عبّرت الكاتبة أحلام مستغانمي عن عدم رضاها عن النصف الثاني من مسلسل «ذاكرة الجسد» المقتبس من روايتها، إذ يحمل، في تعبيرها، «إهانات بحق الجزائر»، معبرة عن «ألمها العميق لأن هذا العمل كان يمكن أن يكون أجمل لو مُنح وقتاً أكثر، ولو تمّ العمل عليه بشغف أكبر». وأضافت مستغانمي في حديث إلى مجلة «وطن»: «لا أريد أن أشوه عملا يحمل اسمي وأقول ما يسيء إليه، لكن المسلسل في حلقاته ال 15 الأولى كان مطابقا تماما لما جاء في الرواية وكان المونولوغ يحمل حميمية اللغة التي أحبها القرّاء، لكن بحكم إطالة العمل إلى 30 حلقة بدأ الخروج على النص». ورأت أن «تم إدخال شخوص (إضافية) أساء إلى العمل «إذ ظهرت نساء هستيريات بشكل غير لبق، وتحوّل خالد بطل الرواية تحول إلى رجل سكّير يتردد على الحانات»، لافتة إلى أن «هذه الإضافات لم أتقبلها ولا أظن أن القراء الذين أحبوا الرواية تقبلوها». أشارت مستغانمي إلى أن «الرواية تحمل بعدا «رمزيا» لم يتمكن العمل من إيصاله إلى المشاهد وربما لم يَعِ الأستاذ نجدت أنزور هذا البعد»، موضحة أن «حياة بطلة الرواية كانت تعني بها الجزائر التي اغتصبها العسكر الفرنسي، فهي تحب المثقف والمجاهد في رمزية خالد والمناضل في زياد، لكنها في النهاية تعقد قرانها على العسكري ويدعى خالد لمباركة اغتصابها. هذا البعد لم ينتبه إليه أنزور، ما جعل الكثيرين يعتقدون ان البطلة امراة لعوب مذبذبة عاطفيا تحب رجلين وتتزوج من ثالث من دون سبب منطقي». ورأت أن غياب هذه الأبعاد عن العمل حولت حياة على يد المخرج إلى امرأة عادية يضربها زوجها حيناً ويكسوها بالألماس حيناً، وهو ما لا يشبه صفات الرجل الجزائري وتصرفاته التي كان يجب أن يؤديها ممثل جزائري». وفي هذا السياق اثنت أحلام «على تمثيل اللبناني جهاد الأندري في أداء يحسب له كزوج لحياة، إلا أنّ شيئا ما كان ينقص الشخصيّة لا مؤدّيها». وأردفت في مرارة: «العديد من الأمور التي تحدثت عن الجزائر آذتني ولو استشرت ما قبلت بها أبدا، مثل السيارة العتيقة التي كان يقودها ابن شهيد كبير في الجزائر. هذه إهانة للدولة الجزائرية فهي لا تعطي سيارة عتيقة وبتلك الحالة البائسة لابن أحد كبار شهداء الجزائر! وأعطيتهم ملاحظات في هذا الصدد. كما أنّ البيت الذي صوّرت فيه مشاهد قسنطينة من غير المعقول أن يجلس الناس طوال اليوم في وسط داره وحول المائدة نفسها من دون أي وسائد، فهذه ليست قسنطينة التي تتباهى بجمال مجالسها ولا هذه تقاليدنا ولم يسألوا أحدا عن ذلك». لكن يتحمل مسؤولية هذه الأخطاء كافة؟ تجيب أحلام: «إن الجانب الجزائري المسؤول على المسلسل لم يتابع هذا الموضوع، فالشركة التي تابعت الموضوع في الجزائر لم تأخذ التفاصيل مأخذ الجدّ». وهل بذلت محاولات لتصحيح هذه الأخطاء؟ توضح الكاتبة: «حضرت خصّيصا إلى الجزائروقسنطينة لمتابعة العمل، لكن لا أحد شرح لي ماذا يحدث. لقد تدخلت في اللحظات الأخيرة في مشهد حفل الزفاف، خاصة أنه كان يشكل هاجساً كبيراً لديّ لأنه سيدخل إلى كلّ البيوت العربية تقاليدنا في الزفاف، كما كان فرصة لتعريف العالم العربي إلى أزيائنا وتقاليدنا، ولولا تدخّلي ما كانوا ليعرضوا الثياب التقليدية القسنطينية كما بدت في المسلسل». «كان هناك العديد من الإضافات التي فوجئت بها» تقول مستغانمي، عازية السبب في هذه الأخطاء التي رافقت العمل إلى «ضيق الوقت بغية توفير المصاريف، كما أن المخرج نجدت أنزور لم يكن يملك الوقت أصلا فهم جاؤوا إلى قسنطينة لأربعة أيام فقط لإنهاء التصوير، من دون أن يسبق ذلك أي تحضيرات لمعرفة المدينة وروحها». وتلفت مستغانمي إلى أن «مالكي المسلسل لم يستشيروها في تفاصيل كثيرة باستثناء اختيارها لأمل بوشوشة كبطلة للعمل»، مؤكدة أنها أبلغت التحفظات التي كانت لديها عن العمل إلى سائر العاملين في المسلسل، وإلى الشركة الجزائرية المسؤولة على العمل وقلت أنّ ما حدث عيب. كان في إمكانهم الاستعانة بأجمل الجميلات في الجزائر، لكن الشركة استعانت بما توفّر لها من نساء. أما في ما يخصّ الحضور الذكري فإني نشرت إعلانا في الصحف المحليّة فحضر ما هبّ و دبّ للمشاركة في تصوير المشاهد. بكيتُ يومذاك وأنا أستجدي بعض النساء اللائي توسّمت فيهنّ الجمال القسنطيني ليحضرن ويرقصن في هذا العرس من أجل الجزائر». من الذي يتحمل هذا الخطأ؟ المخرج نجدت أنزور أم الشركة المنتجة؟ تجيب مستغانمي: «إنه خطأ الشركة المنتجة، كان عليها أن تولي هذا المشهد اهتمامًا كبيراً إذ يشكّل أهمّ حدث في مشاهد المسلسل التي تخصّ قسنطينة، لا أن تتذرّع بأنّ نساء قسنطينة محافظات ولا يمكنهنّ الظهور في المسلسل. كان لابدّ من غيرة وطنيّة أكبر وغيرة على صورة الجزائر». يذكر أن مسلسل «ذاكرة الجسد» المقتبس من رواية تحمل العنوان نفسه للكاتبة الجزائرية أحلام مستغانمي، عرض في رمضان الماضي على سبع فضائيات عربية، بطولة الفنان السوري جمال سليمان والجزائرية أمل بوشوشة، إخراج نجدت أنزور. وتعد رواية «ذاكرة الجسد» من أكثر الروايات مبيعاً في العالم العربي إذ وصلت إلى طبعتها ال34 عن «دار الآداب»، وهناك 100 ألف نسخة طُبعت في «مطبوعات» أحلام مستغانمي، فضلاً عن الطبعات الخاصة بالجزائر، والأخرى المقرصنة بأعداد لا تُحصى في العالم العربي