تظاهر عشرات الآلاف من الأشخاص أمس الأول في العاصمة الفرنسية باريس، مطالبين حكومة الرئيس نيكولا ساركوزي بسحب مشروع إصلاح نظام التقاعد الذي يتوقع أن يقره مجلس الشيوخ اليوم. وندد المشاركون في الاحتجاج، الذي يعد السادس من نوعه في ظرف شهرين، بما أسموه "تعنت السلطات" ورفضها الإنصات إلى صوت الفرنسيين الذين تؤكد استطلاعات الرأي أن ثلثين منهم يؤيدون الحركة الاحتجاجية. محمد / ك – وكالات وانطلقت المسيرة من ساحة إيطاليا بجنوب باريس وجابت شوارع رئيسية في المدينة قبل أن تنفض في ميدان لوزينفاليد قرب مقر وزارة الخارجية الفرنسية. وتميزت المظاهرة، التي تصدرها زعماء النقابات المحلية، بمشاركة كثيفة لطلاب الجامعة وتلاميذ المدارس الثانوية. وقال برنار تيبو الأمين العام للاتحاد العام للعمل، أكبر النقابات المحلية، إن "حجم المسيرة خيب آمال الحكومة التي كانت تعتقد أن التعبئة الشعبية ضد إصلاح نظام التقاعد ستنحسر مع مرور الوقت".وأضاف النقابي الفرنسي في حديث للجزيرة نت أن "على ساركوزي أن يكف عن التعنت وعدم الإنصات لمطالب الفرنسيين الرافضين لخطته" التي تقضي برفع السن القانونية للتقاعد من 60 عاما إلى 62 سنة. وأوضح تيبو أن إقرار مجلس الشيوخ للمشروع، الذي صوت عليه سلفا مجلس النواب، لن يشكل نهاية المعركة، مؤكدا أن نقابته ستواصل الاحتجاج ضد مضامين ذلك النص "حتى إذا صار قانونا".من جانبه، رأى فرانسوا شيريك الأمين العام للاتحاد الفرنسي الديمقراطي للعمال ثاني أهم النقابات في البلاد، أن رفض الحكومة للحوار مع النقابات هو الذي أدى إلى اتساع نطاق الاحتجاجات وانضمام طلاب الثانوية لها. وندد النقابي الفرنسي بإصرار السلطات على فرض ما أسماها بخطة جائرة وغير مقبولة. وكشف شيريك للجزيرة نت عن نيته عرض مقترحات على النقابات الأخرى غدا الخميس، بشأن ما وصفها بالطرق المناسبة لمواصلة التعبئة ضد الخطة الحكومية، غير أنه رفض الإفصاح عن طبيعة تلك الأفكار. غير أن مراقبين فرنسيين لم يستبعدوا أن يطالب شيريك بوقف الاحتجاجات بعد تصويت مجلس الشيوخ على مشروع القانون. وكانت مظاهرات متزامنة قد نظمت في عدد من المدن الفرنسية لدفع الحكومة للتراجع عن اعتماد الخطة المذكورة. وقدرت وزارة الداخلية العدد الإجمالي للمشاركين في احتجاجات أمس ب1.1 مليون متظاهر، بينما أعلنت النقابات أن عدد المتظاهرين فاق 3.5 ملايين شخص. وأفاد استطلاع للرأي نشرته صحيفة ليبراسيون اليسارية بأن 79% من الفرنسيين يتمنون أن يستأنف ساركوزي الحوار مع النقابات بشأن إصلاح نظام التقاعد. غير أن الدراسة كشفت وجود مفارقة في موقف الأشخاص الذين استطلعت آراؤهم من النزاع الدائر بين الحكومة والنقابات، إذ عبر 67% منهم عن تأييدهم للمظاهرات والإضرابات، غير أن أغلبية منهم (53%) عبرت في الوقت نفسه عن معارضتها لسحب الخطة الحكومية.