نضالي السياسي خالد خلود الجزائر الفنان الذي التقته "الأمة العربية" في مكان عمومي أجرت معه حواره الأخير قبل إلقاء القبض عليه بيومين بسبب قضيته التي مازال متابعا بها منذ 1995 مع ابنه، حيث ستنشر كاملة في أعدادنا القادمة ترقبوها لمعرفة أكثر التفاصيل عن المحاكمة. * تأثر محمد بلخياطي كثيرا بثورة التحرير الوطنية، كيف كان وقعها عليك؟ ** يغرق بالخياطي في صمت... ثم يرفع عينيه اللتين اغرورقتا بالدموع ويقول... طبعا تأثرت كثيرا بالثورة التحريرية الوطنية وكان لها وقع كبير على نفسي، حيث كنت من بين الأوائل الذين فرحوا بتفجيرها وهو الشيء الذي دفعني إلى النضال في صفوف جبهة التحرير الوطني متسببا في دخولي السجن مرتين. * معروف أن السجن به "وحدة" قاتلة، هل كان لك رفقاء داخل أسوار السجن آنذاك؟ ** نعم، ومن بين رفقائي في الزنزانة الوزير الأسبق للمجاهدين، محمد معزوزي، والذي سجن بالشلف بعدها نفيت أنا إلى خارج الوطن في أواخر سنة 1958 إلى 1962. * ما رأيك في علاقة الثورة الجزائرية بالوسط الفني والإعلامي؟ ** علاقتي أثناء الثورة بالوسط الإعلامي لها دافع كبير، حيث يشهد للفنان المصري الذي ساهم بقوة من أجل شحن الثورة في المغرب العربي وخاصة في الجزائر من خلال السينما التي كان الفضل الكبير لها دور "جميلة بوحيرد"، وتبني صوت مسعودي -رحمه الله- الذي أبكي عندما اسمعه من خلال صوت العرب الذي اعتبره المرحوم الرئيس هواري بومدين صاحب الحنجرة الثورية. * يصنفك المتتبعون لفنّك أنك من النوع الذي يمدح في غنائه الملوك والرؤساء والأسياد؟ ** نعم... ولا أنكر ذلك وأنا جد فخور بأنني من النوع الذي يمدح فيه الأبطال، وفي الشأن ذاته مدحت الكثير منهم وقصائدي شريفة، وأخيرا مدحت الرئيس البطل والمرحوم "صدام حسين" بعد إعدامه، ناهيك عن الرئيس "عبد العزيز بوتفليقة" قبل أن يتسلم مهام الرئاسة لأنني شممت فيه رائحة الشهامة، والرئيس الراحل "هواري بومدين" وكذلك "جمال عبد الناصر"، والرئيس "الحبيب بورقيبة"، والملك "الحسن الثاني" وقبله "محمد الخامس" والده، لأنهم أصحاب قيم ورجولة "فحولة" وأصحاب شجاعة كبيرة أدوها خلال الثورة التحريرية الجزائرية بكل معنى البطولة، والغرض من جهتي ليس "الشيتة" كما يقال بل المدح الشريف وليس طمعا في شيء لا سمح الله. * إلى أي مدى اقتصر نضال الفنان محمد بالخياطي، وهل تعدى الكلمة والتلحين والغناء؟ ** اقتصر نضالي على تكريس حياتي كلها فداءً للوطن، كما تعديت الكلمة والتلحين وخاصة الغناء حيث قمت وقتها بعدة أعمال فدائية رفقة العديد من أبناء بلدتي منهم من رحل للرفيق الأعلى ومنهم من هو على قيد الحياة، وكلهم يشهدون بالحق للنضال الذي قمنا به، خاصة عندما قمت بقطع رأس القائد الفرنسي "لوكونت" وأخذت منه المسدس إلى جانب حرقي لمحطة البنزين "مارل" وكذلك حرق 05 حافلات لرئيس البلدية المسمى "الترجمان"، وكنت حينها رفقة الشهيد "علي غرار" الذي كان بطل الثورة في الشلف واستشهد أمام عيني كما شاركت في قتل "كوسنة" وحرقت مركز البريد. * محمد بالخياطي مناضل ثوري، هل هو الآن يتمتع بكل حقوقه؟ ** يتنهد ثم يقول.. للأسف الشديد لم يحدث ولا يهمني من الأساس ولكن ما أملكه هو رقم الملف النضالي الذي يحمل رقم 2912، وكان نضالي بعد فترة الاستقلال والذي يتثمل في التأليف والغناء بطبيعة الحال، أما الآن فأنا على وشك تسوية وضعيتي بمساعدة المجاهد "محمد بن عياد" المحكوم عليه وقت الاستعمار بالإعدام لعدة مرات. * بعدما عدت من المنفى، هل عدت مباشرة إلى الفن؟ ** لا... اشتغلت في مصالح البلدية إلى غاية 1965 ثم وجهت كل اهتمامي للكلمة والفن البدوي الأصيل، وكانت لي عدة تجارب فاشلة. * إذن كيف دخلت عالم الشهرة؟ ** دخلت عالم الشهرة عن طريق قصيدة من وحي قلمي التي تحمل عنوان "خلو الطريق لبختة خلوها تفوت"، وهذه الأغنية أديتها لزوجتي أم أولادي ولا يخفى عليكم أنني أحب تعداد الزوجات وكانت هذه الأغنية بمثابة انطلاقة حقيقية، بحيث قادتني للشهرة التي خرجت وقتها حدود الوطن، ولقيت إعجاب كل من سمعها، وقد كنت أعمل مع رفقائي من بينهم "بن يطو عبد القادر" والقائمة طويلة. * من هم الفنانون الذين تأثرت بهم؟ ** الفنان فريد الأطرش حيث أحفظ له كل أغانيه، وكنت في بعض الأحيان أقلده إلى جانب شادية وصباح وكذا الفن المغربي الذي كنت مولوعا كثيرا به. هذه الأمور كلها ساعدتني على تطوير الأغنية البدوية. * هل لك أن تخبرنا عن رصيدك الفني؟ ** رصيدي الفني غني جدا بالأغاني المختلفة، الاجتماعية والعاطفية إلى جانب مواضيع أخرى سياسية، حيث بلغت عدد قصائدي إلى أزيد من 2505 ولحنت وغنيت منها يقارب 1800 قصيدة. * أي دولة كانت مشاركتك فيها كبيرة وأعجب جمهورها بالأغنية البدوية؟ ** كانت البداية من تونس الشقيقة والمغرب وجميع بلدان المغرب العربي الكبير، وبعدها دول أوروبية حيث لقيت صدى كبيرا، وأحدثت وقتها ضجة لأنني مزجت بين الأغنية البدوية الأصيلة والأغنية العصرية. * إلى أي حد وصلت مبيعات الفنان محمد بالخياطي؟ ** حسب إحصائيات الديوان الوطني لحقوق التأليف وصلت مبيعاتي 2492 شريط كلها مصنفة ومودعة لدى الديوان الوطني لحقوق التأليف ودعمتها بدوري بشريط نزل للأسواق في الآونة الأخيرة، وهو جديد من نوعه أرثي فيه الرئيس العراقي "صدام حسين". * أيوجد أشرطة جديدة أخرى من غير الشريط الذي ذكرته؟ ** أصدرت خلال الأشهر القليلة الماضية أغان عن الراحل المعطوب الوناس رحمه الله، الذي أعتبره من معدن خالص ونزيه لكل مواقفه وهناك أشرطة أخرى تتعلق بالشق الاجتماعي. * هل كرمت من طرف وزارة الثقافة؟ ** لا... لم يكن الحظ حليفي في أي تكريم ولم أحظ به لحد الساعة لأن الذين كرمتهم الوزارة هم "أعداء الجزائر" من بينهم إحدى المذيعات دون ذكر اسمها والتي هربت من الجزائر سنة 1958، وعملت هناك كمذيعة في قناة فرنسية، وفي الأخير تعود إلى أرض الوطن وتكرم من قبل وزارة الثقافة لأنها ناضلت في عملها كمذيعة وكأن شيئا لم يحدث. * هل أنت غاضب لأنك لم تكرم أبدا؟ ** يتنهد... تكريمي الوحيد هو اعتزازي بوطني، الذي أعتبره مفخرة لي وجمهوري الحبيب الموجود داخل وخارج الوطن، وخاصة بين أوساط الجالية بالمهجر حيث غنيت لها كثيرا كما أعتبرها رأس مالي الوحيد. * بما أنكم صاحب تجربة فنية قيّمة، هل حقوق الفنان محفوظة في رأيك؟ ** أنتم تعلمون بأن الفنان وخاصة المؤلف في بلادنا حقوقه جد مهضومة، وهذا نظرا لوجود ثغرات قانونية لا يتحملها الديوان الوطني حيث أن المؤلف في الجزائر لا يحصل سوى على نسبة لا تتجاوز 30 بالمئة من المداخيل أما البقية فتذهب في مهب الريح. * هل لك تعقيبات حول ما صرح به الفنان الشيخ "مازوزي"؟ ** إن ما صرح به المطرب الكبير "مازوزي" أعتبره تزييفا واحتيالا على التراث للقصيدة التي جاء في مطلعها "ساكن في لصنام تمام بالمام وجدودي عين مران" غير أنه حولها ونسبها إليه، كما أصفه بالمردد لنفسه عندما يقول "ساكن في وهران بالتمام الحمام وجدودي بلعباس فالنسبة"، إذ دوّن على ظهر غلاف الشريط كلمات "المازوزي" وكذلك الأمر بالنسبة لأغنية "يابن سيدي يا خويا" التي تعود كتابة كلماتها للشيخ "بن حراث" وأداها كل من "بن زرقة" و"وراد بومدين" وذلك سنة 1959 وأعاد غناءها "المازوزي" سنة 2002 ونسبها لنفسه. أليس هذا سطوا على التراث بل على التاريخ؟ وبما أنه يقيم وزنا لشيوخ القصائد ويعطيهم احتراما كبيرا لما لا يقوم بذكر اسم المؤلفين الحقيقيين على أغلفة الأشرطة. * في النهاية، ماذا تريد أن تضيف لجمهورك الذي يردد أغانيك خاصة من الجيل القديم؟ ** أتقدم بالشكر الجزيل ل "الأمة العربية" التي منحتني هذه الفرصة للتعبير عن مشاعري الحقيقية والتي سوف تكون دائما سباقة في التعريف بالغناء البدوي كفن وتراث، وأطالب الجهات المعنية بالفنون الغنائية برد الاعتبار للفنان بصفة خاصة وللفن بصفة عامة ومحاربة الطفيليين والانتهازيين الذين يتباهون بسرقة الكلمات وينسبونها إليهم.