عادت الحركية العادية إلى مقهى البلدة وانزوى فيه الفارون من الرذاذ الذي ظل يتساقط بوقار طوال الصبيحة فلا تكاد تجد طاولة فارغة فقد اعتصم الناس كما يعتصم أصحاب النقابات إلا أن صابر بدى، بشاشيته البيضاء وسبحته التي أصبحت ترافقه، وكأنه شمس والناس كواكب خاصة وأنه اكتسى حلة مزج بها بين الأصالة والعصرنة فقد ارتدى بدلة كلاسيكية ظهر بها وكأنه أحد الحكماء. المقهى الذي يقع بجوار المدرسة لا يخلو من المعلمين الذين يفضلون أخذ قسط من الراحة للحديث عن الزيادات الأخيرة في الأجور وتأخر مديرية التربية عند دفع أثارها الرجعية. وكثيرا ما يبدو حديثهم باللغة العربية مزيجا بين العامية والفصحى بينما ينهمك بعضهم في حل الكلمات المتقاطعة والكلمات السهمية جماعيا. ينظر صابر إلى هذا المشهد بانزعاج كبير فهو يتمنى أن يرى كل المعلمين على هيئته التي يراها نموذجا لمعلم اللغة العربية رغم أنه لا يتقنها. اقترب منه صالح الذي كان بجانبه محمد العربي فسألاه على قهوة صالح: واش الحاج لاباس؟ صابر: لا باس. كي شفتني بالشاشية وقيلا حسبتني حاج صح كي سماك الله؟ صالح: انا اسمي صالح. معلم انتاع العربية في المسيد. الوحيد في الحومة اللي يلعب بالعربية لعب حتى سماوني الحاج صالح كما تقول الحاج العنقى في الشعبي. صابر: آه انا احسبت سماوك الحاج صالح كما انتاع لا كاديمي انتاع العربية. اللي عرب قاع العلم انتاع الدنيا وزاد حطو فلانفورماتيك. يقاطعهما العربي: واش تشربوا يا جماعة؟ تشربوا قهاوي: صابر: قل لو يعطينا ثلاثة قهاوي هكذا يدير باباك، عمي خليفة ربي يطول في عمرو. العربي وهو ينادي: ناولنا ثلاثة فناجين قهوة ياسيدي فيرد عليه النادل: اهدر لنا بالعربية يا خو