شهد مقر البرلمان البريطاني ندوة حول حقوق الإنسان في الصحراء الغربية نظمتها المجموعة البرلمانية من أجل الصحراء الغربية ممثلة بوفد تقصي الحقائق برئاسة رئيس المجموعة وقد زار الوفد الأسبوع الماضي المناطق المحتلة من الصحراء الغربية. وقد شهدت الندوة حضور عدد من النواب البريطانيين وممثلي الجمعيات والمنظمات الحقوقية مثل منظمة العفو الدولية وحملة الصحراء الغربية ومنظمة “وار أون وانت” ومنتدى العمل من أجل الصحراء الغربية وتمثيلية جبهة الوليساريو ببريطانيا وغيرها. وترأس الندوة النائب البرلماني جيريمي كوربين وبعضوية النائب مارك ويليامز والسيد جون هيلاري مدير منظمة “وار أون وانت” والناشط الحقوقي الصحراوي ابراهيم دحان القادم من المناطق المحتلة. وبدأ السيد جيريمي كوربين الندوة بشكر الحاضرين وذكر بأن الوفد المتكون من المجموعة البرلمانية من أجل الصحراء الغربية ومنظمات غير حكومية يعتبر أول بعثة بريطانية لتقصي الحقائق تذهب إلى الصحراء الغربية منذ أن بدأ النزاع هناك، ثم أعطي الكلمة لعضوين من الوفد هما النائب مارك ويليامز والسيد جون هيلاري مدير منظمة “وار أون وانت” لإعطاء خلاصة حول تقريريهما. وفي مداخلته شكر النائب مارك ويليامز كل من ساعد في تسهيل المهمة من الجانب الصحراوي والمغربي، وأكد أن الوفد ظل مراقب عن كثب طيلة تواجده بالعيون من قبل السلطات المغربية. وذكر أنه خلال لقائهم برئيس بعثة المينورسو سألوه عن إمكانية أن تضمن البعثة عدم وقوع إنتهاكات في المظاهرات التي كان المواطنون الصحراويون بصدد تنظيمها فكان رد رئيس البعثة مفاجئ بأن ذلك ليس من صلاحياتهم ليؤكد النائب في كلامه أن عجز بعثة أممية عن مراقبة حقوق الإنسان والتقرير عنها لأمر مخجل.
وتحدث السيد مارك ويليامز عن شهادات استمعوا لها من طرف مواطنين صحراويين تعرضوا لأشكال مختلفة من الإنتهاكات غير الإنسانية وقال أنها شهادات مؤثرة جدا. وانتقد النائب توجيه السلطات المغربية لإتهامات باطلة في حق أحد أعضاء الوفد وهو نائب بريطاني منتخب بطرق شرعية. وفيما يتعلق بالثروات الطبيعية قال النائب أنهم وقفوا على حقيقة نهبها من قبل المغرب وعدم استفادة السكان الأصليين منها وما يؤكد ذلك هو إرتفاع نسبة البطالة في صفوف الشباب الصحراوي. ومما لفت نظر النائب مارك ويليامز بإعتباره أستاذ قبل أن يكون نائبا هو عدم وجود جامعة واحدة في كامل الصحراء الغربية رغم أن المغرب متواجد هناك منذ ما يقارب 40 عاما وهوما يتناقض مع ما يدعيه المغرب من تنمية في الإقليم وتساءل عن جدوى الحديث عن التنمية في ظل غياب الإهتمام بالتعليم. وأكد السيد مارك ويليامز أنه غادر الدار البيضاء عائدا إلى لندن وهو مقتنع أنه لابد من تنظيم إستفتاء تقرير المصير للشعب الصحراوي وأنه بات من الضروري والملح توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان. وجاءت مداخلة السيد جون هيلاري حماسية جدا وقال أنهم تحصلوا على شهادات صادمة لعائلات صحراوية تعرض جميع أفرادها للتعذيب والإختفاء القسري والإعتقال بسبب التعبير عن آرائهم بطرق سلمية وقال أن هؤلاء الضحايا الذين عانوا في صمت وفي ظل تعتيم كبير يستحقون منا الوقوف لهم إجلالا وتقديرا. وذكر أن السلطات المغربية لاتزال إلى غاية اليوم تمنع المواطنين الصحراويين من أبسط حقوقهم في التعبير عن آرائهم وحق التظاهر والتجمع، وأضاف أن كل الجمعيات الحقوقية الصحراوية لاتزال محظورة إلى حد الساعة من قبل السلطات المغربية، وقال أنه من الملاحظ جدا عدم محاسبة مرتكبي الجرائم.
