سلخ المقاومة عن حاضنتها الشعبية الحقيقية كانت أبرز أهداف الاحتلال الصهيوني، ليس في حربه الأخيرة والتي تُعد الأعنف والأطول في تاريخ الصراع الفلسطيني الصهيوني، بل في كل تحركاته واعتداءاته المتواصلة منذ احتلاله لفلسطين. يحاول الاحتلال أن يستفرد بالمقاومة تارة وبالمدنيين تارة أخرى، عله ينزع حاجز الثقة الذي بنته المقاومة على مدار عقودٍ طويلة مع الناس، لكن طبيعة الشعب الفلسطيني وخبرته الطويلة بمكر الاحتلال وخبثه تجعل الناس أكثر تمسكاً بالمقاومة ونصرتها.
نزع سلاح المقاومة تصدرت هذه الجملة عناوين الأخبار والصحف، لكنها لم تعر اهتمام الغزيين الذين باتوا موقنين أن هذا يقابله نزع الروح. وقد تجلى ذلك بشكل لا لُبس فيه خلال الحرب الأخيرة، فهذا يُقصَف بيته فتجده يقول: "أنا مع المقاومة"، وتلك يرتقي أبناؤها شهداء فتردد: "الله مع المقاومة وأنا معهم، وزيدوا العدو من ضرباتكم". هذه الحالات كانت نماذج حاضرة في وسائل الإعلام وعلى أرض الواقع لتختصر القضية على أصحاب عبارات التغني بالسلم ونزع سلاح المقاومة أن هذا أصبحاً درباً من العجز والخيال.
السلاح مقابل الروح يعُد المواطن سامح رياض (32 عاماً) سلاح المقاومة بمثابة الروح لهذا الشعب، يقول لمراسلنا: "السلاح مقابل الروح، فمن أراد أن ينزع سلاحنا فهو يريد أن ينزع روحنا، وهذا ما يجب ألا نقبله وسنقاتل من أجله بقوة. ويتساءل المواطن عمر البطة متعجباً: "إذا الناس اللي انهدمت بيوتها وعندها أبناء وبنات شهداء ما تخلوا عن المقاومة .. كيف بدهم اللي طلع من الحرب بأقل الأضرار يتخلى عنها، والله لو كل يوم يشنوا علينا حرب راح نضلنا مع المقاومة اللي رفعت راسنا". وحتى مع رفع الحصار وفتح المعابر وتقديم ضمانات دولية، فإن البطة يعبر عن خشيته من غدر الاحتلال، ويرفض بأي شكل من الأشكال نزع سلاح المقاومة.
المقاومون أولادنا أما الحاج أبو محمد حجازي (53 عاماً) فيُجيب مبتسماً: "أصلاً مين هما المقاومة غير أولادنا ؟!، في حد بيستغني عن أولاده؟". ويضيف: "هادي المقاومة شرفنا وعزتنا، واللي بمد يده على سلاحها فهي كفيلة بقطع يده، لأنه حقنا راح بالقوة وما حيرجع غير بالقوة إن شاء الله". ويربط أبو محمد نزع سلاح المقاومة بنزع سلاح الجيش الصهيوني، فيقول: "سلاح المقاومة بسيط لا نستخدمه سوى للدفاع عن أرضنا من الاجتياحات والتوغلات العسكرية الصهيونية، الأجدر إنهم ينزعوا سلاح اللي بهدم أبراج سكنية كاملة ولا يستهدف سوى الأطفال والمدنيين الأبرياء" ويلفت الشاب مازن الأشقر في الثلاثينات من عمره في حديثه لمراسلنا، الانتباه إلى أن مصطلح "الانتزاع" يؤكد أن هناك عنجهية في التعامل مع المواطن الفلسطيني، ويضيف: "هم لا يعرفون سوى لغة القوة، كان الأولى يقولوا تسليم سلاح المقاومة، وعشان هيك نحن ضد نزع أو حتى تسليم السلاح بأي ثمن كان".
أحلام نتنياهو فيما ذهب الشاب مصطفى الحلو، إلى اعتبار المساس بسلاح المقاومة "خطا أحمر لا يمكن تجاوزه أو الحديث بشأنه". وقال: "مجرد مناقشة هذا الموضوع أو التطرق إليه هو عارٌ على الشعب الفلسطيني الذي لم يتخلَّ عن سلاحه طوال فترة كفاحه". كما يقول. ويشاطره رفيقه عيسى الشنطي الرأي بقوله: إنّ "الحديث عن نزع السلاح ليس إلا مجرد أوهام وأحلام تراود نتنياهو وحكومته"، داعياً وسائل الإعلام بتداول الأمر فقط لتثبت للعالم أن الشعب الفلسطيني لا يمكنه أبداً التخلي عن شرف سلاح المقاومة.
