تتكرس من يوم لآخر حقيقة تحول مدينة بنغازي في شرق ليبيا، الى حلقة اضعف في دوامة العنف الدامي الذي تشهده كل يوم بسقوط مزيد من القتلى في مشهد أمني زاده غموضا غياب سلطة فعلية قادرة على وضع حد له. وفي آخر حلقة من مسلسل العنف بهذه المدينة المتوترة اغتيل أمس، قائد حرس الأهداف الحيوية في منطقة سي فرج على يد مسلحين مجهولين. وقال ميلود الزوي، المتحدث باسم قوات "الصاعقة" مقتل قائد حرس الأهداف الحيوية النقيب عزمي البرغثي، في كمين نصب له من قبل مسلحين مجهولين بمنطقة سي فرج ببنغازي". ويعد البرغثي من بين المسؤولين العسكريين الذين أيدوا عملية "الكرامة" التي يقودها الجنرال المتقاعد خليفة حفتر، منذ أكثر من أسبوعين ضد معاقل المليشيات المسلحة في بنغازي بدعوى محاربة الإرهاب. وجاءت عملية اغتيال المسؤول العسكري غداة نجاة رئيس الأركان العامة للجيش الوطني الليبي، اللواء ركن عبد السلام جاد الله العبيدي، من محاولة اغتيال تعرض لها مساء الاثنين بالعاصمة طرابلس. وقال الناطق باسم رئاسة الأركان العقيد علي الشيخي، أن "موكب العبيدي تعرض لإطلاق نار كثيف خلال مروره في طريق الشط في العاصمة طرابلس". وأضاف أن "الحراس المرافقين للعبيدي ردوا على مصادر النيران مما أجبر المهاجمين على الفرار دون أن يصاب أحد بأذى". وكان 21 شخصا لقوا مصرعهم وأصيب أكثر من 75 آخرين بمدينة بنغازي أول أمس، جراء تجدد الاشتباكات بين قوات اللواء المتقاعد خليفة حفتر، وعناصر مسلحي "أنصار الشريعة الإسلامية". واستغل حفتر، الغياب التام للسلطة التي انقسمت بين حكومتين واحدة يقودها عبد الله الثني، الذي يحظى بدعم الليبراليين والثانية بقيادة احمد معيتيق، الذي يدعمه الإسلاميون ليواصل عمليته العسكرية ضد معاقل المسلحين الإسلاميين. ويرى محللون أن التناحر الحاصل على رأس السلطة في طرابلس مكّن الجنرال المتقاعد من كسب دعم العديد من العسكريين والسياسيين وحتى عامة الشعب الليبي الذي يرى فيه الرجل القادر على توفير الأمن لهم وحمايتهم. غير أن احمد معيتيق، رئيس الحكومة المعين من طرف البرلمان حاول الظهور بمظهر المسؤول القادر على تحمّل مسؤولياته عندما أكد أن حكومته الجديدة ستعمل على بسط الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف بكل حزم وقوة. وقال معيتيق، في أول كلمة له من داخل مقر الحكومة المؤقتة في طرابلس، إن "الحكومة لن تسمح بأن تكون ليبيا مصدرا لتهديد دول الجوار، وستركز في أعمالها على بسط الأمن ومحاربة الإرهاب والتطرف بكل حزم وقوة". وأشار إلى أن "محاربة الإرهاب خارج إطار الدولة ستزيد من المشكلة وسيحدث شرخا اجتماعيا في المجتمع الليبي يصعب علاجه، وسنقوم بتبنّي رؤية وطنية لمعالجة آثار استخدام القوة الذي اثر سلبا على النسيج الاجتماعي الوطني الليبي، كما أن الحكومة الجديدة لن تتأخر في تخصيص الميزانيات اللازمة لمعالجة المصابين وتعويض المتضررين". وكان مقر الحكومة الذي رفض رئيس الوزراء عبد الله الثني، مغادرته قد تعرض مساء أول أمس، لعملية اقتحام من قبل مجموعات مسلحة تطالب بتسليم المقر إلى حكومة معيتيق.