عرف اليوم البرلماني المخصص لدور الرياضة في ترسيخ قيم المواطنة الذي جرت أشغاله، أمس، بالمجلس الشعبي الوطني، نقاشا مثمرا أدارته لجنة الشباب والرياضة والنشاط الجمعوي.وحضر هذا الموعد أخصائيون في علم الاجتماع وشخصيات رياضية قديمة ومسؤولون رياضيون حاليون وأعضاء من الحركة الجمعوية الرياضية وممثلون عن مختلف الأسلاك الأمنية للرياضة وأبطال عالميون ووطنيون سابقون. وصبت تدخلات الأطراف التي تناولت بإسهاب هذا الموضوع، حول الدور الذي لعبته الرياضة سابقا في ترسيخ قيم المواطنة، وتجسدت في الميدان من خلال الانجازات الباهرة التي حققتها الرياضة الجزائرية عبر العالم على فترات زمنية متعاقبة، ومساهمتها الفعالة في تدعيم الوعي الوطني لدى الجماهير الجزائرية بمختلف أعمارها وشرائحها، فضلا عن مساهمتها في ترسيخ الشعور الوجداني بالارتباط بالأرض وبأفراد المجتمع، مثلما أكد ذلك في تدخله رئيس لجنة الشباب والرياضة والنشاط الجمعوي بالبرلمان، بلقاسم بركات، الذي قال إن المواطنة الصادقة تعد قيما وقواسم مشتركة وروابط تزيد المواطن متانة وتلاحما كرابطة الدين واللغة والمنشأ والمصير المشترك، كما تناول هذا الموضوع الأستاذة أوريدة العرفي، نائب رئيس المجلس الشعبي الوطني التي لخصت المواطنة في الانتماء والحقوق والواجبات، وهي ثلاثة محاور أبانت فيها أوريدة العرفي شعور الإنسان بالانتماء إلى الوطن على اختلاف تنوعه العرقي والديني والمذهبي، والتمتع بحقوق المواطنة الخاصة والعامة كالحق في الأمن والسلامة والصحة والتعليم والعمل والخدمات الأساسية العمومية، وواجب احترام النظام العام والحفاظ على الممتلكات العمومية والدفاع عن الوطن والوحدة الوطنية والمساهمة في بناء وازدهار الوطن، بينما قدم البروفيسور بوداود عبد اليمين تفسيرا حول علاقة وظائف الرياضة بالمواطنة، وقال في هذا الشأن إن الرياضة تعد ضرورة وطنية لتعزيز تنمية الإحساس بالانتماء والهوية، وأيضا ضرورة عالمية لإعداد المواطن وفق الظروف والمتغيرات الدولية التي تفرضها العولمة، وقدم بوداود كرة القدم كرياضة تلغي كل العوامل التي تفرق بين أفراد الشعب، فضلا كما قال أنها حققت فلسفة العولمة في جميع أبعادها وأثبتت وحدة الموهبة البشرية. غير أن بعض المتدخلين في هذا اليوم البرلماني المخصص لدور الرياضة في ترسيخ قيم المواطنة تناولوا هذا الموضوع بكثير من التشاؤم، واضعين في مقدمة تفسيراتهم تراجع القيم الأخلاقية والتربوية لدى كثير من شرائحنا الاجتماعية على غرار ما أكده المدرب الوطني السابق، رابح سعدان، الذي تأسف لتدني مستوى القيم التربوية والاجتماعية في لعبة كرة القدم، وتبعه في ذلك اللاعب الدولي السابق رشيد مخلوفي الذي أبرز الدور الكبير الذي لعبه فريق جبهة الوطني في ولائهم للوطن من خلال التضحيات التي قدمها أعضاء هذا الفريق في سبيل الكفاح ضد المستعمر، غير أن مخلوفي تأسف كثيرا لتراجع الاهتمام بالنشء الصاعد في هذه الرياضة، نتج عن ذلك –كما قال- تسجيل تراجع مذهل في هذه اللعبة، إلى درجة أنه تحتم الأمر الاستنجاد بلاعبين جزائريين ينشطون في البطولات الأوربية من أجل تمثيل الوطن في الدورات الدولية الكبرى لكرة القدم. ونفس الاتجاه ذهب إليه المدرب الوطني السابق محي الدين خالف، الذي تأسف بدوره لضياع القيم الوطنية لدى كثير من شرائح مجتمعنا وبشكل خاص الشريحة الرياضية، قائلا عن هذه الأخيرة أنها تنكرت للأدوار التي لعبتها الوجوه الرياضية القديمة في ترسيخ قيم المواطنة في الرياضة من خلال مساهماتها الفعالة في تربية أجيال صنعت سمعة الرياضة الجزائرية دوليا في مختلف الاختصاصات. وقد انتهت أشغال هذا اليوم البرلماني بتبني عدة توصيات ترمي إلى الحفاظ على قيم المواطنة في مختلف الميادين مع اتخاذ قرارهام يقضي بضرورة إنشاء مرصد وطني للمواطنة. كما تم في آخر أشغال هذا اليوم البرلماني تكريم عدة وجوه رياضية سابقة وحالية.