قال رئيس الوزراء الصهيوني بنيامين نتنياهو، إن حكومته ستصادق في جلستها امس الأحد على خطة خمسية لدعم التجمعات السكنية في محيط قطاع غزة. جاء ذلك خلال الجلسة الأسبوعية للحكومة الصهيونية التي عقدتها في مكتب المجلس الإقليمي "حوف أشكيلون" جنوبفلسطينالمحتلة، والتي تناولت قضية تقليص مبلغ يعادل ملياريْ شيكل (نحو 560 مليون دولار) من ميزانيات جميع الوزارات باستثناء وزارة الدفاع لتغطية النفقات المترتبة على عملية (الجرف الصامد) في قطاع غزة". وقال بنيامين نتنياهو في مستهل الجلسة بحسب الإذاعة العبرية: "ما شهدناه في الفترة الأخيرة يثبت أن الأمن يجب أن يأتي قبل أي شئ آخر، وبالتالي تبدأ الحكومة اليوم بتغطية النقص الذي تعانيه الأجهزة الأمنية". وأضاف أن "مجلس الوزراء سيصادق اليوم على خطة خمسية لدعم التجمعات السكنية في محيط قطاع غزة، تشمل ترميم البنى التحتية والمرافق الزراعية والتطوير الصناعي والاقتصادي"، مشيرا إلى أنه "ستتم المصادقة في غضون شهر على خطة مماثلة لدعم تجمعات سكنية أخرى في جنوب "إسرائيل" بما فيها مدينتا "أسدود وعسقلان". وشنّ الكيان الصهيوني حربًا على قطاع غزة في ال 7 من (يوليو) تموز الماضي، وتوقفت الثلاثاء الماضي، بعد إعلان وقف إطلاق النار بين الكيان الصهيوني وفصائل المقاومة الفلسطينية، وأسفرت الحرب عن استشهاد ما يزيد عن 2100 فلسطيني، وأكثر من 11 ألف جريح.
وفاة جندي صهيوني متأثرَا بجروحه
أعلن الناطق باسم جيش الاحتلال الصهيوني امس عن مقتل الجندي شاخر شليف من لواء المظلين متأثراً بجراح أصيب بها خلال اشتباك مسلح شرقي خان يونس جنوب قطاع غزة. وأصيب الجندي جراء إصابته بشظايا عبوة ناسفة، وقتل جراء تفجير العبوة في نفس اليوم ثلاثة جنود صهاينة. وبذلك يرتفع عدد قتلى جنود الجيش الصهيوني الذين قتلوا إلى 72 جنديًا حسب المصادر الرسمية الصهيونية.
كشف الخبير الفلسطيني في القانون الدولي، الدكتور حنا عيسى، النقاب عن أن مجموع المستوطنات في الضفة الغربية وشرقي القدس بلغت 503 مستوطنات، وأن عدد المستوطنين في هذه المستوطنات يزيد عن مليون مستوطن. وقال عيسى في تصريح صحفي امس إن "التوسع الاستيطاني الصهيوني في شرق القدسوالضفة الغربية غير مشروع بحسب رأي محكمة العدل الدولية استنادًا لقواعد القانون الدولي بما في ذلك قواعد اتفاقيات جنيف لسنة 1949". وأشار عيسى، إلى أن "التوسع في مستوطنات الضفة الغربيةالمحتلة يجرى بمعدل أعلى من معدل نمو السكان في "إسرائيل". وأضاف أن "بناء الجدار العازل الذي يبلغ طوله 725 كيلومتر ويمتد من غور الأردن شمالاً حتى جبال الخليل جنوبًا ويمر بعمق 140 كيلومتر في مستوطنات الضفة الغربية، يبتلع نحو 20 في المائة من مساحة الضفة الغربية البالغة بالأصل 5844 كيلومتر مربع، وأن الطرق الالتفافية التي ضمتها "إسرائيل" في هذه المناطق تبلغ 800 كيلومتر مربع". ولفت عيسى، إلى أنه في عهد الرئيس الأمريكي الأسبق جيمي كارتر وصفت هذه المستوطنات بأنها غير شرعية ولكن الإدارات الأمريكية المتتالية استخدمت لهجة أخف ووصفتها بأنها "عامل غير مساعد أو عقبة أمام اتفاق سلام". وتساءل عيسى -والذي يشغل أيضًا منصب الأمين العام للهيئة الإسلامية المسيحية- قائلاً: "كيف يمكن الحديث عن دولة فلسطينية مستقلة بعاصمتها الجزء الشرقي من القدس على حدود الرابع من حزيران لسنة 1967 وبتعداد سكاني فلسطيني أربعة ملايين وثمانمائة ألف نسمة حاليًّا، والمستوطنات الصهيونية تبتلع الأراضي وتحرم السكان الأصليين من التمتع بحريتهم واقتصادهم، وتحجب في نفس الوقت إمكانية لسيادة حقيقية على الأرض؟". وطالب حنا، العالم أن يتحرك دوليا لإجبار الاحتلال التوقف عن مواصلة سياساته الاستيطانية وتحديه للإرادة الدولية الهادفة إلى إحلال السلام والاستقرار في المنطقة.
