أوضحت مديرة البحث بمدرسة الدراسات العليا في العلوم الاجتماعية بباريس، تسعديت ياسين أن الكتاب الجديد الذي تعمل على تنسيقه، والذي يسلط الضوء على مسيرة وأعمال الباحث الجزائري في علم الاجتماع عبد المالك صياد سيرى النور في جوان القادم تحت عنوان "الاكتشاف الاجتماعي أثناء الحرب"، وهذا خلال ملتقى دولي مخصص لأعمال هذا المختص في ظواهر الهجرة، احتضنته ولاية وهران أمس الأول. وقد أنجزت هذه السيرة الذاتية من طرف إيف جامي الذي يحضر في هذا الملتقى والذي قاد عملية تصنيف الأرشيفات الوثائقية التي خلفها عبد مالك صياد بهدف تثمين أعمال مؤسس علم اجتماع الهجرة-الاغتراب، كما ذكر جامي، أن مخزون صياد الذي يتم الاحتفاظ به في مكتبة ميدياتيك التي دشنت باسمه في مارس 2009 بالحي الوطني للهجرة بفرنسا، يحتوي على الآلاف من الوثائق والصور والتسجيلات الصوتية الموزعة على 420 علبة للأرشيف. ويشارك عدة باحثين جزائريين وأجانب قادمين من بلدان مختلفة منها فرنسا واليونان وإيطاليا والسينغال وتونس في هذا اللقاء الدولي الذي يقام على مدار يومين تحت شعار "عبد المالك صياد والهجرة والعولمة". وينظم الملتقى من طرف المركز الوطني للبحث في الأنثروبولوجيا الاجتماعية والثقافية الكائن مقره بوهران بالشراكة مع جامعة "أبو بكر بلقايد" لتلمسان والمعهد الفرنسي لوهران. ويرمي الملتقى إلى "التعريف بأعمال صياد لدى الشباب الجزائريين المختصين في علم الاجتماع والنظر إلى مستجدات البحث على ضوء أعماله" وفق السيد سيدي محمد محمدي رئيس هذه التظاهرة العلمية. وتميز اليوم الأول من الملتقى بتقديم العديد من المداخلات التي أبرزت أهمية أعمال عبد المالك صياد كمصدر للفكر والتحليل لفهم آليات الهجرة في سياق العولمة، حيث اعتبرت تسعديت ياسين، "إن الهجرة قد تغيرت بالتأكيد في الشكل منذ فترة صياد ولكن مسعاه لا يزال قائما"، مضيفة بالمقابل أن "تحليل هذه الظاهرة يتطلب اليوم إدماج العلوم السياسية والاقتصادية والقانونية". وأشار الباحث كريستيان دو مونليبير من جامعة ستراسبورغ الفرنسية أن "صياد لا يزال مفيدا ويمكن لأعماله أن تسمح على سبيل المثال بفهم كيفية تطوير القواعد السياسية المطبقة على الهجرة بأوروبا"، كما أضاف المتحدث الذي ساهم أيضا في إعداد هذا الكتاب الجديد أن "صياد ليس متخصصا في الهجرة والاغتراب فحسب، بل أعماله تستجيب لانشغالات أوسع إنه مختص في علم الاجتماع في مجال التحولات الاجتماعية". وقد سمح هذا اللقاء أيضا للمشاركين بالتطرق إلى التحقيق المنجز من قبل صياد وبورديو حول مراكز التجميع التي أنشأتها القوات الاستعمارية لاحتجاز الآلاف من المدنيين الجزائريين بعد التحويل الجماعي لسكان المناطق الريفية. وللتذكير فان عبد المالك صياد تابع دراسته الابتدائية بمسقط رأسه بمنطقة القبائل ثم واصل تعليمه بثانوية بجاية قبل مزاولة تكوين بالمدرسة العليا للمعلمين لبوزريعة بالجزائر العاصمة، ليعين معلما بمدرسة في حي القصبة. كما زاول دراسته بجامعة الجزائر العاصمة حيث التقي ببيير بورديو، عمل بفرنسا كأستاذ متعاقد في مركز علم الاجتماع الأوروبي للمدرسة العليا للدراسات في العلوم الاجتماعية، قبل أن يلتحق بالمركز الفرسي للبحث العلمي حيث شغل منصب مدير البحث في علم الاجتماع، وقد توفي يوم 13 مارس 1998.