خطفت امس القارة الافريقية انظار العالم بأسره بعد ان شهدت جنوب افريقيا انطلاق اول بطولة لكأس العالم في القارة السمراء. وتميزت فقرات حفل الافتتاح بالعديد من اللقطات المثيرة والمؤثرة، حيث حلقت طائرات مقاتلة على ارتفاع منخفض فوق استاد سوكر سيتي الذي استضاف حفل الافتتاح ودوت اصوات عشرات الالاف من ابواق ال»فوفوزيلا» معلنة عن افتتاح البطولة. واستمع نحو 70 الف متفرج شكلوا بحرا من الالوان بأغان من ست دول افريقية تأهلت الى كأس العالم هي جنوب افريقيا ونيجيريا وغانا والكاميرون وساحل العاج والجزائر بالاضافة الى الفنان الامريكي روبرت كيلي. وفي ستاد سوكر سيتي، استمتع الحضور ايضا بالرقصات التقليدية لكن غياب نلسون مانديلا ألقى بظلاله على الحفل. وعمت الفرحة ارجاء الاستاد الذي بني على شكل قدر عملاق مع نزول راقصين ارض الملعب احتفالا بالبطولة التي تقام للمرة الاولى في القارة الافريقية، لكن تقارير ذكرت ان مشاكل مرورية أدت الى تأخر بعض المشجعين عن حفل الافتتاح. والتف المئات من المشاركين في الاستعراضات بثياب تحمل ألوان قوس قزح وجرى تشكيل تسعة خطوط من مركز الملعب ، تشكل الجسور إلى المدن التسع الأخرى المشاركة في استضافة البطولة. وقدمت المطربة الجنوب أفريقية ثانديسوا مازواي الأغنية الشهيرة للمطربة الراحلة ميريام ماكيبا «ماما أفريقيا». وشارك في العروض الفنية نجم الراي الجزائري الشاب خالد والمطرب النيجيري الشهير فيمي كوتي، ورحبا بالجماهير التي كانت أغلبها من مشجعي جنوب أفريقيا. وتم وضع شاشات تلفزيونية عملاقة في أماكن كثيرة من جنوب افريقيا لضمان ان يتمكن عامة الجنوب افارقة من مشاهدة مباراة منتخب بلادهم الملقب «الاولاد» امام المكسيك. واطلق على حفل الافتتاح اسم «اهلا وسهلا بكم عندنا في افريقيا» علما بان جنوب افريقيا نالت شرف احتضان اول كأس عالمية تقام في القارة السمراء في ايار عام 2004، وانتظرت ست سنوات ليصبح الحلم حقيقة. ويستقطب هذا الحدث العالمي على مدى شهر كامل انظار مئات الملايين من المشاهدين في كل انحاء المعمورة. وحضر حفل الافتتاح حشد من الشخصيات يتقدمهم الامين العام للامم المتحدة بان كي مون ونائب الرئيس الاميركي جو بايدن الى جانب حوالى عشرين رئيس دولة، لكن نلسون مانديلا، رمز النضال ضد نظام التمييز العنصري السابق، الذي كان يفترض ان يحضر الحفل الى جانب زوما، تغيب عنه بسبب الحادث الاليم الذي اصاب العائلة. مشاعر الفرح اختلطت باجواء من الحزن بعد ان تغيب الزعيم التاريخي نلسون مانديلا عن حفل الافتتاح اثر مصرع حفيدة ابنته في حادث سير بعد عودتها من حفل موسيقي خاص بالعرس الكروي العالمي، في حين اعتبر رئيس الاتحاد الدولي لكرة القدم السويسري جوزيف بلاتر بان الحلم اصبح حقيقة وذلك قبل دقائق من انطلاق المباراة الافتتاحية لنهائيات كأس العالم التاسعة عشرة في جنوب افريقيا 2010. وقال بلاتر على ارض ملعب سوكر سيتي والى جانبه رئيس جنوب افريقيا جاكوب زوما «يا اصدقائي، ها نحن في افريقيا، ها نحن في جنوب افريقيا» وسط تصفيق حاد في المدرجات، اضاف «قد لا يكون نلسون مانديلا معنا جسديا في الملعب، لكن روحه موجودة في ارجاء ملعب سوكر سيتي». اما زوما فقال «كان مانديلا يريد المجيء اليوم، لكن وقعت مأساة في عائلته». واضاف «لكنه اوكل الي ان انقل اليكم الرسالة التالية -العرض يجب ان يبدأ، استمتعوا به-». واعلنت مؤسسة مانديلا في بيان «علم السيد نلسون مانديلا هذا الصباح بخبر الوفاة المأساوية لابنة حفيدته زيناني مانديلا في حادث سير. سيكون من غير اللائق بالتالي ان يحضر شخصيا احتفالات افتتاح كأس العالم». ولقيت زيناني مانديلا (13 عاما) مصرعها حين كانت عائدة الخميس في سيارة من حفل موسيقي بمناسبة افتتاح كأس العالم في ملعب اورلاندو بسويتو. وتم توقيف سائق السيارة وهو من افراد العائلة، ويتوقع ان توجه اليه تهمة القتل غير المتعمد والقيادة بحالة السكر. وقبل ساعات من انطلاق الحفل، شبه الرئيس التنفيذي للجنة المنظمة داني جوردان اجواء انتظار انطلاق كأس العالم مثل «اليوم الذي اطلق فيه سراح نلسون مانديلا من السجن» قائلا «كل شيء في البلاد سيتوقف»، واضاف «انه مثل اليوم الذي اطلق فيه سراح مانديلا من السجن: كل شيء في البلاد سيتوقف». وتابع «في 11 