يتحدّث كتاب ”النخبة والمشاريع الوطنية” للأستاذ الدكتور صالح بلعيد الصادر عن مخبر الممارسات اللغوية لكلية الآداب واللغات بجامعة ”مولود معمري” بتيزي وزو، عن الشأن العام بالتركيز على خصوصيات النخبة أو المثقف ودوره في الحياة الاجتماعية، وكيف يؤثّر المثقف/ النخبة في المجتمع باعتباره قائدا/ موجّها للمجتمع. ويؤكّد الدكتور بلعيد في مقدمة كتابه هذا على أنّه يتنزّل في سلسلة حمل الهموم العامة وانشغالات الطبقات الشعبية التي تنتظر ”منا” الكثير، ويتناول موضوعات الشأن العام في أبعادها الوطنية بالحديث عن التدبير السياسي والتخطيط العام اللذين هما من أبواب الإصلاح العام، ومن ثمّ عن دور النخبة المثقفة التي تعلّق عليها الآمال في تنوير الفكر بما تنتجه من أفكار وما تقدّمه للمجتمع من وصفات عينية تكون له عونا في المستقبل. ويضيف المؤلّف أنّ هذا الكتاب يحوي بعض المقالات التي تتحدّث عن التكامل بين اللغات الوطنية (العربية والمازيغيات) وبدونهما لا يحصل الانسجام المجتمعي، كما أعطى القيمة المضافة للحديث عن الإصلاح التربوي لما يشكّله من تغيير في بنيات المجتمع إذا كان إصلاحا على المطلوب وعلى التجارب الناجحة التي بها تقدّمت الكثير من الأمم. ويشير الكاتب إلى أنّ هذه المقالات هي شتات من المحاضرات التي أعدّت خلال سنتي 2012 و2013، ويذكر أنّ بعضها استجابة لطلب مؤسسة أو بغية المشاركة في الملتقى وبعضها يأتي في إطار التفكير الجاد حول الوضع اللغوي الذي نلاحظه ينهار باستمرار، وأضاف ”ومن ذلك جادت أفكاري بمجموعة من الحلول والاقتراحات لعلّها تسهم في توقيف النزيف الكبير الذي تشهده الهوية الوطنية في كثير من أبعادها وبخاصة البعد اللغوي، باعتباره باب التكامل والتنمية، إضافة إلى مقترحات في الشأن التربوي لأنّ التربية عماد الإصلاح وبابها التثقيف والإبداع”. يحتوي هذا الكتاب الذي جاء بالحجم المتوسّط، ووقع في أربع وعشرين صفحة بعد المائتين، على مقدمة عامة تحدّد أهم ما جاء في الكتاب، إذ ركّز في الشأن العام على الحديث عن خصوصيات النخبة ودورها في الحياة الاجتماعية، كما ألحق الكتاب بمشروعين وطنيين؛ الأوّل هو إعادة الاعتبار للغة العربية باعتبارها اللغة الأم، والمشروع الثاني يتعلّق بالمخطوطات الوطنية، مركّزا على منطقة الزواوة وما تحمله من إرث ثقافي، وألحق المشروعين بست مقالات ألقيت بمناسبات وطنية. في المبحث الأوّل، تحدّث الكاتب عن المثقف والرأي العام، إذ يقوم الرجل المثقف بالتغيير ومواجهة التناقضات في المجتمع، وبناء مجتمع قوي لغد أفضل، وفي مبحث آخر تحدّث عن اللغة العربية ووضعها الحالي الذي آلت إليه، مركّزا على ضرورة السعي للنهوض باللغة العربية باقتراح أفكار مستقبلية. كما ركّز على الإصلاح التربوي والتردي اللغوي، بمعالجة الواقع بإنتاج أفكار تخص الترقية اللغوية لممارسة لغة منشودة وبتصحيح بعض الممارسات اللغوية في المدرسة، وتحدّث في مبحث آخر عن التخطيط اللغوي المنشود بضرورة الاستفادة من اللغات الأجنبية والترجمة من كلّ اللغات. وضمن الكتاب مباحث أخرى عن ”الأمازيغية والعربية وطن واحد ومصير واحد”، بجعلهما لغتين مشتركتين ومن أصل واحد، لهما وطن واحد تنسجمان فيه. أما المبحث الخامس فألقى الضوء على منطقة أمشدالة وعلمائها وما تزخر به من مناطق تراثية لا يستهان بها، كما قام المؤلف بإنشاء موسوعة الجزائر، اعتبرها كعلامة من علامات النضج الثقافي واللغوي التي شملت مختلف جوانب المعرفة المتعلقة بالجزائر في كل المجالات. إضافة إلى الحديث عن المخطوطات في منطقة الزواوة، باعتبار المخطوطات الأمازيغية جزءا من التراث الوطني، وفي آخر فصل تناول بعض المقالات التي ألقيت بمناسبات وطنية، وفي الأخير خاتمة تحدث من خلالها عن الهدف من هذا المشروع والإشارة إلى ما سينجزه من مشاريع في المستقبل.