيضا الدعاوى القضائية المرفوعة في فرنسا ضد مدير المخابرات المغربية. ووصفه بمجرد تراشق بين الفرنسيين والمغربيين يأتي في إطار محاولات استباقية من نظام المخزن للتأثير على مجريات جلسة الأمن المقررة بنهاية أفريل القادم لبحث تمديد عهدة بعثة الأممالمتحدة من أجل تنظيم استفتاء في الصحراء الغربية “مينورسو” حتى لا تتخذ منحى آخر كقبول مطلب توسيع مهامها لتشمل حماية ومراقبة حقوق الإنسان. وذكر غالي بأن المغرب معتاد على هذه السياسة الاستفزازية التي سبق وانتهجها طيلة 30 سنة مع إسبانيا وكررها العام الماضي مع الولاياتالمتحدة عندما تقدمت بمسودة لائحة تطالب بتوسيع صلاحيات المينورسو واليوم يكررها مع فرنسا. واعتبر غالي أن المغرب وبعد الزيارة التي قام بها رئيس الحكومة الفرنسية إلى الجزائر، مؤخرا، يكون قد لمس تململا نسبيا في الموقف الفرنسي جعله يتخوف من إمكانية أن تتبنى فرنسا موقفا مغايرا عن موقفها المعتاد والمنحاز للطرح المغربي. وهي نفس السياسة الاستفزازية التي أكد السفير الصحراوي أنها ظهرت جليا خلال جولة العاهل المغربي محمد السادس إلى بعض الدول الإفريقية منها مالي ضمن محاولة لضرب الجهود الجزائرية الرامية إلى إرساء الاستقرار في منطقة الساحل. وأضاف أن زيارة وزير الخارجية المالي، أول أمس، إلى الجزائر شكلت ضربة موجعة للمساعي المغربية الذي ظهر وكأنه بيدق صغير بالمنطقة لا يمكن له أن يلعب أي دور ريادي مثل الذي تقوم به الجزائر. وختم السفير الصحراوي بالتأكيد على مواقف جبهة البوليزاريو الثابتة التي قال إن قادتها سيجددون التمسك بها غدا خلال استقبالهم لكريستوفر روس مبعوث الأمين العام الاممي إلى الصحراء الغربية الذي شرع في زيارة جولة مغاربية جديدة تهدف إلى التحضير لعقد لقاء بين طرفي الصراع البوليزاريو المغرب. وهو اللقاء الذي قال الدبلوماسي الصحراوي أن تنظيمه يرتبط بمدى استعداد الطرف المغربي في الدخول في مفاوضات جادة تأخذ بعين الاعتبار حق الصحراويين في تقرير مصيرهم وفق ما تقتضيه الشرعية الدولية. وأعرب عن أمله في أن ينجح روس هذه المرة في مساعيه ويقنع الطرف المغربي بالكف عن سياسة المماطلة التي اعتاد على انتهاجها عندما يتعلق الأمر بتسوية القضية الصحراوية.