وترامب واستراتيجية الأيحاء بالفشل وخدعة الأنسحاب الأمريكي من الشرق والشمال السوري
جون بولتون شرير البيت الأبيض الجديد صقر بلا مخالب ولكن؟
كتب: المحامي محمد احمد الروسان" لجريدة المسار العربي الجزائرية"
عضو المكتب السياسي للحركة الشعبية الأردنية
انّ الأتفاقيات الأستراتيجية بين أقوى المكونات الدولية موجودة، والخلافات صارت محصورة في الأهداف وكيفية المعالجات، ومقاربات المصالح الدولية الأقتصادية والسياسية، خاصةً مع وصول الفدرالية الروسية الى المياه الدافئة، حيث منابع النفط والغاز والصخر الزيتي واليورانيوم واستثمارت موسكو الحقيقية في ديكتاتوريات الجغرافيا، للوصول الى عالم متعدد الأقطاب وحالة من التوازنات الدولية للحفاظ على الأمن والسلم الدوليين. نواةّ البلدربيرغ الأمريكي ومن تقاطع معها من أطراف في المنظومة الدولية المعادية للنسق السياسي السوري، ومن يدعمه من الحلفاء كروسيّا وايران والصين وجلّ دول البريكس الأخرى وباقي المقاومات في المنطقة وفي العالم، هذه النواة الولاياتيةالأمريكية الأممية وأدواتها في المنطقة، تريد حرباً من زاويتها لا تنهي داعش ومشتقاته والقاعدة ومشتقاتها، بل تعمل على اضعاف هذه الفيروسات وتثبيط نشاطاتهم الأرهابية لغايات اعادة الهيكلة والتوجيه من جديد نحو الآخر(حلفاء دمشق)الداعم للنسق السياسي السوري في أكثر من ساحة وأكثر من منطقة في العالم، مع استنزاف مستمر لسورية الدولة والمؤسسات والقطاع العام والجيش وباقي المنظومة الأمنية. نخب منظومات كارتلات الحكم في الولاياتالمتحدةالأمريكية، تشعر أنّه ثمة سلال مخاطر تحدق وتحيط بها من كل جانب، بسبب هندسة متغيرات دولية وإقليمية ومحلية قادها ويقودها الرئيس دونالد ترامب، لذلك تم تفعيل بعض الرؤى الفوق الإستراتيجية عبر مجتمع أدواتها في الكونغرس الأمريكي لوضع الرئيس تحديداً ثم الدائرة المحيطة به تحت وصايته(أي الكونغرس)، واستطاعت عبر مسارات تم خلقها وتخليقها تشريعيّاً في فرض عقوبات على كل من كوريا الشمالية والجمهورية الإسلامية الإيرانية والفدرالية الروسية عبر قانون خاص قيّد الرئيس ترامب وإدارته والدائرة الضيقة المحيطة به. واضح أنّ الدولة العميقة في واشنطن، تعتبر ترامب طارئاً عليها ومؤقتاً، وبأنّها من القوّة بمكان بحيث تحجمه أو ربما تنهي ولايته مبكراً، ومشكلة الرئيس ترامب أنّ جمهوره الانتخابي من الطبقة ذات الشريحة الدنيا من الطبقة الوسطى وجزء كبير من الريف، ومن أصحاب الوظائف المتوسطة وهذا نفس جمهور أودلف هتلر، مع فارق عن أودلف هتلر أنّ الرأسمالية كانت مع هتلر انتخابياً، وفي حالة ترامب المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي هو مع البنتاغون والكونغرس، أي أنّ نسبة الشارع مع ترامب كل نسبة رأس المال مع خصومه، وخصوم الرئيس ترامب يعتبرون أنّ العداء لروسيا هو ماكينة تشغيل الجيش عالمياً، كون الاقتصاد الأمريكي اقتصاد حروب قائم على الحروب، قطعاً وفصلاً الرئيس ترامب ليس ضد هذا، ولكنه مع محاولة توريط روسيّا لتقاسم العالم وابعادها عن الصين لمنافسة أو ضرب أو إضعاف الصين، عبر حروب الوكالة القادمة في بحر الصين الجنوبي. الرئيس ترامب تواجهه مشكلة أوروبا التي ضاقت ذرعاً بالضغط الأمريكي، وان كانت أوروبا هي مؤسسة العداء لروسيّا، لكنها