اقترحت الدكتورة صباح عياشي مديرة مخبر الأسرة والتنمية والوقاية من الانحراف والإجرام بجامعة بوزريعة، إنشاء صندوق وطني لمساعدة الأسر على الاستقرار موازاة مع إنشاء الصندوق الخاص بالمطلّقات الحاضنات، وذلك بغية الإسهام في معالجة المشاكل الاجتماعية والاقتصادية التي تؤدي إلى انفجار الخلية الأسرية، مشيرة إلى أهمية الحفاظ على هذه الأخيرة، التي باستقرارها يستقر المجتمع وتتحقق تنميته. وأوضحت الأستاذة في علم الاجتماع في تصريح ل "المساء"، أنها من خلال هذا الاقتراح تطرح فكرة مفادها أن الحفاظ على استقرار الأسرة يجب أن يكون أولوية، لاسيما أن البعض قد يرون في تخصيص صندوق للمطلقات الحاضنات "تسهيلا" للطلاق، الذي عرف انتشارا كبيرا في السنوات الأخيرة، كما أشارت إليه، رغم أنها تلفت الانتباه إلى أن هذا الصندوق يخص الحاضنات، وهو بالتالي يعمل على حماية الطفل وليس المرأة فقط، مشيرة إلى أن فكرته طُرحت أول مرة داخل المجلس الوطني للأسرة الذي تُعد عضوا فيه. لكن ما حدث من انتشار كبير للطلاق في المجتمع الجزائري وتأثير ذلك سلبيا على الأطفال الذين هم في حقيقة الأمر "ضحايا هذه الظاهرة"، كما قالت، أدى بها إلى التفكير في وضع آلية جديدة، تسمح بتمكين الأسرة من الحفاظ على نفسها كوحدة، بدل اللجوء إلى أبغض الحلال. وقالت في هذا السياق: "شيء إيجابي أن نساعد المطلقات الحاضنات؛ لأننا بهذا نحافظ على الأطفال، لكن قبل أن نصل إلى الطلاق من الأفضل أن نحافظ على كيان الأسرة واستقرارها من خلال وضع ميكانيزمات". وحسب محدثتنا، فإن الصندوق الذي تقترح إنشاءه للحفاظ على استقرار الأسرة الجزائرية وتجنب تفككها، يُعد أحد هذه الميكانيزمات التي يجب وضعها لنفس الغرض؛ بالنظر إلى المشاكل الكثيرة التي باتت تُطرح على المستوى العائلي؛ مادية كانت أم غير مادية. وقالت إنه آلية مكملة لصندوق المطلقات الحاضنات، ويمكن تمويله من طرف الدولة وكذا من طرف مؤسسات أو أصحاب الأموال، و«يتم تقسيم موارده بطريقة موضوعية على الأسر التي تعيش خطر التفكك أو تعاني من ظواهر أخرى، مثل إدمان الأولاد أو الإعاقة...الخ". ويتم إنشاء لجنة تتكون من ممثلي الهيئات المعنية من أجل تسييره وتحديد المستفيدين منه. واعتبرت أن مهمة تحديد العائلات المستفيدة من الصندوق يمكن أن توكل للأخصائيين الاجتماعيين المتخصصين في مجال الطفولة والأسرة، وهو التخصص الذي أنشئ مؤخرا بقسم علم الاجتماع، وستتخرج أول دفعة ماستر منه العام المقبل. وحسب الدكتورة عياشي، فإن الصندوق سيوجَّه للتكفل بكافة القضايا التي تخص المحافظة على العائلة الجزائرية؛ سواء أتعلّق الأمر بمشاكل نفسية أم اجتماعية أم مادية، مستدلة بمشكل الإدمان الذي أصبحت تعاني منه الكثير من العائلات الجزائرية، والتي تبحث في أغلب الحالات، عن مراكز علاج ولا تجدها، "وهنا يمكن للصندوق التدخل من أجل إنشاء مراكز علاج للتكفل بالأطفال المدمنين". وتلخّص المتحدثة فكرتها بالقول إن الصندوق يهدف إلى معالجة كل الظواهر المرضية التي تمس "الإنسان" بدون أي تمييز؛ أي الرجل والمرأة والولد والفتاة والمسن والمعاق... ولأنها كانت أول من تحدثت عن هذا الاقتراح خلال محاضرة ألقتها بجامعة بوزريعة في الثامن مارس بمناسبة الاحتفال باليوم المرأة العالمي، وكذا في المؤتمر الدولي للشباب والمواطنة الذي نُظم الأسبوع الماضي، فإن الدكتورة عياشي تأسفت لإعادة طرح هذا المقترح من طرف بعض الشخصيات التي نسبته إليها دون أن تدرك عمق الفكرة، مشيرة إلى أن المسألة لا تتعلق بمجرد كلام يقال في مناسبات، وإنما بمشروع متكامل، هدفه الوحيد المحافظة على كيان الأسرة، التي تُعد أساس استقرار المجتمع.