شباط 1990 كل جنوب افريقيا كانت مسمرة امام شاشات التلفزيون في انتظار اللحظة التي سيفتح فيها باب السجن». نشرت قوات الامن امس اعدادا كبرى من عناصرها لمنع حصول اي خلل امني في ملعب «سوكر سيتي» حيث حضر نحو 70 الف مشجع، قال قائد الشركة بيكي سيلي ان حوالى 34 الف عنصر امن نشروا في المكان فيما بقي نحو عشرة الاف عسكري من الاحتياطي كتعزيزات. وتعني هذه البطولة، وهي التاسعة عشرة منذ قيام المسابقة، الكثير لشعوب القارة السمراء التي تعاني من الفقر والجوع والمآسي وستشكل متنفسا لها ولو لفترة محدودة، وفرصة لاثبات قدرتها على تنظيم احداث رياضية ضخمة بحجم كأس العالم. والى جانب جنوب افريقيا البلد المضيف تاهلت خمسة منتخبات افريقية اخرى للبطولة هي غانا والكاميرون وساحل العاج ونيجيريا والجزائر، ممثل العرب الوحيد الذي وضعته القرعة في المجموعة نفسها مع انجلترا، الولاياتالمتحدة وسلوفينيا. ومنذ ان نالت جنوب افريقيا في ايارعام 2004 شرف استضافة كأس العالم، واجهت اللجنة المنظمة انتقادات عدة خصوصا في ما يتعلق بالنقل وقلة الفنادق المتوافرة. وتم التشكيك في قدرات هذا البلد على استضافة البطولة خصوصا في ما يتعلق بتوفير الامن للفرق المشاركة والجماهير، لكن المنظمين عبروا عن ثقتهم في قدرة جنوب افريقيا على مواجهة التحدي. وعلى رغم معدل الاجرام المرتفع في هذه الدولة الافريقية وصعوبة المواصلات، فقد نجحت في تخطي هذه العوائق لتكون على اهبة الاستعداد لاستقبال اسرة كرة القدم العالمية. وتفخر جنوب افريقيا، التي عادت الى الاسرة الدولية في اوائل التسعينات بعد فترة طويلة من العزلة اثر زوال نظام التمييز العنصري، انها تملك البنى التحتية الاساسية والضرورية لتنظيم حدث بحجم كأس العالم لكرة القدم، وقد بلغت الكلفة الاجمالية لتنظيم كأس العالم ملياري دولار. وتملك جنوب افريقيا 3 مطارات دولية في جوهانسبورج وكايب تاون ودوربان، ومطارات داخلية في المدن المستضيفة للمباريات، وشبكة غنية من السكك الحديدية والطرق السريعة، وفيها نحو 500 فندق من الدرجة الاولى وهي من الدول المتقدمة نسبيا على صعيد السياحة اذ يزورها سنويا اكثر من 10 ملايين سائح. وتأمل جنوب افريقيا ان تكون كأس العالم بمثابة فرصة لفتح صفحة جديدة في بلد ابتلي بمعدلات جريمة مرتفعة وانتشار لمرض نقص المناعة المكتسب (ايدز) وخلافات عرقية بعد 16 عاما من نهاية نظام الفصل العنصري. وفي كيب تاون تم السماح بدخول منطقة المشجعين تدريجيا لتفادي تكرار التزاحم الذي أدى الى اصابة ستة أمس الاول واصبحت المنطقة التي تم تجهيزها خارج موقع تاريخي وتسع 25 الف شخص كاملة العدد في وقت الظهيرة. العالم يشارك مانديلا احزانه أعربت جنوب أفريقيا وقادة كأس العالم عن خالص تعازيهم للزعيم الجنوب أفريقي السابق نيلسون مانديلا في أعقاب مصرع حفيدته زيناني. وبعث رئيس جنوب أفريقيا جاكوب زوما خالص تعازيه إلى مانديلا في أعقاب مصرع حفيدته زيناني. وقال زوما في بيان له «الأمة تشاركك خسارتك وتواسيك خاصة في اليوم الذي بدأت فيه أحلامنا وأمانينا تتحقق في افتتاح أول كأس عالم لكرة القدم في أفريقيا». و أكد بلاتر أنه شعر بالصدمة والحزن بعد سماعه عن «المأساة التي لا تصدق» والتي تتعلق بوفاة زيناني حفيدة الزعيم السابق نيلسون مانديلا في حادث سيارة. وارسل بلاتر رسالة إلى مانديلا أكد فيه أنه «صدم» لسماع نبأ وفاة زيناني بعد أن استيقظ من النوم. وقال بلاتر في خطاب تلاه ريتش مكوندو المتحدث باسم اللجنة المنظمة لكأس العالم خلال مؤتمر صحفي في استاد سوكر سيتي «ببساطة لا أجد الكلمات التي أعبر بها عن حزني». وأضاف «أسرة كرة القدم بأكملها تواسيك أنت وأسرتك». وتذكر الفيفا زيناني /13 عاما/ بأنها الفتاة التي تم اختيارها لحمل كأس القارات عام 2009 باتجاه منصة التتويج في المباراة النهائية على ملعب ايليس بارك بجوهانسبرج. ومن جهته أوضح كوزا رئيس اللجنة المنظمة لكأس العالم «أود التعبير عن احر التعازي لعائلة مانديلا ، لابد وأن تدركوا أن مشاعرنا ستكون معكم «. وأضاف «في العام الماضي صنعت لنا زيناني عملا شرفيا عن طريق حمل كأس القارات إلى منصة التتويج في المباراة النهائية باستاد ايليس بارك في 28 حزيران ، نشعر بالحزن لسماع نبأ وفاتها المؤسف ، سنتذكرها بحب».