كتب لها الشاعر ورثاها الابن الضال وبكاها اليتيم، فالأم أمة، والأمومة نعمة ومكرمة ويراها البعض هبة ومنحة إلهية، ويتوق إليها الكثيرون من منطلق الحاجة الغريزية، بينما يعتقد آخرون أنها مهنة وعمل وواجب مقدس ويجمع عليها العامة على أنها نعمة الله وفضله الأفضل على الأم والابن معًا. ولكن حينما يجتمع ثالوث النعم والتميز "الأمومة.. الشهرة.. والجمال" فإن ذلك يدفعنا لتناول ظاهرة أمومة الشهيرات أو أمومة النجمات الإعلاميات اللامعات الجميلات نقصد بهن أمهات الجزيرة أو إعلاميات ومذيعات قناة الجزيرة، ومدى مقدرتهن على المواءمة بين العمل وتربية الأبناء. الأم قبل المذيعة ذهبت للقائها في واحدة من أجمل كمباوندات قطر -مجمع فلات فاخر- وفي فيلتها المجاورة لفيلا الإعلامي فيصل القاسم، استقبلتني الإعلامية خديجة بن قنة في بيت أشبه ما يكون بالغابة، فهي مولعة بالأخضر ومُحبّة للطبيعة، سعدت بلقاء أشهر مذيعة في الجزيرة وأحدث أم في القناة، حين خيرتها بين لقب أشهر مذيعات الجزيرة وأم الأمهات؟ اختارت لقب الأم. أنجبت خديجة حديثًا طفلها الثالث "طلال" سبعة أشهر، وهي أم ل"رؤية" ثلاث سنوات وشاب رائع هو "رامي" الابن الأكبر 13 عامًا.تروي خديجة أنها تزوجت في عمر 24 عامًا وأنجبت ابنها البكري الذي أسمته "أحمد رامي" اسم مركب تيمنًا باسم الشاعر الكبير أحمد رامي، وعن علاقاتها بأبنائها خاصة رامي وإذا كان سعيدًا كون أمه إعلامية شهيرة، تقول: في البداية كان رامي سعيدًا جدًّا، خاصة إذا أجرت صحيفة معي مقابلة ونشرت صورة له في الإعلام فكان يريها لأصدقائه، أما الآن فقد تغير الوضع، فسابقًا كان في مدرسة فرنسية وكان معظم أصدقائه أجانب، أما في المدرسة الجديدة فمعظم زملاؤه عرب، فصار يتضايق إذا قال له أحد: "ولد خديجة" مما جعله يضع في باله أنه من الخطأ أن ينادى الطفل باسم أمه أو العيب، ففاجأني منذ أسبوع ألا أحضر إلى مدرسته لاصطحابه وأكتفي بإرسال سائق؛ لأن أصدقاءه يسخرون منه بشكل ما ويقولون له: اذهب فقد جاءت أمك لاصطحابك بالسيارة. وقد تضايقت من دخول أفكار سلبية إلى عقلية ابني؛ لذا فقد أصررت على الذهاب لمدرسته ولم أكتفِ بانتظاره بالسيارة، بل دخلت إلى داخل المدرسة كي أرسخ في فكر ابني أن يفخر بأمه. عقدة الذنب تتحدث خديجة عن مشكلة تعاني منها غالبية الإعلاميات فتقول: نحن نشعر بعقدة الذنب تجاه أولادنا، فهناك نوع من التشتت بين رغبتنا في أن نصبح أمهات مثاليات وبين عملنا الذي يأخذ وقتًا كبيرًا من حياتنا، فهناك استحالة؛ لأن تضع الإعلامية عملها وأمومتها في الميزان وتضبط كفته، هناك دائمًا خلل ما.وتستطرد: كثيرًا ما رجحت مسيرة المهنة على كفّة العائلة، وأعترف بندمي على ذلك؛ لأنني شعرت بتقصير في حق عائلتي، كنت أفكر من منطلق أن حياة الإنسان لها مراحل، وكنت أرى أنني لا بد أن أبني نفسي عمليًّا في هذه المرحلة، أما في هذه المرحلة من العمر فأنا أكرس نفسي لعائلتي، عكس بداية عملي في الجزيرة والتي كنت أعمل فيها وكأنني ملك للجزيرة، الآن فقد تغيرت الأولويات لصالح عائلتي، ولا يعني ذلك أن هناك تفريطا في الجانب المهني، بالعكس فأنا كثيرًا ما أشعر أن حب الجزيرة ينافس حبي لعائلتي، لكن عليّ أن أوازن؛ لأن الله قد منحني ثلاثة أطفال لهم كثير من الحقوق. لعنة المربية تروي خديجة عن الأثر السيئ لعملها بعد رحلة عمل للخارج، تقول: حدث موقف فارق في حياتي جعلني أكرس حياتي لعائلتي وأجعلها في مقدمة أولوياتي، فقد نطقت ابنتي أول كلمة لها في حياتها، فلم تقل ابنتي "ماما" ولم تقل بابا ولم تقل "مام" بل قالت "جيرا" وهو اسم مربيتها، وهنا صدمت صدمة أفاقتني فقد كانت هذه الواقعة بمثابة ناقوس الخطر.وعما إذا كانت خديجة بن قنة تطمح في أن تصبح أمًّا لأولادها كما كانت أمها معهم، تقول خديجة: يستحيل، فأمي أنجبت 9 أبناء وتفرغت للرضاعة والطبخ والبيت وحياتها كلها للأولاد، أما أنا فحياتي مختلفة، وربما أسعى لعمل توازن بين بيتي وعملي إلا أنني لا أستطيع أن أتخلى عن عملي أو عن أولادي فكلاهما ضروري وحيوي في حياتي. وتقاطع خديجة نفسها وكأنها تذكرت شيئًا لتقول: لا أريد أن أنسى دور زوجي؛ لأنه دعمني بشدة وكان مؤمنًا بعملي وبرسالته، وربما لو أن زوجي بعقلية مختلفة كان الفشل سيلاحقني في بيتي وعملي على السواء.