تميز الجزائريون منذ القدم بكرم ضيافتهم لكل أجنبي تطأ قدماه بلدنا، فيجد الترحاب وحسن المعاملة حيثما ذهب وارتحل. لكن هذه الخصلة المتجذرة في عاداتنا وطباعنا كثيرا ما يدوسها البعض بتصرفات لا تمت بصلة لقيمنا وشيمنا، وهو ما حدث مؤخرا بأحد مساجد مدينة الرويبة بالضاحية الشرقية للعاصمة، عندما قام أحد المصلين بنهر لاجئ سوري قصد بيت الله بعد صلاة المغرب لمساعدته وأسرته، حيث طالبه بمغادرة المكان بألفاظ تفتقد لأدنى الآداب وبلهجة حادة استهجنها المصلون لدرجة الاستياء، فاشتاطوا غيضا وفاضت أعين بعضهم بالدموع لما رأوا درجة الحرج التي وجد اللاجئ السوري نفسه فيها من شدة ما سمعته أذناه من كلام تعدى حدود النصيحة إلى الإهانة. ولم يجد المسكين من مخرج من هذه الوضعية سوى طأطأة رأسه والانسحاب بسرعة وسط دهشة المصلين. فما عسانا نقول لهذا المواطن الذي يعرف قبل غيره أن السوريين الذين يجولون شوارعنا ومدننا قصدوا بلدنا هروبا من جحيم الحرب القاسية التي تدور رحاها في بلدهم، وقصدونا لإدراكهم بحقيقة كرم الضيافة الموجودة لدينا، فهم لم يكونوا ليختاروا التسول لولا الظروف القاسية التي يمرون بها وجردتهم من كثير من الحياء والحشمة المعروفين بها. وليدرك هذا المواطن ”الكلافة” أن شعبنا مر أيضا بمثل هذه الحالة القاسية أثناء الثورة التحريرية، حيث وجد الجزائريون في سوريا حكومة وشعبا سندا قويا لكفاحنا في إطار التضامن العربي آنذاك وبقناعة دحر المستعمر الفرنسي إلى الأبد. وعلى هذا المواطن أن يعي أيضا أن للنصيحة أسلوبا وأخلاقا عملا بقوله صلى الله عليه وسلم ”من ستر مؤمنا ستره الله يوم القيامة”، وكذا العمل بقوله تعالى ”فأما اليتيم فلا تقهر، وأما السائل فلا تنهر”.