غير قادرة على فك الهدنة مع موسكو لأسباب منها ملف الطاقة وتشعباته ومسارات أنابيبه عبر الفالقة السورية وغيرها، وفي نفس الوقت وذاته غير قادرة على الخروج من طاعة شريكها التجاري المالي الأمريكي، وما نتيجة حاصل السنوات الأربع الماضية تحديداً، أنّ الخاسر من مقاطعة روسيّا هي أوروبا، لا بل أن تجربة العقوبات السابقة على روسيّا، دفعت موسكو إلى شكل ما من الانسحاب نحو دواخلها الجغرافية والمناخية، أي تحريك وتطوير الصناعة والزراعة والتجارة والاستثمارات في الداخل، مما أفقد أوروبا سوقاً هائلة جداً، قادت بشكل أو بآخر إلى خروج بريطاني من الاتحاد الأوروبي، بعد أنّ أدّت لندن دورها كحصان طروادة في داخل الاتحاد الأوروبي للسيّد الأمريكي والسيّد الصهيوني. من ناحية أخرى، الولاياتالمتحدةالأمريكية وان كان اقتصادها قائم على الحروب، إلاّ أنّ جلّ اقتصادها متخارجاً، وخاصةً أنّ الشركات الأمريكية التي خرجت إلى الصين والهند وغيرها ليس سهلاً كان الحال عليها، لأنّ تخفيض الضرائب عليها كما يزعم الرئيس ترامب لا يوازي أو يغطي أرباحها من تدني الأجور العاملة في الخارج الأمريكي، بالمقارنة نجد رأس المال ليس متحمساً للمقاطعة، وان كان رأس المال الأمريكي دفع ترامب إلى فرض ضرائب على منتجات الشركات الأمريكية التي غادرت إلى الخارج لدفعها إلى العودة ولكنه فشل في ذلك، فلجأ الى التهديد بقانون جاستا الأمريكي بحق الرياض وقطر وغيرهما من مملكات القلق العربي على الخليج، فنال ما نال من الرياض وقطر، في حين أبو ظبي تدفع بصمت وأكثر مما يتصور البعض، وعلى جلّ دول الخليج أن تساهم في تنفيذ برنامج الرئيس ترامب في الداخل الأمريكي مقابل حمايتها. والرئيس ترامب يا سادة ليس أصيلاً في الحزب الجمهوري وهو حزب عدواني بامتياز، أكثر من الحزب الديمقراطي وكارتلات كوادره، وقياداته من المحافظين الجدد والتروتسك الذين يؤمنون بالحروب الدائمة كماكينة حياة رأس المال، والملفت أنّ سلّة العقوبات الأمريكية، هذه والتي تم تشريعها بقانون صادق عليه الرئيس الأمريكي، لا تستهدف في الواقع فقط تلك الدول، وإنما تمتد لتشمل كل سلال الاستثمارات الأوروبية والاستثمارات الصينية وتدميرها، وليقود ذلك إلى حالة من القطع والفصل بين هذه العواصم وعواصم الدول المستهدفة، لوقف سياسات التعاون والتنمية التي يقودها ترامب مع الفدرالية الروسية والصين وأوروبا، والعودة حبّاً لا كرهاً إلى نظرية وولفويتز في هندسة المشاهد في(المواجهة والسيطرة)والتي تم البدء بتنفيذها مطلع تسعينيات القرن الماضي. انّ قانون فرض العقوبات التي أقرّت في الكونغرس الأمريكي له حجم تداعيات كبيرة، إن لجهة العلاقات الأمريكية الروسية، وان لجهة العلاقات الأمريكية الأوروبية، وان لجهة العلاقات الأمريكيةالصينية، حيث بدا واضحاً الموقف الألماني الرافض لها ويعارضها بشدّة لشمولها مشاريع تنفذها مؤسسات ألمانية وأوروبية وصينية مع موسكو. لقد تم نسج الكثير والكبير من التهم للرئيس ترامب على أنّه متاوطىء مع موسكو، لا بل ومنبطح وبمثابة العميل والقاتل المستأجر للفدرالية الروسية في البيت الأبيض، من قبل رموز المحافظين الجدد والصقور في الحزب الجمهوري والحزب الديمقراطي وفي مجتمع المخابرات الأمريكي، فوجدنا أنّ الرئيس الأمريكي صار