أضحت جدران شوارع العاصمة وكذا الحافلات وعلى اختلافها العمومية منها والخاصة، تشكل دعامة جديدة يعبر من خلالها الكثير من الشباب الجزائري عن إبداعاتهم، فضلا عن تحولها لمتنفس يعبرون فيه عن مكبوتاتهم، سيما وأن هذه الظاهرة حسب أهل الاختصاص ثقافة ليست وليدة اليوم، وانتشارها لم يكن صدفة. إن المتجول في شوارع العاصمة ة، والمار عبر أزقة وحاراتها، يكاد يندهش من الرسومات التي أصبحت تغزو جدران البيوت العاصمية، مختلف الألوان وبمختلف الشعارات فلا يكاد حي يخلو منها، منها من يتخذها الشباب كتمجيد للفرق التي يشجعونها خاصة تلك التي تتعلق بالنوادي العاصمية، على غرار الحراش، المولودية والاتحاد، فإلى هنا تبدو الأمور عادية وتقبلها مع أن التصرفات والشعارات في رأي الكثير من الناس ليست الجدران محلا لها، غير أن الغير واضح أو الذي لم يستوعبه الكثيرون هو تلك الشعارات الغريبة التي تغزو من يوم الى أخر مجتمعنا على غرار شعار النازية و صور شيكيفارا التي لم تعد تقتصر كما كانت عليه في السابق على الملابس والأحذية فقد أصبحت واقعا نعيشه كل يوم. رسومات غريبة... وأخرى لم يفهم معناها إلا من رسمها في كثير من الأحيان تكون هذه الرسومات التي نجدها على الجدران تحتاج الى اكثر من تفسير وفي كثير من الأحيان يعجز أهل الاختصاص عن تفسيرها سيما وأنها لا تمت وليست لها أي علاقة أو صلة بالثقافة العربية الاسلامية الجزائرية، لا من قريب أومن بعيد خاصة وأن شعارات الرياضية أو المتعلقة بالنوادي الكروية أو سواء التوجهات السياسية عند بعض الجزائريين الذي فضلوا أن تكون الجدران متنفسا لمكبوتاتهم قد وجد لها تفسير، وفي المقابل يبقى السؤال مطروحا لماذا تزداد هذه الرسومات في الانتشار ولم توضع لها حد رغم التجاوزات الغير أخلاقية كما يصفها البعض والتي لا يمكن تجاوزها أو السكوت عنها. الجدران.. الحافلات.. مجالات للتعبير عن المكبوتات ليست الجدران وحدها التي يلجأ اليها الشباب للتعبير عن مكبوتاتهم وعن انفعالاتهم اليومية، فلا الحافلات ولا الطرق سلمت من ذلك، فكل ما من شأنه أن يكون صالحا للكتابة أو الرسم يكون محلا للتعبير عن مكبوتاتهم وانفعالاتهم اليومية، فأصبح الألوان المختلفة والشعارات العنصرية وكذا مختلف المصطلحات اللاأخلاقية التي أثارت حفيظة واستياء العديد من الناس، فأضحت الكلمات النابية والمصطلحات المرفوضة في المجتمع، تتداول بشكل عادي جدا و أمام مرأى ومسمع الجميع، وما زاد الطين بلة في ذلك كله أن هذه الرسومات لا يعرف من صاحبها و لا حتى الوقت الذي رسمت فيه، يحدث هذا كله وبالتجاوزات التي وسمها أهل العاصمة بأنها لا تمثلهم ولا ليست لهم بها علاقة أصلا، بالإضافة الى غياب الرقابة في هذا المجال قد ألقى بظلاله على هذا المجتمع، فأصبحت كل ممنوع مرغوب أمامك مرأى ومسمع الجهة المعنية بذلك، مؤكدين في ذات الوقت أن أهل الحي وحدهم لا يمكنهم فعل شيء دون رقابة . الدكتور محمود إبراقن: " هذه الرسومات تفريغ لانفعالات الشباب اليومية" يعتبر محمود إبراقن الدكتور في كلية علوم الإعلام والاتصال، من الناحية السيميولوجية ، أن هاته الرسومات هواية موجودة منذ القدم يعبر من خلالها الشباب عما بداخلهم، وخير دليل على وجود مثل هذه الثقافة في الجزائر رسومات الموجودة في الطاسيلي وفي أماكن عديدة من الوطن، بالإضافة الى "رسومات الناقة مثلا بولاية الجلفة والتي تحمل في كثير من الأحيان تحمل دلالات كبيرة وايجابية ايجابية، تعكس ثقافة معينة. وقد أخذت هذه الرسوم حسب ما يضيف ذات المتحدث، مؤخرا منحنا سلبيا فقد أصبحت الظاهرة عبارة عن تلويث للبيئة، وليست مقتصرة في الوقت ذاته على الجزائر فقط، ولو أنها في كثير من الأحيان تحمل دلالات تعكس الفراغ والواقع الذي يعيشه الشباب فهي نوع من التفريغ الانفعالي كما تسمى في المجال السميولوجي، وكذلك هي نوع من التعبير عن المكبوتات والانفعالات اليومية، والشباب الجزائري كغيره من الشعوب يحتاج لأن يعبر فمثل هذه الرسومات موجودة في كل مكان، ولكن أمل أن تنتقل مثل هذه الثقافة بطريقة ايجابية كما هو الحال مثلا في باريس.