كشف باحثون جزائريون في اليوم الأول من أشغال الملتقى الدولي في طبعته الأولى، نظمته المدرسة العليا للأساتذة حول "مساهمة البحث العلمي في حل مشاكل المجتمع"، أن 31 بالمائة من الكفاءات العربية "الفذة" تعمل في الدول الغربية. وأكدت الباحثة فتيحة كركوش، من جامعة سعد دحلب بالبليدة، في مداخلة تحت عنوان "البحث العلمي في الجزائر وإمكانيات التنمية"، أن "450 ألف عالم عربي يعمل في الدول الغربية مضيفة بأن نسبة 54 بالمائة من طلاب العرب الذين يدرسون بالخارج، لا يعودون إلى أوطانهم وتقدر خسارتهم بعشرات المليارات سنويا". وأرجعت الباحثة أسباب هجرة الأدمغة إلى "شعورهم بأنهم عديمو الفائدة لمجتمعهم، وأنهم يبددون طاقتهم سدى، و لا يوجد من يأبه بوجودهم أو يعنى بمشاكلهم أو يعترف بأهميتهم "، مشيرة إلى أن أهم "العوامل التي تجذبهم إلى التوجه إلى الغرب هو المناخ العلمي الذي يتيح فرص العمل الخلاق". وفيما يتعلق بموضوع ميزانية المالية للبحث العلمي، ذكرت الباحثة بأن "الدول العربية مجتمعة تنفق ما قيمته 6ر1 بليون دولار سنويا، بينما الكيان الصهيوني وحده ينفق ما قيمته 1ر 6 بليون دولار،" داعية بالمناسبة إلى إشراك القطاع الخاص في الجزائر لتمويل البحوث الأكاديمية ". ورجحت الباحثة كون الانفاق العربي على البحث العلمي يختلف كثيرا عن معدل الأنفاق العالمي، قد يعود إلى "دعم وتمويل القطاع الخاص للبحث العلمي في الدول المتطورة". وفي نفس السياق، ذكرت الباحثة بأن "القطاع الخاص في اليابان ينفق ما يقارب 80 بالمائة من إجمالي ما ينفق على البحث العلمي، وتنفق الحكومة 20 بالمائة وهذا ما يجعل الأنفاق على البحث ومراكزه يصل إلى مستويات مرتفعة". وقد أكد الدكتور يعقوبي، أستاذ قسم فلسفة بالمدرسة العليا للأساتذة، على "أهمية توجيه البحث الأكاديمي نحو اهتمامات المجتمع لحل مشاكلهم وعدم الاكتفاء بالمقاربات النظرية، وعيا وممارسة والعمل على تكريس التنمية المستدامة". وأضاف أنه "إذا أردنا أن تتبوأ جامعاتنا مكانة لائقة بها فيجب التفاف السلطة والمجتمع في آن واحد، حولها واستيعاب أفكارها واكتشافاتها واختراعاتها التي لا معنى لها لو بقيت على المستوى النظري". أما مداخلة الدكتورة سناء الباروني من تونس، حول موضوع "الجدل الذاتي والموضوعي في الخطاب العلمي وأثره في منظومة الواقع المعرفي"، فركزت على أهمية تطويع المنهج العلمي لمعالجة مشاكل المجتمع وتوثيقه وفق التركيبة الاجتماعية، داعية الباحثين الى اختيار مواضيع لبحوثهم تخدم مصالح المجتمع. وبدورها أشارت ابرايعم سامية من جامعة العربي بن مهيدي بأم البواقي، في مداخلة تحت عنوان "البحوث الجزائرية في علم النفس"، إلى ضرورة إخضاع مواضيع البحوث الأكاديمية حسب الطلب، وحسب كل وزارة و مؤسسة في الدولة" مؤكدة على أهمية التنسيق ما بين الباحثين الأكاديميين وأصحاب القرار. وقال الأساتذة الباحثون أنه في أمريكا لا يجرى بحثا علميا إلا بطلب من مؤسسة معينة في أي مجال من المجالات، فالبحث العلمي يبقى رهن إشارة مؤسسات الدولة على عكس ما يجري في البلدان العربية. وتتواصل أشغال هذا الملتقى، الذي شهد أمس توافد أساتذة من بعض الدول العربية الشقيقة، و تقديمهم محاضرات حول الموضوع ليكلل في الأخير بتوصيات حول "مساهمة البحث العلمي في حل مشاكل المجتمع".