إنها صرعة من صرعات هذا الزمن الرديء عندما أخذنا نسمع عن دعاة إسلاميين ، وهؤلاء الدعاة ونحن نتحفظ على تلك المصطلحات ونضعها موضع الشبهات لأنها تزامنت مع تطورات خطيرة كان لأمريكا فيها دور المخطط والموجه ، وهؤلاء الدعاة ترعاهم أمريكا بكل ما في هذه الكلمة من معنى ، فهي تسهل لهم أمر التجول والأسفار والتنقل بين الأقطار وتلمع صورتهم في انتظار أن يلعبوا الأدوار المنوطة بهم وتلك التي أخذت نتائجها تظهر تباعا على هامش ما أسموه بالربيع العربي الذي تحول إلى خريف غاضب مكفهر ، وهؤلاء يكفرون الناس وينتقدون ويتوسعون في النقد ويتطرفون دون أن يحاسبهم أحد ودون أن يضع لهم أحد حدا ، ومن ثم نراهم يتلهون بالفتاوى التي أزكمت روائحها الأنوف لبعدها عن الشرع ولتفاهتها كفتاوى جهاد النكاح وما شابه ذلك ، وفتاوى المزة والجزرة ، والرضاع ...وهم في ذلك يتركون الأهم الذي من حقه الأولوية ويتلهون بالأمور التي هي دون المهم وهي في مستوى القشور... وهاهم اليوم وبشخص أحدهم يتطاول على وزيرة الثقافة الجزائرية السيدة خليدة ونحن نعرف أن لهذه الوزيرة آراء لا نتفق معها فيها ونعارضها وقد عارضناها وناقشناها وعارضها غيرنا في الوقت المناسب ، وربما تكون السيدة خليدة قد تراجعت عنها وهي في تصريحاتها الأخيرة التي تقول فيها بأنها تنتمي لعائلة من الأشراف الأمازيغ وهذا صحيح وهي من عائلة متدينة وهذا أيضا صحيح وأنها تحترم مبادئ الإسلام وقيمه فهذا يعني أنها ولو كانت في وقت من الأوقات كانت ترى غير ذلك فهذا يعني أنها تراجعت عنها وأصبحت في حكم المنفي ، والإسلام كما هو معروف يجب ما قبله ويقبل التراجع عن الخطأ وبعد ذلك فرسول الله في حديث صحيح يقول : ما أمرت أن أنقب عن قلوب الناس ! وهذا يعني أن ما في قلب الوزيرة يبقى بينها وبين الله ، وهنا ننتقل إلى من يسمي نفسه داعية للإسلام وقد يكون من أهل الدعوة بحق وقد لا يكون ، ونحن لنا الظاهر كما جاء في الحديث النبوي ولكن ما رأي حضرة الداعية فيمن انقلبوا على الربيع العربي وحولوه إلى خريف غاضب وعقدوا الصفقات مع أمريكا وإسرائيل ؟ وما رأيه فيمن يقيم تحالفات مع إسرائيل بعد أن اعترف بها ألم يكن الأولى بهذا الداعية وغيره من الدعاة أن يركزوا على هذا الجانب ؟ وهم يعلمون أن إسرائيل إنما تمثل الشر كل الشر والكفر كل الكفر والظلم كل الظلم وقد ارتكبت بحق أهلنا في مصر وفلسطين وسوريا ولبنان جرائم بشعة بحق نسائنا وأطفالنا وشيوخنا وانتهكت حرماتنا واحتلت أرضنا برعاية أمريكية وعاثت فسادا ، ألم يكن الأولى أن يشَرِّعوا في هذا الخصوص ؟ والأمر فيها واضح لا لبس فيه ولا غموض ؟ بدل أن يتلهوا في تكفير من لم يثبت ولا يثبت كفره ؟ اتقوا الله حق تقاته وعودوا إلى عقولكم ودينكم يرحمكم الله .