اعترف المؤرخ جبيل مونسرون بأن المسؤولين الفرنسيين يستغلون التاريخ لأغراض انتخابية بتمجيد الماضي الاستعماري أو الاعتراف بالجرائم في سياق مصالح ثنائية مع بلدان مثل الجزائر، ودعا في ذات السياق المسؤولين السياسيين في بلاده للكف عن استغلال التاريخ وترك المؤرخين يؤدون عملهم، من خلال السماح لهم بالدخول وبحرية إلى الأرشيف والعمل بكل استقلالية. وقال المؤرخ في محاضرة ألقاها اول امس بجامعة ڤالمة، حول الاعتراف بالجرائم التي ارتكبها الاحتلال، ان اقامة علاقات جزائرية فرنسية جديدة تتطلب اولا ان تتحرر العقول من ذهنية الاستعمار من خلال اعتراف حقيقي بجرائم الاستعمار، لا أن تخطو فرنسا خطوات بسيطة ومتأخرة عندما يكون لها مصلحة محددة مع الجزائر مثلما فعلته عندما قررت منح الجزائر خريطة الألغام وتعويض ضحايا التجارب النووية في رڤان. ويرى جبيل مونسرون، المختص في مسائل الاحتلال الفرنسي ورئيس تحرير مجلة حقوق الانسان بفرنسا، انه لا مجال لانتظار محاكمات كبيرة وسط حديث "جزائري" عن مقاضاة فرنسا لعدد من الجرائم التي ارتكبتها في حق الجزائريين، حيث استعرضت المحامية الفرنسية نيكول دريفوس الأسباب القانونية والسياسية التي تعترض التوصل إلى اتخاذ قرارات تقضي بمتابعات بشأن الإبادة التي تعرض لها سكان مناطق كل من ڤالمة وسطيف في 8 ماي 1945، وكذا القمع البوليسي الذي طال مهاجرين جزائريين في 17 أكتوبر 1961 بباريس. وندد جبيل مونسرون نقلا عن وكالة الانباء الجزائرية بتناقضات الخطاب الرسمي في فرنسا فيما يتعلق بالماضي الاستعماري، حيث تجد فرنسا من جهة تستنكر مجازر تركيا في حق الأرمن، وفي نفس الوقت ترفض الاعتراف بجرائم اقترفتها في حق شعوب مستعمراتها القديمة وعلى رأسها الجزائر، وهو ما اعتبره المتحدث مشكل مصداقية يستوجب حله. وفي حديثه عما يمكن ان تصلحه فرنسا في جزء من ماضيها الاسود في الجزائر، طالب جبيل مونسرون من الحكومة الفرنسية ان تبادر بأفعال قوية تتمثل في الاعتراف بجرائمها وإنصاف الضحايا دون ان تكون هاتان المبادرتان ذريعة لنسيان جرائم الماضي، كما دعاها الى ترك المؤرخين يعملون بكل حرية من خلال السماح لهم بالاطلاع على الارشيف، وفي السياق ذاته عبر مونسرون عن رفضه لخلق مؤسسة مكلفة بالذاكرة والتاريخ من طرف الدولة مثلما هو منصوص عليه في المادة 3 من قانون 24 فيفري 2005 حول "العمل الإيجابي للاستعمار"، على ان تكون مؤسسة تتمتع والعاملين فيها بالحرية. وأبدى المتحدث رفضه ايضا لمفهوم "التوبة" مؤكدا على ضرورة تعويضه بمصطلح الاعتراف والعمل على الحيلولة دون احياء الحنين للفترة الاستعمارية من طرف قدماء المنظمة السرية المسلحة، ومعاقبتهم على تظاهراتهم الممجدة للجرائم المقترفة في الجزائر.