اتضحت أخيرا الصورة النهائية للفرسان الذين سيتنافسون على كرسي الرئاسة، وهم على التوالي المرشح المستقل عبد العزيز بوتفليفة ولويزة حنون وموسى تواتي ومحمد السعيد وجهيد يونسي وعلي فوزي رباعين، حيث سيجد الرئيس الحالي بوتفليقة في منافسته خمسة مرشحين لكل واحد فيهم أهدافه وحساباته الخاصة في هذه الرئاسيات وما بعدها. تواتي: أخيرا على نفس الخط مع بوتفليقة سئل مرة موسى تواتي رئيس الجبهة الوطنية الجزائرية في 2003 عن سر تحمسه للترشح لرئاسيات 2004 بالرغم من أن حزبه صغير وحديث النشأة (آخر حزب اعتمد بعد وصول بوتفليقة إلى السلطة في 1999) كما أنه نفسه عجز حتى عن الفوز بمقعد نيابي في ولايته الأصلية (المدية) فأجاب بشكل مقنع بأن مسيرته السياسية ما زالت طويلة وبأنه لا زال يتكون ويتطور باستمرار في عالم السياسة حتى يبلغ إلى القمة. وفي رئاسيات 2004 كان تواتي قاب قوسين أو أدنى من الترشح إلى الرئاسيات ودفع ملفه إلى المجلس الدستوري بعد أن جمع أزيد من 76 ألف صوت، لكنه أقصي وشعر بأن بوتفليقة هو الذي كان له دور في إقصائه فقرر مساندة غريمه علي بن فليس. في تشريعيات 2007 لم يتمكن تواتي للمرة الثانية من الفوز بمقعد نيابي بالعاصمة واتهم حزب العمال بتزوير الانتخابات، ولكن مع ذلك استطاع حزبه الحصول على عدد معتبر من المقاعد في البرلمان وفي المجالس المحلية وأصبح قوة سياسية يحسب لها أكثر من حساب. ونجاح تواتي في الحصول على موافقة المجلس الدستوري لدخول الانتخابات عزز مكانته داخل الحزب، واعتبر صفعة لخصومه والمناوئين له داخل المجموعة البرلمانية أو فيما سمي الحركة التصحيحية، كما أنه أعاد له الاعتبار بعدما لم يتمكن من الفوز بمقعد نيابي في فرصتين انتخابيتين وبعد أن حرمه المجلس الدستوري من الترشح في رئاسيات أفريل 2004 نظرا لكثرة الأوراق الملغاة، مما جعله هذه المرة يجمع التوقيعات على جبهتين: المنتخبين المحليين والمواطنين لتفادي أي طارئ أو خطأ، وهدفه في الرئاسيات سيكون بدون شك التأهل إلى مربع منافسة الكبار ووضع نفسه كمرشح بديل لبوتفليقة إن لم يكن اليوم فغدا. جهيد يونسي: مرشح الإسلاميين "بدون لحية" الصدف والظروف دفعت جهيد يونسي الأمين العام لحركة الإصلاح الوطني لأن يكون في واجهة الأحداث بل ليصبح الممثل الوحيد للإسلاميين في رئاسيات 2009، ومع ذلك استطاع أن يرفع التحدي ليؤكد بأنه لا يوجد غير جاب الله الذي يستطيع جمع أزيد من 75 ألف صوت في أكثر من 25 ولاية، وهو الذي كان يرى نفسه حتى عندما كان في نفس الحزب مع جاب الله بأن هذا الأخير ليس أفضل منه في شيء، وبترشحه حاول قطع الطريق على الراغبين في إعادة تأسيس حركة النهضة التاريخية برئاسة جاب الله رغم التنسيق الجيد الذي كان بين التقويميين وحركة النهضة. ووصوله إلى المربع الاخير مكسب كبير قبل نهاية سباق الرئاسيات. كما أن المفاجأة الأخرى في ترشح جهيد يونسي هي تجاوز رئيس حركة الإصلاح محمد بولحية الذي من المفروض أن يكون هو مرشح الإصلاح بحكم الصفة، والأكيد أن نقطة ضعف جهيد يونسي ليس في الجوانب التنظيمية بقدر ما هي في تشتت التيار الداعم له اللهم إلا إذا قاد حملة تاريخية وأدار السباق الرئاسي بحكمة خاصة وأن جهيد يونسي المهندس الحقيقي للحركة التقويمية. محمد السعيد: استعادة "إرث" الأحياء محمد السعيد الذي أدار الحملة الانتخابية للمرشح أحمد طالب الإبراهيمي الذي حاز على المرتبة الثانية في رئاسيات 1999 رغم انسحابه منها، كان من أشد المعارضين لقرار الإبراهيمي التخلي عن فكرة تأسيس حزب سياسي تحت اسم حركة الوفاء والعدل الذي رفض زرهوني بشدة اعتماده. ورغم أن الصحفي القدير محمد السعيد أو محند أوسعيد لا يملك متسعا من الوقت لكسب الانصار والظفر بحصة الاسود في هذه الرئاسيات إلا أن خطاب ترشحه كشف عن وضوح الاهداف والمسارات البعيدة عن لغة تهييج العواطف وعدم تغليب المصلحة والوطنية على المصالح الفردية الضيقة، ولعل ذلك يشفع للمرشح محمد السعيد الذي فضل اقتحام الصعب وعدم الاكتفاء بالجلوس والتفرج وقد تمكن من الاستفادة كثيرا من تجربة أحمد طالب الإبراهيمي وتجاوز عقبة 75 ألف توقيع ولكن هل بإمكانه أن يقدم أكثر من ذلك؟ لويزة ورباعين: تجديد المشاركة تمثل هذه المرة الثانية التي يتمكن كل من علي فوزي رباعين ولويزة حنون من الترشح للرئاسيات ورغم نتائجهما الهزيلة المحققة في رئاسيات 2004 إلا أنهما يسعيان لتحسين وزنيهما وترتيبهما في رئاسيات 2009 وركوب عربات القطار ولمَ لا الاقتراب من القاطرة، خاصة بالنسبة للويزة حنون التي بلا شك ستستفيد من التغيرات المالية والسياسية الدولية الراهنة في تعبئة الجماهير والالتفاف حول المكاسب الكثيرة المحققة. لكن للمتسابقين حساباتهم وللشعب والتاريخ حسابات كذلك.