يحتفل الشعب الصحراوي اليوم السبت بالذكرى ال41 لتأسيس جبهة البوليساريو في 10 ماي 1973, عقد المؤتمر التأسيسي تحت شعار " بالبندقية ننال الحرية " ، من أجل إعلان ميلاد الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ( جبهة البوليساريو ) واندلاع الكفاح التحريري المسلح. حلل البيان السياسي الذي حمل لواء الفقيد محمد سيدي إبراهيم بصيري ، الوضع والأسباب العميقة التي دفعت الشعب الصحراوي إلى امتشاق البندقية وإعلان الكفاح المسلح ضد الإدارة الاستعمارية الإسبانية وذلك بعد فشل كل أساليب النضال السلمي التي قمعت بعنف وهمجية من قبل المستعمر في 17 يونيو1970 وأعلن البيان بعبارات واضحة، الأسباب التي أدت إلى تبني هذا الخيار مؤكدا على أنه لم يكن هناك غيره : " إزاء تشبث الاستعمار بالبقاء مسيطراً على شعبنا العربي الأبي ، ومحاولة تحطيمه بالجهل والفقر والتمزق وفصله عن الأمة العربية ، وإزاء فشل كل المحاولات السلمية. تتأسس الجبهة الشعبية لتحرير الساقية الحمراء ووادي الذهب ، كتعبير جماهيري وحيد متخذة العنف الثوري والعمل المسلح ، وسيلة للوصول بالشعب الصحراوي إلى الحرية الشاملة من الاستعمار الإسباني." عشرة أيام بعد ذلك، أي في 20 ماي 1973, اندلعت شرارة الكفاح المسلح ضد الاستعمار الإسباني ، بقيادة جبهة البوليساريو مع عملية الخنكة التاريخية التي شكلت الشرارة الأولى للفعل المسلح الذي تواصل في مواجهة الاستعمار الإسباني ثلاث سنوات قبل أن يفرض على الشعب الصحراوي الانخراط في الكفاح مجددا بعد تعرض وطنه للغزو سنة 1975 ولم يتوقف حتى 6 سببتمبر1991 مع وقف إطلاق النار الذي لازال ساري المفعول لقد تكبدت إسبانيا ثمنا غاليا أمام ضربات جبهة البوليساريو في عدة معارك ضارية ، وأجبرت الانتصارات العسكرية المتتالية التي حققها المقاتلون الصحراويون الإدارة الإسبانية على محاولة " استنساخ " وتقليد الإستراتيجية التي اتبعتها فرنسا في مستعمراتها الإفريقية ، والمتمثلة في إنشاء حكم ذاتي داخلي يخفي نواياها من خلال خدعة حزب الاتحاد الوطني الصحراوي الذي أنشئ حسب المزاج الاستعماري وبدعم منه. لكن الحزب المذكور لن يطول به العمر حتى ينفضح وتتكشف أوراقه ، لذلك لم يتريث زعماؤه في التخلي عنه ، فمنهم من انضم إلى جبهة البوليساريو ومنهم من فر إلى المغرب ، خاصة بعد زيارة لجنة تقصي الحقائق الأممية يوم 12 ماي 1975. تأتي الذكرى ال 41 لتأسيس جبهة البوليساريو عقب جملة من الأحداث التي شهدتها المناطق المحتلة من الصحراء الغربية ، بخاصة التطورات الأخيرة على مسار التسوية وملف المفاوضات في ظل غض الطرف من المجتمع الدولي رغم قرارات الأممالمتحدة وتقارير أمينها العام الواضحة ، والتي كان آخرها قرار مجلس الأمن رقم 2014/2152 الذي يؤكد من جديد على حق الشعب الصحراوي في حق تقرير المصير ، وفي وقت يعلن المغرب تملصه مجددا من التزاماته الدولية ، في مقدمتها التهرب من تنظيم استفتاء لتقرير المصير يخلد الحدث وسط حضور وطني ودولي لافت في ظل متغيرات دولية وجهوية "غير مسبوقة" في نظر المراقبين ، منها عودة القضية الصحراوية إلى الأجندة الدولية في ظل " التفاف وطني شامل " من حول أهداف ومثل جبهة البوليساريو وسط تعاطف دولي كبير وتنديد بجرائم الاحتلال المغربي والتشهير بها في حق الشعب الصحراوي على أكثر من صعيد فالشعب الصحراوي يحتفل بمرور 41 سنة على تأسيس جبهة البوليساريو واندلاع الكفاح المسلح وسط كذلك " مكاسب " سياسية ودبلوماسية على الصعيد الدولي منها تكريس عضوية الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية في منظمة الوحدة الإفريقية واعتراف الدول ( 80 بلدا عبر العالم ) في حين تحظى جبهة البوليساريو بمكانة " متميزة " كونها ممثلا شرعيا ووحيدا للشعب الصحراوي وكشريك في صنع السلام في المنطقة باعتراف من الأممالمتحدة وكافة المنظمات الدولية ، في مقابل عدم وجود أية دولة أو منظمة تعترف للمغرب " بمزاعمه " التوسعية في الصحراء الغربية التي تظل مسألة تصفية استعمار بحسب قرارات وتوصيات الجمعية العامة ومجلس الأمن الدولي وفي جبهة المناطق المحتلة ، يتصاعد رفض الاحتلال المغربي وتصعيد "نهج" الانتفاضة السلمية رغم شراسة القمع المغربي ، في وقت تعلن عديد المنظمات والهيئات الدولية إدانتها لممارسات النظام المغربي وتتبنى الأممالمتحدة ضرورة احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير وتدعو النظام في المغرب إلى "تحسين" وضعية حقوق الإنسان عبر " تدابير موضوعية ذات مصداقية " تنسجم مع مقتضيات القانون الدولي ، في أفق تسوية عادلة ومنصفة عبر احترام حق الشعب الصحراوي في تقرير المصير والاستقلال وفي جبهة الاستعداد والجاهزية، تطل الذكرى وجيش التحرير الشعبي الصحراوي يتضاعف عدة وعتادا بالمقارنة مع ثلة المقاومين الذين أعلنوا الكفاح المسلح قبل أربعين سنة والذين كان عددهم يومها 17 مقاوما ، كما أوضح رئيس الدولة في خطابه يوم 10 ماي 2013 بمناسبة ذكرى تأسيس البوليساريو الأربعين. تحل الذكرى والدولة الصحراوية تمارس سيادتها على أزيد من 25 %من مساحة ترابها الوطني في وقت توفر الدولة الصحراوية عبر مؤسساتها ، خدمات اجتماعية وثقافية وإدارية " تنظمها وتسيرها " آليات قانونية وتشريعية صحراوية وفي خطاب السنة المنصرمة لم يستبعد الرئيس محمد عبد العزيز احتمال " اللجوء إلى الكفاح المسلح من أجل وضع حد للاحتلال المغربي، إذا لم تتمكن منظمة الأممالمتحدة من التوصل إلى تسوية نهائية للقضية الصحروية عن طريق تنظيم استفتاء تقرير المصير". للإشارة ، شرعت جبهة البوليساريو في الكفاح المسلح يوم 20 ماي 1973 ضد الاستعمار الإسباني بتنفيذ أول عملية عسكرية ضد الحامية الإسبانية في الخنكة شمال مدينة أجديرية على مقربة من الحدود مع المغرب ، ثم تواصلت المقاومة المسلحة سنوات 1974 ، 1975 التي شهدت الغزو المغربي / الموريتاني عقب مسيرة الاجتياح سنة 1975 وفي خطوة "متميزة" ، تم الإعلان عن تأسيس أول مجلس وطني صحراوي مؤقت 28 نوفمبر 1975 قبل الإعلان عن ميلاد الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية مباشرة بعد جلاء آخر جندي إسباني من الصحراء الغربية 27 فبراير 1976. وقد اعترفت اللائحة 34/37 المصادق عليها من قبل الجمعية العامة لمنظمة الأممالمتحدة يوم 21 نوفمبر 1979 بجبهة البوليساريو " كممثل للشعب الصحراوي ". وصادق مجلس الأمن لمنظمة الأممالمتحدة يوم 30 أبريل الماضي على القرار رقم 2152/2014 حول الصحراء الغربية حيث جدد فيه دعوته إلى " حل سياسي عادل ودائم يقبله الطرفان يضمن حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره" مشيرا إلى " أهمية تحسين وضعية حقوق الإنسان ومراقبتها بطريقة مستقلة ذات مصداقية " واحترام تكوين الجمعيات وحرية التعبير كما وضع تقرير الأمين العام للأمم المتحدة المقدم يوم 10 أبريل الماضي، المنتظم الدولي أمام حقيقة جديدة ، أن إطالة أمد النزاع ووضعية الجمود الراهنة تتطلبة في حالة عدم احراز تقدم "مراجعة شاملة" لخطة التسوية برمتها منذ 2007 ، خلال ابريل المقبل .. الحدث يميزه هذه المرة تنظيم فعاليات سياسية، ثقافية،رياضية في المخيمات والاراضي المحررة والمهجر، فيما يظل "التصعيد" في مواجهة الاحتلال سيد الموقف في المناطق المحتلة وجنوب المغرب .