وقال مدير منظمة “وار أون وانت” أنه صدم بمنظر المنطقة البوليسي حيث التواجد المكثف لرجال الشرطة والقوات المساعدة وكافة الأجهزة الأمنية بالزي الرسمي والمدني مستعدة لتفريق أي محاولة للتظاهر مهما كان عددها. وختم السيد جون هيلاري مداخلته بتحميل الأوروبيين مسؤولية ما يتعرض له الشعب الصحراوي من إنتهاكات حقوق الإنسان بسبب سماحهم للإتحاد الأوروبي بالمساهمة في نهب الثروات الطبيعية للصحراء الغربية من خلال إبرامه إتفاقيات غير قانونية مع المغرب في إشارة إلى إتفاقية الصيد بين الإتحاد الأوروبي والمغرب. وبالتالي يقول السيد جون هيلاري “من الواجب علينا الوقوف إلى جانب الشعب الصحراوي من خلال الضغط لإنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية”. وفي مداخلته أكد السيد جيريمي كوربين رئيس الوفد على كل ما أدلى به أعضاء الوفد مركزا على المراقبة الأمنية المكثفة التي رافقتهم طيلة أيام تواجدهم هناك، وذكر بما تعرضت له البعثة من مضايقات من الشرطة المغربية حيث تمت مصادرة كاميرا أحد أعضاء الوفد من قبل الشرطة والقيام بمحو كل ما وثقه فيها من صور قمعية ضد المدنيين العزل في العيون.
وأكد السيد جيريمي كوربين رئيس المجموعة البرلمانية من أجل الصحراء الغربية على مايلي: النهب اللاشرعي للثروات الطبيعية الصحراوية من قبل السلطات المغربية.
تواجد الآلاف من الصحراويين بمخيمات اللاجئين في الجزائر في ظروف قاسية منذ 1975 في إنتظار إنصافهم من خلال تطبيق الشرعية الدولية.
المطالبة بإنشاء آلية دولية مستقلة لمراقبة حقوق الإنسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية وفي مخيمات اللاجئين.
التأكيد على أن الوفد يعمل على إستكمال التقرير وتسليمه إلى الحكومة البريطانية وطرفي النزاع جبهة البوليساريو والمملكة المغربية.
شكر تمثيلية جبهة البوليساريو بلندن وسفارة المغرب على تعاونهم لإنجاح الزيارة.
وأعطيت الكلمة بعد ذلك للناشط الحقوقي الصحراوي ابراهيم دحان الذي بدأها بخلاصة عن تاريخ النزاع وطبيعته، ثم عرج على وضعية حقوق الإنسان المزرية خلال 38 سنة من النزاع وتحدث عن الضحايا الذين تعرضوا للتعذيب والإختفاء القسري والإعتقال معطيا مثالا بتجربته الشخصية، ونبه الحاضرين إلى السياسة الخطيرة التي ينتهجها المغرب والساعية إلى تغيير التشكيلة الديموغرافية للصحراء الغربية، وأكد أن الصحراويين ممنوعون في وطنهم من القيام بأية مبادرة لتحسين أوضاعهم السياسية والإقتصادية والإجتماعية.
وأكدت ممثلة منظمة العفو الدولية السيدة سيرين راشد الباحثة في شؤون المغرب الأقصى والصحراء الغربية بالمنظمة في مداخلتها أن الحديث عن تقرير المصير والتشكيك في مغربية الصحراء خط أحمر يؤدي إلى المحاسبة من طرف القضاء المغربي تحت ذريعة المساس بالوحدة الترابية.
وتحدثت ممثلة منظمة العفو الدولية عن إنعدام حرية التعبير وحرية التجمع والتظاهر وحظر الجمعيات الصحراوية المدافعة عن تقرير المصير من قبل السلطات المغربية. وتطرقت لأحداث اكديم ايزيك والانتهاكات الخطيرة التي ارتكبتها القوات المغربية قبل وبعد تفكيك المخيم والتجاوزات التي شابت المحاكمة العسكرية لمدنيين على إثر أحداث اكديم ايزيك.