مستعداً لفعل أي شيء لينفي عنه تلك التهم التي تم هندستها في استخبارات البنتاغون، وباقي وكالات المخابرات الأمريكية بدفع من رموز المحافظين الجدد وصقور الحزبين الجمهوري الحاكم والديمقراطي المعارض ضمن كذبة اللعبة الأمريكية. لقد دخل الرئيس ترامب في صراع مفتوح مع كارتلات الحزب الجمهوري وكارتلات الحزب الديمقراطي، واتفقا الحزبين على تقييد السياسة الخارجية للرئيس ترامب والحفاظ على امتيازاتهم العظيمة والكثيرة والمتعددة، عبر الشركات المتعددة الجنسيات وعبر المجمّع الصناعي الحربي الأمريكي، ولاحظنا تساوقات لوزير الخارجية الأمريكية المقال ريكس تيلرسون معهم في ذلك، حتى يبعد عنه تهم ترامب، وقد تم اقالته مؤخراً نتيجة لتساوق تيلرسون معهم حيث اكتشف اللعبة ترامب، بعد مسرحية نيكي هيلي الأخيرة بخصوص أجزاء من صاروخ إيراني مفترض تم تزويد أنصار الله به، وحلّ نكانه مايك بوميو، كل ذلك عندما تنضج لحظة محاسبة الرئيس ترامب وقد تصل إلى عزله أو دفعه لتقديم استقالته(أي الرئيس ترامب). ونلحظ أنّ الانجليزي الخبيث والإسرائيلي الصهيوني، دعما كل ما جرى ويجري داخل الدولة العميقة في الولاياتالمتحدةالأمريكية وفي فرض نص قانون أمريكي ليس فقط بأثر على الداخل الأمريكي، لا بل على جميع دول العالم، وعلى هذه الدول احترام هذا الحظر التجاري والذي صار أممي على المجتمع الدولي. بعبارة أخرى العقوبات الأمريكية الأخيرة تطبق على الاتحاد الأوروبي والصين بجانب الدول المستهدفة وعلى كل دولة في العالم أيضاً. والأمر الملفت(مضحك ومحزن)في نفس الوقت، أّنّه ثمة نص قانوني نصّ في قانون العقوبات الأخير بشكل واضح: على الجهاز التنفيذي للإدارة الأمريكية منع تخفيف هذه العقوبات بأي شكل من الأشكال، وهذا يعني ويقود إلى تكبيل وتقييد يدين وقدمين الرئيس ترامب في ممارسة صلاحياته التقديرية والمنصوص عليها في الدستور الاتحادي الأمريكي. كارتلات الحكم في البلدربيرغ الأمريكي تريد كسر عقيدة الرئيس ترامب والمتمثلة: (ينبغي على أمريكا أن تتقدم بوتيرة أسرع من الآخرين للحفاظ على الزعامة العالمية)، وهم يريدون عكس ذلك تماماً، عبر إعادة رسم وترسيم نظرية وولفويتز في بدايات عقد التسعينيات من القرن الماضي والقائلة: (ينبغي على واشنطن أن تحافظ على أسبقيتها على بقية دول العالم وإبطاء أي منافس محتمل لها)وفي بدايات التسعينيات من القرن الماضي الذي كان المنافس المحتمل هو الإتحاد الأوروبي وما زال، والذي على واشنطن وحتّى اللحظة تدميره سياسيّاً واقتصاديّاً. وأحسب وأعتقد أنّ قانون العقوبات الأخير يساهم وبقوّة في الهدف الفوق استراتيجي للعاصمة الأمريكيةواشنطن دي سي.
كما نرى أنّ نص قانون العقوبات الأمريكي الأخير يدعو وبعمق إلى إعادة النظر ومن جديد وبشكل كليّ بكافة إجراءات الرئيس ترامب المتخذة منذ أن تولّى مسؤولياته الدستورية في أمريكا، بما في ذلك مكافحة الإرهاب والعلاقات مع منظمات الإسلام السياسي وعلى رأسها جماعات الأخوان المسلمون وتنظيمهم الدولي ومع كافة المنظمات الجهادية وفي العلاقات مع حزب التحرير الإسلامي في دول أسيا الوسطى، لضرب المجال الحيوي للفدرالية الروسية، والعمل على هندسة ظروف التغيير لاستقلال دونباس روسيا الصغرى وإعادة بناء طريق الحرير. عبر قانون العقوبات الأمريكي هذا.