الرواية والارهاب، هي مقاربة متشعبة، على تعدد مستوايات تناولها، أثارت مرارا نوعا من النفور، لربط المصطلحين المتناقضيان، فالأول يصبو إلى الإنسانية والحياة، والثاني لم يخلف إلى الدمار والموت، إلى أن ملتقى الرواية الذي يشرف عليه الروائي سمير قاسيمي ، إرتأى أن يعود للغوص في هذه التيمة التي تمثل حقبة من التاريخ الجزائري خلال سنوات الجمر، والتي تركت كل الأثر على هذا اللون الأدبي، وحان الوقت لطرح تساؤل جدي، هل ما كتب من روايات عن الإرهاب نهاية القرن الماضي هو أدب إستعجال؟... حيث صبت تدخلات كل من الروائيين، حميدة العياشي، حميد عبد القادر، وأمين زاوي، ليحكوا عن تجربتهم في الكتابة عن هذه النقطة. وإنطلقت بقصر الثقافة "مفدي زكريا"، أولى حلقات ملتقى الرواية، الذي تشرف عليه وزارة الثقافة، بموضوع حمل عنوان " الرواية والارهاب... الكتابة بأدوات الجمر "، وأوضح الروائي سمير قاسيمي خلال تلخيصه لمحة عن الموضوع، أن موضوع الرواية والإرهاب تم رفضه سابقا بسبب إدراج مصطلح الإرهاب، وغير في مناسبات إلى كلمة عنف، مضيفا، أن هذه الفرصة ستسمح في الخوض في حقيقة أدب الإستعجال، وهل يمكن لهذا الأخير أن يكون على حد من الرقي والجمالية.
حميدة العياشي: الكتابة عن الإرهاب، هو فعل للتخلص من الخوف
حاول الإعلامي والروائي حميدة العياشي، تفكيك هذه الإشكالية بتشريح تجربته الخاصة في الكتابة عن ظاهرة الإرهاب، مستشهدا بروايته متاهات، حيث قال: "هنا لأ أمارس فعل الإدانة، بل هي تجربة شخص عايش تلك الفترة، والكتابة لي كانت بمثابة تحرر من الخوف، وكان يهمني أكثر تلك الجماليات بين طيات الأزمة والعنف، كما أشتغلت على عدة مستويات من اللغة، إنطلاقا من التراثية، ووصولا إلى ما بعد الحداثة "، أما عن تهمة الإستعجال للرواية، أعطى العياشي مثال، إبداعات كاتب ياسين الذي كتب عن الثورة إبان الحقبة الإستعمارية، وأبدع أيما إبداع، بل فاقت ماجاء لاحقا.
حميد عبد القادر: الكتابة عن الإرهاب هو فعل مقاومة
من جهته اعتبر الروائي والاعلامي حميد عبد القادر، الكتابة عن الإرهاب هو نوع من أنواع النمقاومة أنذاك، وأضاف : "الرواية الجزائرية هي رواية سياسية بإمتياز، تناةلت دائما فعل المقاومة"، كما عرج عبد القادر على تجربته الخاصة في التسعينات، وروايته "الإنزلاق" التي أوضح أنها جاءت نتاج حالة شخصية، لفرد حمل الكثير من الرؤى الحداثية ومعه الكثيرون، صدموا بمشهد محاولة فكر يستند على شرعية دينية، يحاول خلافة حكم استمد هو الأخر شرعيته من الثورة.
أمين زواوي: "صحفيون اقتحموا الرواية، لكن قدموا صورة عن جزائر التسعينات رغم ضعفهم جماليا"
أما أمين زواي فكان جريئ في طرحه على المتحاملين على الرواية حسبه، واستهل مداخلته بقوله: "الكثير من الصحفيين، والمتقاعدين ممن لم تكن لهم علاقة بالأدب اقتحموا عالم الرواية، كتلك الحواجز المزيفة، لكن شهاداتهم وعلى ضعفها الجمالي، وفرت صورة حقيقية عن الجزائر أنذاك..." وأضاف أمين الزاوي، أن المجتمع الجزائري بظهور التطرف والعنف في الجزائر فجأة، كونه دخيلا عليه، لكن حسب المتدخل، فإن بذور الإرهاب كانت دائما موودة في بعض من محطات التاريخ الإسلاماوي، عبر التاريخ كان الدين أداة للصراع على السلطة. كما اعتبر أنه هناك جيلان ممن كتبوا عن الإرهاب، الجيل الأول على غرار محمد ديب ممن ربطوا الإرهاب بالمستعمر الفرنسي، والجيل الثاني الذي ربط العنف بصراع السلطة، والتراث، كمثال رشيد ميموني، وبوعلام صنصال، هذا الأخير الذي اوظح أنه الوحيد الذي قارب الإرهاب بالنازية، في خطوة ذكية حسب أمين زاوي، كان لها الفضل الكبير في نجاح وشهرة هذا الأديب.