أكدت السيدة كريستينا امارال، المنسّقة المقيمة للأمم المتحدة، أن الجزائر تعد من بين الدول ال20 التي حققت تطورا سريعا في مجال التنمية البشرية، مشيرة في هذا السياق إلى الجهود الكبيرة التي بذلتها خلال السنوات الأخيرة من أجل ضمان التوزيع العادل للناتج المحلي، ومن ثم الوصول إلى مستويات وظروف معيشية أفضل للسكان. وخلال ندوة صحفية عقدتها أمس، بمعية رئيس المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي، السيد محمد الصغير باباس، بإقامة الميثاق عشية انعقاد الملتقى الدولي رفيع المستوى حول "التنمية البشرية ومجتمع الرفاه من منظور برنامج مرحلة ما بعد 2015"، الذي ينعقد بالتنسيق بين المجلس وبرنامج الأممالمتحدة الإنمائي، أوضحت السيد امارال، أن مفهوم التنمية البشرية مرتبط بمفهوم تحسين الظروف المعيشية للسكان، في وقت أقرت فيه بغياب مؤشرات تعكس مستويات وظروف المعيشة كما يتصورها السكان، مما يعني ضرورة أن يكون هذا التصور جزء من مجموعة المؤشرات المطبقة. وبالنسبة للمنسقة المقيمة فإن معايير تحسين الظروف المعيشية للسكان تتوقف عند مدى تحقيق الدولة للمساواة في توزيع الناتج المحلي بين المواطنين والتي تتمثل في الأمن، السلم الاستقرار السياسي، إضافة إلى توفير الخدمات الاجتماعية كما هو الشأن لقطاعي الصحة والتربية، وتقليص الهوة بين شرائح المجتمع وحتى بين الجنسين من حيث الحقوق والواجبات. ولهذا فإن الجمعية العامة للأمم المتحدة، تعكف على تنظيم دورات لعرض التقارير الوطنية للدول الأعضاء، والتي يتم على ضوئها بلورة التقارير الدولية للتصدي لمشاكل الفقر، البطالة وسوء التغذية، مع دعوة الدول إلى بذل المزيد من الجهود للوصول إلى الأهداف المنشودة على ضوء المؤشرات الجديدة. وهو ما تضمنه التقرير الأممي لسنة 2013، والمخصص للتنمية في بلدان الجنوب في انتظار إصدار تقرير 2014 شهر جويلية الداخل. كما أشارت السيدة امارال، في ردها على سؤال ل"المساء" أن الأوضاع الداخلية التي تعرفها بعض الدول العربية من شأنها أن تؤخر مؤشرات التنمية البشرية، رغم أن انتفاضة شعوبها جاءت لتحسين ظروف معيشتها والتي يأتي في مقدمتها توسيع مجال الحريات وتكريس التنمية المستدامة. من جهته أشار محمد الصغير باباس، إلى أن الجزائر في الطريق الصحيح لتحقيق أهداف الألفية التي سطرتها منظمة الأممالمتحدة لتعزيز الآفاق التنموية، مستدلا في هذا الصدد باحتضانها مستقبلا لمعهد التنمية المستدامة الموجهة لإفريقيا على مستوى جامعة بن خدة. وأوضح أن العلاقة بين التنمية البشرية والتنمية الاقتصادية تظل علاقة جدلية، مؤكدا في هذا الصدد على دور المجتمع المدني لمجابهة التحديات المطروحة، من منطلق أن أمن المواطن واستقراره مرتبط بتحقيق أهداف التنمية البشرية. وقال رئيس المجلس الوطني الاقتصادي الاجتماعي، أنه على الدول بذل جهود أكبر في هذا المجال بتحديد الأولويات التي أقرتها الهيئة الأممية. وبخصوص أهداف الملتقى، فإنها تتركز على بلورة النقاشات بين الخبراء الدوليين من أجل وضع برنامج مرحلة ما بعد عام 2015، كما أن المجلس الوطني الاقتصادي والاجتماعي الجزائري، يعتزم أخذ زمام المبادرة لمناقشة الفرص المتاحة لتجديد مفهوم التنمية البشرية في سياق تبادل الخبرات مع جيرانها في المنطقة المغاربية، وكذلك في إطار منطقة الساحل والصحراء. ويعكف الملتقى أيضا على دراسة المفاهيم والأساليب والمتغيرات الأساسية لإنشاء مؤشرات التنمية البشرية ضمن رؤية نقدية وبنّاءة، وذلك لتكييفها بشكل أفضل مع الظروف الوطنية، وهي من المقترحات التي ركزت عليها الأشغال التحضيرية لوضع برنامج ما بعد عام 2015. ومن شأن هذا العمل إتاحة الفرصة لدراسة البيانات المتوفرة على المستوى الوطني. كما يسعى الملتقى الذي يدوم يومين إلى تصميم أساليب مبتكرة لحساب بعض المؤشرات، ومواءمة المنهجيات والمنشورات لتحقيق قابلية للمقارنة المتنامية والمتّسقة بين الدول، إلى جانب إنشاء شبكة للتفكير وتبادل الآراء بين خبراء المغرب العربي وإفريقيا وخبراء المؤسسات الدولية، من أجل تعزيز المشاركة والحوار الضروريين لفهم التحديات الجديدة للتنمية البشرية. ومن أهداف الملتقى أيضا خلق قدر أكبر من التآزر بين الأطراف الفاعلة في تقييم التنمية البشرية على الصعيدين الوطني والدولي، لإنجاز الأهداف الإنمائية للألفية وتحويلها إلى أهداف للتنمية المستدامة في برنامج مرحلة ما بعد عام 2015. وتتمثل الدول المشاركة في الملتقى إلى جانب الجزائر في المغرب، موريتانيا، تونس، ليبيا، بوركينا فاسو، النيجر والتشاد، كما يتم تنظيم الملتقى في ثلاث جلسات عامة، حيث تخصص الجلسة الأولى للمفاهيم وحدودها، في حين تٌعنى الجلسة الثانية التي ستتواصل على شكل ورشات عمل بتحديد منهجيات التنفيذ والمشاكل العملية، أما الجلسة الثالثة فتتناول تفكيك مؤشرات على المستوى دون الوطني، حيث سيكون بإمكان كل بلد استنادا إلى خبرته تقديم مساهمته في هذه الجلسات.