وضع خطاب المترشح المستقل عبد العزيز بوتفليقة بولاية تلمسان حول الوضع الأمني والمصالحة الوطنية النقاط على الحروف فيما بخص مستقبل هذا المسار، وتناول الموضوع بلغة صريحة لا تترك أي مجال للتأويل في المستقبل. لقد كان حديثه عن المصالحة الوطنية خاليا من الإبهام ومن الرسائل المشفرة بل كان واضحا في جميع الاتجاهات مبرزا نظرته للاستمرارية في نفس النهج الذي بدأ في رسمه منذ 2005 وبالتحديد في سبتمبر تاريخ استفتاء الشعب على مشروع الميثاق. وجدد خلال كلمته بتلمسان التأكيد على أن تحقيق المصالحة الوطنية يتطلب وقتا أطول بالنظر الى الرهانات المرتبطة بها وقال إن "عودة الحياة الى طبيعتها يتطلب وقتا" وانتقد بوتفليقة مطالبة البعض "متى يرجعون؟" في إشارة إلى قيادات الحزب المحل قائلا : "أنتم خربتم البلاد وتريدون العودة إلى الساحة" مضيفا انه بالرغم من ذلك فإن الشعب "قبل بكم في تلك الظروف وأكرمكم" أي انه "اتخذ مبدأ "عفا الله عما سلف" وان المستقبل للبناء وليس للنظر الى الوراء. ورد المترشح بوتفليقة في ذات الصدد على بعض الأصوات التي تنادي بعدم حصولها على حقوقها قائلا بان "الشعب هو من يعطيكم حقوقكم وما قمت به سوى أنني أرجعت المياه إلى مجاريها". وأضاف انه بفضل ذلك "عدتم لتعيشوا وسط الشعب فينبغي ان تدركوا بأنكم ألحقتم الضرر بسمعة الجزائر في الداخل والخارج". وفي ذات السياق قدم المترشح بوتفليقة "تحية إكبار وإجلال" للجيش الوطني الشعبي الذي "يقال عنه الكثير فقد، حمى البلاد والجمهورية في أحلك الظروف كما حيا أيضا مصالح الأمن"، وبالنسبة للمترشح المستقل فإن مؤسسة الجيش كانت الضامن الأكبر لاستقرار البلاد وتمكنت من حماية الجمهورية من الانهيار. المترشح بوتفليقة رد على انتقادات وجهت له من طرف التائبين بصفته المبادر بميثاق السلم والمصالحة الوطنية، وتحركوا مؤخرا عبر بيانات وجهت الى الصحافة تطالب بتكفل اكبر بوضعيتهم، الشيء الذي دفع به الى استباق الأحداث والرد من البوابة السياسية وليس الرسمية وإبلاغهم بان ميثاق السلم والمصالحة جاء "رحيما" بحالهم بعد كل ما صدر منهم من تدمير وتخريب، وتعكس هذه التوضيحات أن المترشح في حال تم تجديد الثقة فيه لن يغير من نظرته للمصالحة وان أبوابها ستبقى مفتوحة، لكن دون أن يعني ذلك التوقف عن مكافحة بقايا الجماعات الإرهابية. وفضلا عن وضع النقاط على الحروف من المترشح بلغة سياسية غير رسمية، فإن النظرة المستقبلية لتسيير شؤون البلاد وفي مختلف المجالات بدأت ترتسم أكثر فأكثر من خلال تفضيل طريق الاستمرارية، واختار المشرفون على حملته الانتخابية طريق التخصيص عبر اختيار كل ولاية لتطوير خطاب خاص بمجال معين مع مراعاة خصوصية كل منطقة، وكانت البداية من الاوراس حيث حرص على التأكيد على أن لا فرق بين أبناء الوطن الواحد وأن لا أحد بإمكانه التنكر لماضيه، مستشهدا بعظمة تضحيات أبناء الاوراس خلال الثورة التحريرية وقد كان لحضور نجل الرئيس الأسبق لمين زروال رفقة أبناء شهداء مفجري الثورة دلالات سياسية وتاريخية ومن تلمسان من خلال التطرق الى موضوع الصحة، حيث شدد هناك على ضرورة إعداد "دراسة شاملة" حول سياسة الصحة وطالب اهل الاختصاص "بدراسة شاملة حول سياسة الصحة في الوطن معتبرا قضية التسيير والتخطيط في المجال الصحي قضية تخص المهندسين والقانونيين والمسيرين في إدارة الهياكل الصحية وليس الأطباء وحدهم. وقد كانت ولاية سطيف للحديث عن الرياضة ووفاق سطيف لكرة القدم الذي يعد أحسن فريق في البطولة الوطنية ويلعب على الأدوار الأولى عربيا وإفريقيا. وفي ولاية سطيف حيث تطرق الى ملف الرياضة أوضح ان هذا القطاع يمثل "أولوية وطنية" داعيا الأسرة الرياضية إلى المشاركة "أكثر من غيرها" في بلورة هذه الأولوية و"اقتراح الحلول". وأبرز المترشح حجم الهياكل الرياضية التي تمتلكها الجزائر فخاطب الشباب الذي غصت به القاعة قائلا : "إن بلدكم قادر على استضافة كأسين عالميتين (كرة القدم) وليست واحدة" غير أنه أشار إلى أن النتائج المحققة مؤخرا "لم تكن في مستوى هذه الإمكانات". وأوضح امام الأسرة الرياضية من بينها اللاعبون السابقون في فريق كرة القدم لسنة 1982 أن الإنجازات الرياضية "ترفع رأس الجزائر ورايتها في المحافل الدولية". ويؤكد هذا التوجه الجديد في تعاطي المترشح بوتفليقة مع الملفات المطروحة في الساحة التحضير الجيد في تناول الملفات، كما ان إبرازه لبعض النقائص المسجلة خلال العهدتين الرئاسيتين يعد مكاشفة ونقدا للذات تعكس مدى تمسك المترشح بوضع تصورات قادرة على التغلب على أمهات المشاكل التي تعترض الجزائر مستقبلا. ولعل ذلك سيدفع بباقي المترشحين حسب بعض المتتبعين لسير الحملة الانتخابية لمراجعة حساباتهم وطرق إيصال خطابهم للناخب الجزائري مما سيسارع في نبض الحملة التى لم تنه بعد أسبوعها الاول.