تأتي مشكلة إيرلندا، حديثاً، لتؤكد لشرائح واسعة من الخبراء أن النظريات الألمانية الكلاسيكية، حول مشاكل منطقة اليورو، كانت مخطئة منذ ولادتها! صحيح أن توحيد إقتصاديات عدة، تحت سقف عملة موحدة، يجلب معه المخاطر,بيد أن تأسيس آلية عمل، تعمل بصورة شاذة لإحياء عملية التوحيد هذه، سيؤدي إلى عواقب كارثية، وفق الخبراء السويسريين، وهذا ما بدأ يحصل بالفعل! في الحقيقة، أن مشاكل اليورو ترتبط بهدر في الأموال العامة، من غير الممكن التحكم به، إضافة إلى عدم تمتع الاقتصاد الأوروبي بالليونة الضرورية لإنعاشه، ومع أن إيرلندا لطالما تمتعت بإقتصاد "طري"، لا بل الأطرا أوروبياً، إلا أن صعوبتها ظهرت من تبذير واضح في شرايينها المالية، وهذا لا صلة وصل له مع أي إهمال تبنته حكومة دبلين في موازناتها العامة،هكذا، تحول هاجس إعادة هيكلة الديون، هناك، إلى ملف آخر يُضاف إلى أزمة الإتحاد الأوروبي. في سياق متصل، يشير البروفيسور بول دي غرو، في قسم العلوم الاقتصادية بجامعة لوفانيو السويسرية، إلى أن الحاصل في ايرلندا لا علاقة له بتاتاً بما حصل في اليونان. في عام 2007، كان الدين العام الايرلندي يوازي 12 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي، مقارنة ب27 في المائة، في اسبانيا، و50 في المائة، في ألمانيا، و80 في المائة، في اليونان. ولو جرى تطبيق قوانين الموازنات العامة الأوروبية عبر نفس القوة التي ترغب بها السلطات الألمانية لتعرضت ألمانيا وفرنسا معاً، منذ ولادة اليورو حتى موجة الأزمة المالية الأخيرة، لعقوبات مالية يقدرها البروفيسور دي غرو بضعف أضعاف تلك التي تعاني ايرلندا واسبانيا منها، اليوم. ويعزي البروفيسور معاناة هاتين الدولتين إلى أخطاء فادحة في القطاع الخاص. علاوة على ذلك، يعتقد البروفيسور دي غرو أن سياسة التمييز بين دولة أوروبية وأخرى تقودها ألمانيا، أولاً، وفرنسا، ثانية. في ما يتعلق بنسب الفوائد المتدنية، في منطقة اليورو، يشير البروفيسور دي غرو إلى أن ذلك يعود، رئيسياً، إلى الضعف الاستهلاكي المزمن في منطقة اليورو. كما أن عدة دول، ومنها دول أوروبا الشرقية، شهدت انتعاشاً في الأنشطة الائتمانية. ما رفع سعر هذه الأنشطة الى الأعلى، مرة واحدة. آلياً، فان أي سياسة مالية توسعية لها أعراض جانبية تنتهي في تسبيب فقاعة ما أم كارثة مالية لا مفر منها. هذا ويؤمن البروفيسور دي غرو بأن ما حصل بايرلندا هو السلسة الجديد من لعبة يقودها المجهزون، في قطاع الائتمان الخاص، الذين قاموا بتصنيع انفجار مالي ضخم، في منطقة اليورو، لم ينجحوا في السيطرة على نيرانه بعد.