نجح المتظاهرون الفرنسيون أمس في شل كل القطاعات الحيوية في فرنسا، وربحوا بذلك رهانهم مع الرئيس ساركوزي الذي حاول تمرير قانون إصلاح التقاعد عنوة. وقبل 24 ساعة من تصويت مجلس الشيوخ على مشروع نال غضب ملايين العمال، تمكن النقابيون من توسيع قاعدتهم الاحتجاجية بفتح المجال لطلبة الثانويات، الشيء الذي أرق كثيرا حكومة فيون. وتسببت حملة الاضطرابات في تعطيل حركة النقل والمواصلات في بلد النبيذ، إلى درجة توقفت فيها كل مصافي البترول عن العمل، وحال ذلك دون تزويد المطارات ومحطات الوقود بالطاقة، وألغي 50 بالمائة من الرحلات الجوية في مطار أورلي و30 بالمائة من الرحلات في مطار شارل دوغول وباقي المطارات خارج العاصمة باريس. وإزاء هذا الوضع عمدت الحكومة اليمينية على تفعيل استخدام المخزون الاستراتيجي للوقود كأول خطوة في اختبار القوة بين المتظاهرين والرئيس ساركوزي. لكن الملاحظين يرون أن خروج العمال إلى الشوارع لليوم السادس من أجل حمل الحكومة على التراجع عن إصلاح نظام التقاعد لن يفيد في الوقت الحالي في شيء، حيث تسربت معلومات من قصر الإيليزيه تفيد بأن نيكولا ساركوزي عازم على تمرير قانونه مهما كلفه ذلك من الأصوات، وهو على علم أن هذه الخطوة ستكلفه الكثير في الانتخابات القادمة. ومع انقسام اليسار الفرنسي وعدم قدرتهم على التعبئة الشاملة في المجال السياسي ستظل الأمور في حالة الانسداد! وعلى أحد الطرفين أن يتراجع... وتزداد المخاوف من الدخول في مرحلة التشدد خاصة بعد أن أعلنت كل المنظمات النقابية عزمها على مواصلة الاحتجاج، وفي هذه النقطة يراهن ساركوزي على سحب الرأي العام الفرنسي دعمه للمحتجين. وستكشف لنا الأيام القادمة من سيكون له الكلمة الأخيرة. وفي الميدان بدت الحركة بطيئة مع خروج نحو مليوني مواطن إلى الشوارع في 266 تظاهرة انضم إليها 80 ألف طالب ثانوي واحتمال وقوع مواجهات عنيفة مع الشرطة وأفراد الأمن الجمهوري. كما يسجل إيداع إخطارات بالاضراب في قطاعات البريد والتربية والمجال السمعي البصري. ومن جانبها ترى بروكسل ضرورة العودة إلى طاولة المفاوضات ومحاولة التوصل إلى حل دون الدخول في لعبة شد الحبل. للإشارة فقد نجحت النقابات في تحقيق تعبئة قياسية السبت الماضي فاقت 3 ملايين متظاهر وتعتبر احتجاجات أمس آخر مواجهة حول نظام التقاعد حيث من المفروض أن يصوت عليه مجلس الشيوخ الفرنسي اليوم، إن لم يؤجل إلى يوم لاحق.