تبذل جمعيتا "مستقبل حي عبد الحميد بن باديس" و"إرث" للتراث المادي واللامادي وكذا مقاول خاص بقسنطينة جهودا لترميم مطبعة العلامة عبد الحميد بن باديس المسماة "المطبعة الإسلامية الجزائرية"، في إطار مبادرة تطوعية بعد الإهمال والتدهور الذي طالها منذ فترة. وأوضح عبد العزيز توهامي، رئيس جمعية "مستقبل حي عبد الحميد بن باديس"، أنه تم بالتنسيق مع مختصين من المتحف العمومي للفنون والتعابير التقليدية قصر أحمد باي- قسنطينة، جرد وحفظ كل المعدات والحروف بشكل جيد، حيث تشرف الجمعية على عملية الحفظ إلى غاية استكمال أشغال الترميم. وقد اقترح توهامي على السلطات المحلية المعنية تحويل هذه المطبعة بعد استكمال كل أشغال ترميمها إلى متحف يسلط الضوء على صحافة جمعية العلماء المسلمين الجزائريين. فحسب رئيس جمعية "مستقبل حي عبد الحميد بن باديس"، فإن الأمر يتعلق بمبادرة تطوعية ضمن تضافر جهود الفاعلين والغيورين على هذا الإرث المادي لإحيائه بالنظر إلى قيمته التاريخية، حيث يرتبط بتاريخ الطباعة والصحافة بالجزائر. وعن أشغال الترميم، أفاد من جهته، صابر عراب، المقاول المتطوع، بأن الأمر يتعلق بإعادة الجدران كاملة إلى حالتها الأصلية وإعادة تهيئة الأرضية وكذا السقف وطلائها من جديد وذلك باستعمال تقنيات من شأنها أن تحافظ على الجدران الأصلية للمطبعة. وأضاف المقاول بأنه سيتم أيضا في إطار هذه المبادرة ترميم واجهة المطبعة بالإضافة إلى الأبواب والنوافذ وإعادة رسم الواجهة الإشهارية للمطبعة من طرف فنان مختص في الخط العربي. من جهتها، أكدت مديرية الثقافة والفنون لولاية قسنطينة على لسان رئيس مصلحة التراث الثقافي بها، لمين قروي، أن مشروع ترميم المطبعة الإسلامية الجزائرية كان مدرجا ضمن عملية دراسة ومتابعة وترميم المباني المتفردة، لكن جمعية "مستقبل حي عبد الحميد بن باديس" وجمعية "إرث للتراث المادي واللامادي المحليتين" بادرتا إلى جانب مقاولة خاصة للمساهمة في عملية الترميم وذلك بصفة تطوعية ستليها عملية إصلاح آلات الطباعة المعطلة بعد أن تم حصر وجرد كل الممتلكات المنقولة في هذه المطبعة. فالذي يدخل المطبعة تقابله آلتين كبيرتين الأولى لطباعة الصحف ذات تغذية ذاتية من الورق الملفوف على بكرات وأخرى لمقطع الورق ومكتب ونماذج من الأحرف الخشبية التي كانت تستخدم في الطباعة وقوالب الطباعة الحجرية. وتشير وثائق أرشيفية إلى أن هذه المطبعة قد تأسست سنة 1925 بعد اقتناء أجهزة من فرنسا بمبلغ 7800 فرنك، أما حروف الطباعة باللغة العربية فقد أتى بها الشيخ عبد الحميد بن باديس من لبنان وذلك لما كان الوضع في الجزائر يتسم بسيطرة الفرنسيين على المطابع، إذ لم تكن آنذاك سوى بضع مطابع عربية أنشأها جزائريون لطبع صحفهم ومنشوراتهم. أما فكرة تأسيس المطبعة الإسلامية الجزائرية، فتعود إلى الفترة التي كان فيها رائد الحركة الإصلاحية في الجزائر ومؤسس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين، العلامة عبد الحميد بن باديس(1889-1940) يكتب مقالات في جريدة "النجاح" التي أسست سنة 1919. أولى إصدارات المطبعة سنة 1925 وقد استطاع الشيخ ابن باديس ورفاقه في المشروع تجهيز المطبعة وتركيب الآلات ووضعها في أماكنها في أفريل 1925 . وكانت أولى إصدارات المطبعة في 2 جويلية 1925 من خلال صحيفة "المنتقد" التي دخل بها الشيخ عبد الحميد بن باديس عالم الصحافة، حيث عانى من صعوبات كبيرة بعد إصدار الإدارة الاستعمارية قرار بتعطيلها بعد صدور 18 عددا منها. ثم أصدر بعدها جريدة "الشهاب" في 12 نوفمبر 1925 وبسبب ضائقة مالية حولها بعد أربع سنوات (1929) إلى مجلة شهرية واستمرت في الصدور إلى أن أوقفتها السلطة الفرنسية غداة اندلاع الحرب العالمية الثانية، حسبما تشير إليه وثائق أرشيفية. للتذكير، يندرج ترميم المطبعة الإسلامية بقسنطينة في إطار برنامج مسطر يعنى بترميم التراث الثقافي للمدينة في إطار تظاهرة "قسنطينة عاصمة الثقافة العربية 2015" ولكن بسبب بعض المشاكل والعراقيل الإدارية بالإضافة إلى قرار تجميد المشروع لم يتم تجسيد الأشغال ما أدى إلى تدهور حالتها. الوسوم بن باديس قسنطينة