كان النبي صلى الله عليه وسلم قبل بعثته بعيدا عن جهل الجاهلية، لكنه كان يعيش كغيره من الناس، يكسب رزقه بيده ويشارك فقد رعى الغنم في صباه، قال عليه الصلاة والسلام: (ما من نبي إلا وقد رعى الغنم). قالوا: وأنت يا رسول الله؟ قال: (نعم؛ كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة) رواه البخاري، وعندما بلغ من عمره اثنتي عشرة سنة سافر الرسول صلى الله عليه وسلم مع عمه أبي طالب في تجارة إلى الشام، والتقى في هذه الرحلة بالراهب بَحِيرَى بمدينة بصرى الشام، فعرفه الراهب بصفته التي عرفها في كتب أهل الكتاب. ومما قاله عنه: هذا رسول رب العالمين، هذا يبعثه الله رحمة للعالمين، فقيل له: وما علمك بذلك؟ قال: إنكم حين أقبلتم من العقبة لم يبق شجر ولا حجر إلا خر ساجدًا، ولا تسجد إلا لنبي، وإني أعرفه بخاتم النبوة أسفل من غضروف كتفه، وحذر عمه من الذهاب به إلى أرض الروم، حيث يتربصون به لقتله، فرده عمه إلى مكة. ثم خرج ثانية إلى الشام في تجارة لخديجة بنت خويلد مع غلامها ميسرة، فرأى ميسرة ما بهره من أحواله، فأخبر سيدته بما رأى، فرغبت في الزواج منه، فتزوجها وله من العمر خمس وعشرون سنة ولها من العمر أربعون سنة. وقد تزوجت رضي الله عنها قبله من رجلين، أنجبت من أحدهما ولدًا وبنتًا، ومن الآخر بنتًا.ولما بنت قريش الكعبة إثر تهدمها بالسيل قبيل مبعثه صلى الله عليه وسلم بخمس سنوات كان يشارك في البناء بحمل الحجارة إلى البنائين، وعندما وصل البناء إلى موضع الحجر الأسود، اختلف الناس فيمن يضعه في مكانه، وكادت الحرب تقع بين بطون قريش، وارتضوا في النهاية أن يحكِّموا أول من يطلع عليهم، فطلع عليهم محمد عليه الصلاة والسلام، فارتضوه حكمًا لصدقه وأمانته، فوضعه على ثوب، رفعت كل قبيلة ناحية منه، ثم تناوله صلى الله عليه وسلم ووضعه في مكانه.