فضيحة الاعتداء الجنسي الذي ارتكبه مدير مكتب وكالة الاستخبارات المركزية cia في الجزائر والذي راحت ضحيته سيدتان جزائريتان متزوجتان وتحملان الجنسيتين الألمانية والإسبانية يفتح النقاش حول الزوار الدائمون للسفارات الاجنبية في الجزائر ممن يسمون بقادة الرأي من رؤساء الأحزاب السياسية والبرلمانيين والإعلاميين ورؤساء الجمعيات والمنظمات الوطنية وخطورة سقوطهم وتوريطهم في قضايا أخلاقية بالصوت والصورة. والعودة إلى حيثيات هذه القضية يطرح أكثر من تساؤل حول طبيعة عمل رجل المخابرات الأمريكي ونواياه الحقيقية في ممارسته للجنس، خاصة وأن له سوابق عملية في ذلك منذ أن كان في بلد الأزهر الشريف قبل أن يعين في الجزائر في إطار التنسيق الأمني لمكافحة الارهاب. وعندما يلجأ ضابط مخابرات إلى تصوير مشاهد جنسية أو ما يعرف ب "دبوماسية الفراش'' يطرح تساؤلا كبيرا عن حقيقة عمله الخفي الذي يدرج ضمن شبكة توظيف العملاء وابتزاز الأشخاص ذكورا كانوا أم إناثا كل حسب طريقته وميولاته. وما يلاحظ أيضا في هذا القضية أن عملية تفتيش منزل رئيس مكتب ال ''سي آي آي'' أظهرت احتفاظه ب 12 شريطا تحتوي مشاهد جنسية لفتيات ونساء أقام معهن هذا الضابط علاقة جنسية، ومن بين كل هؤلاء النسوة لم تتقدم سوى سيدتين جزائريتين بشكوى ضده، مما يؤكد سلطة ضابط المخابرات الامريكي على ضحاياه. لقد أعطت فضيحة ''وارن غيت'' في الجزائر دروسا وعبرا لكل من يتوهم أن طرق أبواب السفارات والتجول في غرفها وصالوناتها وحماماتها هي نزهة لكسب ''المعارف'' وتبادل التجارب والخبرات، وسيكتشف أن ''دخول الحمام ليس كالخروج منه'' كما يقول المثل المصري. ويقول أحد الزملاء الصحفيين والمتتبعين لملف زوار السفارات الأجنبية أن الكثيرين سيصطدون لو اطلعوا على سجل الزيارات الخاصة لدى الممثليات الدبلوماسية في بلادنا لوجدوا أن بها عددا من الوجوه المعروفة وغير المعرومة مدمنة على الزيارة، وبلغ الإدمان ببعضها إلى حد الإقامة فيها. ورغم أنه لا يجب الوقوع في التعميم واتهام النخب الجزائرية بأنها ساذجة ويمكن تجنيدها بسهولة فإن الحذر واجب ومطلوب، ورب في فضيحة ''وارن غيت'' نفع كثير.