من كان يظن أن برنارد هنري ليفي، المثقف اليهودي المعروف بعنصريته وميله لأطروحات اليمين المتطرف في الولايات المتحدةالأمريكية، سيتحول لأضحوكة بين المثقفين الغربيين، حيث أحال قارئه كتابة الأخير ''في الحرب على الفلسفة''، وهو يتهجم على الفيلسوف الألماني امانويل كانت، لشخص خيالي يدعى جان باتيست بوتول. لقد اعتقد ليفي أن بوتول فيلسوف، وهو في الحقيقة لا يتعدى كونه شخصا وهميا اخترعه صحافي فرنسي عام 1999، على سبيل السخرية. لقد سقط ليفي ضحية ضحالته الفكرية، رغم ادعائه بأنه الوريث الشرعي لجان بول سارتر، فهو أحد تلامذته المقربين، كما كان ضحية تسرعه في الكتابة وهرولته وراء الشهرة بكل الأشكال النزيهة وغير النزيهة. لقد أوقعته ثرثرته في فخ الهزأ، هو الذي لم يسبق له أن أنشأ أو أبدع مفهوما فلسفيا ذا قيمة. وكان الفيلسوف الفرنسي الشهير جيل دولوز أول المتهكمين منه مطلع الثمانيات، عندما وصف جيله (رفقة آلان فنكينكرولت وأندري غلوكسمان) بغير الفلاسفة. وقال عنه كاستورياديس بأنه كاتب مهووس بصناعة الفراغ. لقد وقع ليفي هذه المرة ضحية سخريته من كانط، الذي وصفه بما يلي ''هذا المهووس بالفكر والمسعور بالمفاهيم''، فدفع ثمن السخرية غاليا. لقد سطع نجم ليفي بعد غياب مفكرين وفلاسفة فرنسيين كبار، أمثال دولوز وديريدا وبورديو، فأصبح الجو خاليا، وبرز تيار جديد يسمى ب الفلاسفة الجدد، خرجوا من معطف سارتر. ويثير ليفي الجدل في أوساط المثقفين الفرنسيين لأسباب كثيرة لا علاقة لها بالكتابة والفلسفة، فهو صاحب أفكار ضحلة للغاية، من بينها عشقه للوسائل الإعلام. ولما اشتد وقع الفضيحة عليه، قال ليفي، النّاطق الرسمي للمُعادين لِمُعادي أمريكا في فرنسا، إن الجدل حول كتابه ليس بإمكانه أن يؤثر على شعبيته بل سيدعو القراء من لشراء كتابه. فمن يا ترى يستطيع شراء كتاب يعتمد على مرجع لا يوجد أصلا؟ وبعد أن انكشفت الفضيحة على صفحات أسبوعية ''لونوفيل أوبسيرفاتور''، وتداولتها وسائل الإعلام الفرنسية بشكل وافر، قال بي آش آل، وهو يؤسس لمزيد من السخرية والضحك من حوله، أن كتابه هذا هو بمثابة ''برنامج لفلسفته القادمة''، ومقدمة لإنشاء ''ميتافيزيقا في المستقبل''، وأوضح في حوار صحفي مع ''صاندي تايمز'' أنه مثقف محظوظ لأن كل الصحف في اوروبا تحاول الظفر بمقابلة معه. وتلك وقاحة وأضحوكة أخرى يصنعها المثقف اليهودي الذي أبدى إعجابه بفيلسوف لا يوجد، بل هو عبارة عن مزحة من بنات أفكار صحافي فرنسي اسمه فردريك بيج. وهذا الأخير هو من اخترع بوتول وفلسفته للرد على المناهضين للفيلسوف الألماني. وتحدث ليفي قائلا''لقد أثبتت أبحاث الكاتب جان باتيست بوتوف في سلسلة محاضراته الموجهة للكانطيين الجدد في باراغواي بُعيد الحرب العالمية الثانية أن بطلهم (أي كانط) لم يكن إلا تجريدا وهميا وعقلا خالصا بمظهر خالص''، فأوجد فضيحة خالصة. ولسيت هذه هي المرة الأولى التي يقع فيها بي آش آل، ضحية أخطائه المنهجية، فقد سبق للمؤرخ الفرنسي بيار فيدال ناكي أن فضح تزويره في مقاله حول أحد أشهر كتبه الصادرة بعنوان ''الوصية الإلهية'' الذي أصدره في بداية مشوراه الفلسفي سنة 1978. وفي عام 2006 صدر كِتاب بعنوان ''دجل فرنسي'' ل ''نيكولا بو'' و''أوليفيي توسير''، عنوانه ''دجل فرنسي'' ، يُشرِّحَ فيه الكاتبان شخصية برنار هنري ليفي. وكشف الكتاب خطورة العمل الذي يقوم به ليفي. ويتحدث الكتابُ عن ثروة ليفي الشخصية التي ورثها عن شركة والده التي أدارها إلى غاية سنة 1997 وتدعى ''بيكوب''. وحققت الشركة أرباحها من جراء استغلال العمال الأفارقة. كما كشف الكتاب عن استفادة مالية كبيرة لبرنار هنري ليفي أثناء عمله مع مجلة ''كْلوب''، وهي أموالٌ تم امتصاصها بصفة مباشرة من بنك ''كريدي ليوني'' الذي أوشك على الإفلاس. كما يكشف الكتاب تورط هنري ليفي في العمل مع وكالة الاستخبارات الأميركية، رفقة أندريه كلوغسمان وفيليب سوليرز .