وأكدت أن منظمة العفو الدولية ستجدد طلبها إلى مجلس الأمن من أجل إنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية ضمن بعثة لمينورسو.
وأعطى رئيس الندوة الكلمة للحاضرين الذين تجاوز عددهم 80 شخصا ممثلين للبعثات دبلوماسية والمنظمات غير الحكومية وباحثين وصحفيين، وقد حاول أشخاص بعضهم موظفين في السفارة المغربية في لندن التشويش على الندوة في محاولة يائسة لتحوير النقاش وتضييع الوقت على المتدخلين الآخرين متهمين الطرف الصحراوي بإتهامات واهية جاهزة دائما عند المغرب عن شعوره بالضعف كما اتهموا الوفد بالإنحياز وقد بلغ بهم التوتر حد الخروج عن اللباقة في التعامل مع رئيس الندوة.
وأجمع جميع المتدخلون بعد ذلك على أن قضية الصحراء الغربية قضية تصفية إستعمار مذكرين بقرار محكمة العدل الدولية ومطالبة الجمعية العامة سنة 1979 للمغرب بضرورة إنهاء إحتلاله اللاشرعي للصحراء الغربية وأنه لا توجد دولة واحدة بما في ذلك فرنسا تعترف بسيادة المغرب على الصحراء الغربية، وأكدوا على أن العديد من منظمات حقوق الإنسان أصدرت تقارير حول إنتهاكات حقوق الإنسان في المناطق المحتلة من الصحراء الغربية، وأشار المشاركون أن المغرب هو البلد الوحيد الذي يتحدث عن إنتهاكات في مخيمات اللاجئين ومع ذلك يرفض إنشاء آلية دولية لمراقبة حقوق الإنسان. وطلب رئيس الندوة من ممثل جبهة البوليساريو في بريطانيا الأخ محمد لمام محمد عالي بتقديم مداخلته واستهلها بتهنئة الوفد على نجاح مهمته في تقصي الحقائق في المناطق المحتلة والتي تعتبر الأولى من نوعها في بريطانيا، وأكد لهم أن الصحراويين في المناطق المحتلة وفي مخيمات اللاجئين وفي الشتات تابعوا بإهتمام هذه الزيارة وقد أشعرتهم بأن هناك من يدعمهم ويدافع عنهم في ظل ما يعانونه في محنتهم. وعبر الأخ محمد لمام محمد عالي أنه يشاطر لجنة تقصي الحقائق ومنظمة العفو الدولية الرأي بخصوص توسيع صلاحيات المينورسو وأكد ان الحكومة الصحراوية وجبهة البوليساريو على استعداد دائم من أجل إنشاء آلية لمراقبة حقوق الإنسان في المناطق المحتلة والأراضي المحررة وفي مخيمات اللاجئين ومتسائلا في الوقت ذاته هل يمكن للإخوة في المغرب أن يبادروا بالمثل. وفي ختام الندوة أعلن رئيس المجموعة البرلمانية من أجل الصحراء الغربية عن إنطلاق الحملة الدولية من أجل توسيع صلاحيات المينورسو لتشمل مراقبة حقوق الإنسان في الصحراء الغربية من طرف منتدى العمل من أجل الصحراء الغربية، وشكر الحاضرين على النقاش المثمر وعبر عن أسفه لأن مثل هذه الندوات لا يمكن إجراءها في العيون المحتلة. وكان منتدى العمل من أجل الصحراء الغربية قد أطلق العام الماضي حملة مماثلة لاقت ردود إيجابية كثيرة، ويعتبر المنتدى ائتلاف يضم عدة منظمات وجمعيات بريطانية مدافعة عن حقوق الإنسان من بينها جمعية حملة الصحراء الغربية في بريطانيا بالإضافة إلى شخصيات وازنة من نواب وحقوقيين. وتجدر الإشارة إلى أنه تم يوم الثلاثاء تسليم رسالة إلى الوزير الأول البريطاني يدعوه فيها الموقعون إلى ضرورة المساهمة في خلق آلية لمراقبة حقوق الإنسان، ووقع على الرسالة أعضاء لجنة تقصي الحقائق بالإضافة إلى متضامنين بريطانيين وعن الجانب الصحراوي الأخ محمد لمام محمد عالي ممثل جبهة البوليساريو في بريطانيا والناشط الحقوقي ابراهيم دحان رئيس الجمعية الصحراوية لضحايا الإنتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان.