يبلغ عدد الجزائريين الذين يتوجهون سنويا إلى شواطئ البلد المجاور تونس، مليونين تقريبا، حيث اعتادوا التنقل صيفيا الى المنتجعات السياحية أو حتى تأجير فيلات على شاطئ البحر.. متجاهلين بذلك الشواطئ الجزائرية التي بلغ عددها هذا العام 315 شاطئ مسموح السباحة فيها، اختير منها 14 شاطئا نموذجيا، و يبدو أن عزوف الجزائريين على قضاء عطلهم الصيفية بالجزائر، أصبح يقلق المسؤولين عن قطاع السياحة، و الدليل على ذلك شعار "الجزائر أفضل "، الذي اختير لموسم الاصطياف الحالي واستبدال عبارة موسم الاصطياف ب"الموسم السياحي 2008". لماذا يفضل الجزائريون السفر إلى بلد آخر لقضاء عطلتهم والاصطياف بشواطئه، في الوقت الذي تعتبر فيه السواحل الجزائرية من أجمل سواحل المتوسط بشهادة الأجانب أنفسهم؟ انشغال طالما طرح على طاولات النقاش، ويتبادر إلى ذهن كل واحد منا، خاصة إذا علمنا أن تونس على سبيل المثال تستقبل سنويا ما يزيد عن مليوني سائح جزائري لقضاء عطلة الصيف، ولوقف النزيف السياحي المتزايد من سنة الي أخرى، تعمل السلطات المحلية تحت توجيهات وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والبيئة منذ مدة، على الاهتمام أكثر بالسياحة الداخلية على وجه الخصوص والقطاع بصفة عامة، في مبادرة لإنعاشه والرقي به الى مصاف القطاعات الجزائرية المنتجة، إذ يدورالحديث وسط كواليس الوزارة الوصية، على جعل جعل هذا القطاع يحتل المرتبة الثانية بعد المحروقات من ناحية المداخيل، ما دامت الجزائر تملك الإمكانيات الطبيعية المؤهلة لذلك، فالشريط الساحلي الذي يمتد على مسافة 1200 كلم، جعلنا نكسب شواطئ عذراء ألهمت كل السياح الذين زاروها، وأسالت لعاب العديد من رجال أعمال عرب أبدوا استعدادهم للاستثمار في هذا المجال.. وفي هذا الاتجاه، تعمل المحافظة الوطنية للساحل منذ نشأتها، بالتنسيق مع الشركاء المعنيين بالسياحة الساحلية، على توفير ظروف الاستقبال الملائمة بشواطئنا، من اجل حث الجزائريين وتشجيعهم على الإقبال على السياحة الداخلية، ولذات الغرض اتخذت المحافظة بمناسبة موسم الاصطياف الجاري شعار السنة تحت اسم " الموسم السياحي 2008 "، عوض شعارات التقليدية المتعلقة بموسم الاصطياف، في الوقت الذي تم فيه إدراج جملة من الإجراءات من شأنها ضمان الخدمات التي ينتظرها المصطاف بالشاطئ، و المتمثل في الجودة والهدوء، بالإضافة الى النظافة والنشاطات الترفيهية. 14 شاطئا نموذجيا ومفتشون للسهر على حسن الاستقبال تم اختيار هذه السنة 4 1 شاطئا من مجموع 315 شاطئ مسموح السباحة فيها، وتم إعلانها شواطئ نموذجية، حيث أدخلت عليها جملة من التعديلات قبل تعميمها على باقي الشواطئ خلال موسم الاصطياف القادم، من شأنها تحسين ظروف الاستجمام عبر الشواطئ وتضمن راحة المصطاف، كإنجاز مجموعة من دور المياه والمرشات للاغتسال عند الخروج من الشاطئ، بالإضافة الى الحراسة الطبية وحظائر لركن السيارات وعدد من الأنشطة الترفيهية يقوم بها الشباب. أما بالنسبة لجديد هذه السنة يقول مدير المحافظة الوطنية للساحل السيد بن عاليا بغوره، فهو إلحاق طبيب عام يعمل بالتنسيق مع مصالح الحماية المدنية طوال فترة التواجد بالشاطئ، والهدف من الإجراء هو توفير الخدمات الصحية والعلاج الأولي في حالة وقوع حوادث. ومن جهة أخرى، كشف ذات المسؤول عن تخصيص وزارة البيئة وتهيئة الإقليم والسياحة، لجنة خاصة مكونة من تسعة (9) مفتشين، مهمتهم مراقبة الشواطئ بصفة منتظمة ودورية، للسهر على استمرار التطبيق الحسن لظروف الاصطياف والمحافظة على سلامة الإنجازات الجديدة التي تدعمت بها الشواطئ . و تعتبر هذه الإجراءات حسب المتحدث، الخطوة الأولى نحو بداية تطبيق الإستراتيجية الجديدة لإنعاش القطاع، هدفها الرئيسي جعل السائح الجزائري يفضل شواطئ بلده الجميلة على شواطئ البلدان المجاورة، وهي الثمار التي يمكن لمسها ابتداء من موسم الاصطياف القادم (2009)، حيث يرتقب حدوث قفزة نوعية في مجال السياحة الداخلية، على أن يتم إشراك مختلف الفاعلين، خاصة الوكالات السياحية بالدرجة الأولي. و من بين الشواطئ النموذجية التي اختارت الوزارة تنفيذ استراتيجيتها الجديدة بها، نذكر شواطئ "شطايبي" بولاية عنابة، "مسيدا" بولاية الطارف، "كتامة" بجيجل، "القادوس" بولاية الجزائر، " بوشغار " بالشلف، "زموري" ببومرداس و" تارغة "بعين تموشنت وشاطئ "شنوه" بتيبازة، من منطلق شاطئ بكل ولاية ساحلية قبل تعميم العملية على باقي الشواطئ، حيث يرتقب تنظيم لقاء مع نهاية موسم الاصطياف لتقييم العمل بهذه الشواطئ واقتراح الحلول للنقائص المسجلة إن وجدت. 30 إلى 60 من المائة تخفيضات على غرف الفنادق الساحلية إجراءات جديدة أدرجتها الفنادق الساحلية عبر التراب الوطني، في محاولة لاستقطاب السياح الجزائريين، حيث تم ادخل تخفيضات على أسعار الغرف تبدأ من 30 الى غاية 60 من المائة حسب تصنيفها ومدة الإقامة، وهو الأمر الذي استحسنته العديد من العائلات الجزائرية التي رغم علمها بجمال الساحل الجزائري لكن مدخولها المتوسط لا يسمح لها بقضاء العطل الصيفية بالفنادق والمنتجعات السياحية، وتفضل بالمقابل ادخار المال لتأجير فيلات وشاليهات بتونس، وفي ذات السياق يقول السيد يوسف، انه تعود مع إخوته تأجير فيلا بمسبح بتونس بسعر 30 ألف دج للشهر.. مؤكدا أن هذا المبلغ لا يسمح له بتأجير غرفة صغيرة خالية من كل المرافق هنا بالجزائر، لذلك يفضل السفر الى الخارج مع الأهل.. منبها إلى أن على أصحاب الفنادق والمنتجعات أن يحذو حذو ما توفره الفنادق السياحية خارج الوطن.. في حين تقول سيدة أخرى أنها تهوى التخييم بالمخيمات العائلية، لكنها غالبا ما تصطدم بالنقائص في المخيمات الجزائرية مثل عدم توفير مياه الشرب، تدهور حال المرشات ودور المياه، نشاطات ثقافية دون المستوى، غياب النظافة، كلها نقائص تدفعها للبحث عن الأفضل خارج الوطن. السائح الجزائري لم يعد يقتنع بالقليل من الخدمات الموفرة، إن مستواه أضحى يضاهي مستويات السياح الأجانب ويفضل قضاء العطلة الصيفية للراحة والاستجمام وليس التفكير في طرق توفير ادنى مرافق الراحة و الركض وراء خزانات المياه، لذلك سارعت الفنادق وعدد من المخيمات العائلية هذه السنة، إلى تدارك الأمر بعد الخسائر المسجلة على مر السنوات الفارطة وعزوف المهاجرين على قضاء عطلهم الصيفية بالفنادق، حيث تم إدراج عدة تخفيضات موسمية على كل خدماتها وصلت في بعض الفنادق من ثلاثة وأربعة نجوم إلى 60 بالمائة، وهو ما جعل السياح الجزائريين يتنفسون الصعداء، وهو أكده لنا كل من التقينا بهم في هذه الفنادق، حيث لمسوا بعض التغييرات في معاملة طاقم الاستقبال، مع توفير جملة من التسهيلات للعائلات ذات العدد الكبير من الأطفال، من خلال تأجير غرفتين بسعر غرفة واحدة ، في حين تم فتح مسابح بكل الفنادق لكل القاصدين مع دفع مبالغ مالية يعتبرها أصحاب الفنادق رمزية، الهدف منها اختيار قاصدي المسبح حتى لا ينزعج نزلاء الفندق، في حين بادر أصحاب بعض المخيمات العائلية الى تهيئة "الشاليهات" وتزويدها بالمكيفات الهوائية، بالإضافة الى تخصيص مواقع للمسابح وتنظيم سهرات فنية تنشطها حناجر خيرة الفنانين الجزائريين وأجانب في بعض الأحيان، كلها تدابير أدرجت هذه السنة في إطار إنعاش السياحة الداخلية واستقطاب الجزائريين للتجول والتنزه والاستمتاع بجمال الطبيعة الجزائرية. الوكالات السياحية في آخر ركب تدابير إنعاش السياحة الداخلية خلافا لما يتم من تغييرات في تسيير المرافق السياحية داخل الوطن، لا تزال الوكالات السياحية تنشط السياحة خارج الوطن على حساب الداخل، فزيارتنا لعدد من هذه الوكالات، جعلتنا نقف على مستوى الخدمات والمنتوج المعروض للسائح الجزائري، فالإشهار يخص دول أجنبية مثل المغرب، تونس، تركيا، إيطاليا، اليونان، لكن بالمقابل، المنتوج السياحي الجزائري غائب عن ساحة الإشهار، ولدي استفسارنا عن الأمر، كشف لنا عدد من أصحاب هذه الوكالات أن تدني الخدمات الموفرة بالمرافق السياحية وراء هذا العزوف، كما ان نوعية الطلبات كلها تخص الزيارات المنظمة الى خارج الوطن. والجدير بالذكر هنا، أن دفتر الشروط الذي يربط هذه الوكالات بوزارة السياحة، ينص على توفير خدمات للسياحة داخل الوطن وخارجه، ومثلما يتم بعث أفواج من السياح الجزائريين الى الخارج، يجب جلب نفس العدد للسياحة داخل الوطن، لكن هذا البند لا يتم تطبيقه لأسباب مختلفة يصطنعها أصحاب هذه الوكالات السياحية.