250 طفلا في سجون الاحتلال
قالت وزارة شؤون الأسرى والمحررين إن هنالك (250) طفلا فلسطينيا دون ال 18 عاما، فى السجون الصهيونية يتعرضون لانتهاكات "صارخة تخالف كل الأعراف والمواثيق الدولية التى تكفل حماية هؤلاء القاصرين وتأمين سلامتهم الجسدية والنفسية والتعليمية". وأكدت الوزارة في بيان، امس أن أجهزة الأمن الصهيونية ترتكب عشرات الانتهاكات بحق الأطفال فى السجون منذ لحظة اعتقالهم حتى تحريرهم.
وأضافت، إن من هذه الانتهاكات "الضغط النفسي بأشكال عدة وغير مقبولة أخلاقياً وإنسانيا، والتعذيب الجسدي القاسي كإجبار الطفل للجلوس على كرسى التحقيق مقيد الأيدى والأرجل، ووضع كيس كريه الرائحة على الرأس، ومنها الحرمان من النوم، والهز العنيف، والعزل الانفرادي لأسابيع، والضرب المبرح بأدوات متعددة، والحرمان من العلاج، والتفتيش العاري، والتهديد باعتقال الأم أو الأخت أو التهديد بهدم البيت واستخدام موسيقى مزعجة والعديد من الأساليب الأخرى". من ناحيته طالب الممثل الإعلامي لوزارة الأسرى بقطاع غزة رأفت حمدونة، المؤسسات العاملة فى مجال الطفولة وحقوق الإنسان "بالتركيز على المعتقلين الأطفال فى السجون والعمل على تحريرهم، وتأمين رعاية وعناية خاصة بهم، ورفع دعاوى بحق الاحتلال لاستئناف أحكامهم التى تم الحصول عليها بوسائل وأساليب تعذيب جسدية ونفسية غير إنسانية، وضمن محاكم ردعية عسكرية غير قانونية".
حماس: التهدئة لا تنتهي بانتهاء الشهر
أكدت حركة المقاومة الإسلامية "حماس" أن اتفاق التهدئة الذي أبرم قبل أيام بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني لا ينتهي بانتهاء مدة "الشهر". وقال سامي أبو زهري الناطق باسم الحركة في بيان صحفي امس : "إن ما تم ذكره في الاتفاق بخصوص الشهر، هو أن تبدأ جلسات المفاوضات قبل انتهاء الشهر أما التهدئة فهي مستمرة". وأشار إلى أنه جرى التأكيد على ذلك "منعاً للالتباس عند أبناء شعبنا". وجرى توقيع اتفاق تهدئة بين المقاومة الفلسطينية والاحتلال الصهيوني قبل أيام، توقف على إثره العدوان الصهيوني على قطاع غزة، والذي استمر لنحو 51 يوما.
الجنايات: التوقيع على اتفاق روما شرط للتحقيق بالجرائم
قالت المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية فاتو بنسودا إن عدم انضمام دولة لمعاهدة روما يقضي بعدم فتح تحقيق أو نظر بجرائم اقترفت بحق مواطني تلك الدولة. وأوضحت بنسودا في مقالٍ لها في صحيفة "ذي غارديان" البريطانية الجمعة أن معاهدة روما تنص على أنه لا يحق للمدعي العام التحقيق أو النظر بجرائم إلا إذا اقترفت على أرض دول أو من جانب مواطني تلك الدول الأطراف بالمعاهدة أو التي قبلت بالاختصاص القضائي للمحكمة الجنائية الدولية من خلال الإعلان عن ذلك بحسب المادة 12 الفقرة الثالثة من المعاهدة. يشار إلى أن السلطة الفلسطينية لم توقع حتى اليوم على اتفاق روما الخاصة بتشكيل محكمة الجنايات الدولية لملاحقة مجرمي الحرب "الإسرائيليين" وتقديمهم للعدالة. وأشارت بنسودا إلى أن فلسطين لم تقرر بعد الانضمام للمعاهدة رغم قيامها بتوقيع عدد من الاتفاقيات الدولية المتنوعة منذ حصولها على صفة "دولة مراقبة غير عضوة" بالأمم المتحدة أواخر 2012، وأنها لم تعلن شيئا يفيد بقبولها اختصاص المحكمة من عدمه. ونفت المدعي العام التعرض لضغوط سياسية تجعلها تتجنب فتح تحقيق بجرائم حرب بغزة، وأن أغلبية "الإسرائيليين" يرون أنه لا منتصر بالحرب، وأن أغلبية الشهداء في غزة مدنيون. وأضافت بنسودا أنه لا يمكنها كمدعية عامة القيام بالنيابة عن القادة الفلسطينيين، مما يعني أن الجرائم المقترفة في غزة لا تدخل في اختصاص المحكمة الجنائية الدولية. واختتمت مقالها بالقول إنها تؤمن إيمانا راسخا بأن طلب العدالة لا ينبغي أن تشوبه النفعية السياسية، وإن الفشل في ذلك "المطلب المقدس" لن يقتصر أثره على النيل من العدالة واهتزاز ثقة الناس، ولكنه يزيد من معاناة الضحايا، وهو ما "لا نسمح به أبدا".