مهما كانت الانتقادات التي توجه للحكومة القطرية ومهما كانت التحفظات تجاه الدبلوماسية القطرية والأدوار التي تقوم بها ولفائدة من والسر الذي يحرك السياسة العربية للدوحة ، فإن العبرة في كل هذا هي في الثمار والنتائج المحققة على الأرض ، فهذه الدولة الصغيرة التي قيل بأن دورها إنما يقوم على تهييج الجزيرة وإطلاق يدها ضد الأشقاء لتصفية حسابات خاصة ، إلا أن ما أثبتته الأيام على الأقل إلى حد الآن هو أن قطر تقوم بمساعي وتحركات لا يمكن إلا أن نشجعها لأنها فعلا عادت بالنفع على الكثير من الأزمات العربية . فمن لبنان الذي احتضنت الدوحة اجتماع الفرقاء فيه وتمكنوا بعدها من انتخاب رئيس للبلاد إلى الدور القطري الفعال واللافت والقوي أيضا في دعم المقاومة والخطوة الكبيرة بإغلاق المكتب التجاري الإسرائيلي إلى ما يدور حاليا من مفاوضات بين المتصارعين في السودان ...وهذه كلها مؤشرات لاتهمنا خلفياتها مادامت نتائجها ونواياها المعلنة هي رأب الصدع وتخليص العرب من بعض مشاكلهم ، ولا شك أن بعض العواصم العربية يقلقها هذا الدور القطري الذي يعتقدون أنه لا يتناسب وحجم هذه الدولة الصغيرة مساحة وسكانا وتاريخا و يرون بأنها تريد أن تلعب أدوارا أكبر منها ، وهم بذلك إنما يعبرون عن عقدة قديمة تسكنهم تسمى الأبوية واحتكار المبادرات والتكلم باسم العرب جميعا ، والرغبة في الزج بالكل في خيارات كبرى ومصيرية اختارها البعض فقط. لذلك فإن الدور القطري يقلق ويزعج وازداد إزعاجا عندما انضمت الدوحة وهي المحسوبة على الولاياتالمتحدة إلى محور الممانعة كما يسمى وشاهدنا كيف ارتفعت الدبلوماسية القطرية عاليا أثناء العدوان على غزة. قد يقول البعض القناة الجزيرة هي من أعطت لقطر كل هذا الحجم ، وأنا أقول إذا كانت القنوات التلفزيونية بإمكانها أن تصنع كل هذا فأرجو أن تصبح في كل عاصمة عربية قناة بحجم الجزيرة تغير سياسة دولة مسار بلد .