يرتقب، خلال الأيام القليلة القادمة، أن يحقق الداعية الإسلامي "عائض القرني" أمنيته في العودة مجددا إلى الجزائر لإتمام الرسالة التي جاء من أجلها منذ البداية استجابة لدعوة تلقاها من جمعية الإصلاح والإرشاد والتي مكنته من الغوص في أعماق المجتمع الجزائري الذي أذهله وجعله يقول إن الجزائر هي "أجمل محطة" في حياته. وأفادت مصادر ذات صلة بالموضوع أن وزير الشؤون الدينية والأوقاف أبوعبد الله غلام الله قد قرر توجيه الدعوة إلى الداعية الإسلامي السعودي الشهير الدكتور، عائض القرني، للقدوم إلى الجزائر، خلال الأيام القليلة القادمة، مؤكدا أن حضوره الأول توج بالتفاف الجزائريين من مختلف الفئات العمرية، رجالاً ونساء، حوله للاغتراف من تعاليم الإسلام على يديه. وكان القرني الذي سجلت ندواته ومحاضراته حضوراً ضخماً في جميع المدن التي زارها قد قال: "إن المصالحة التي أطلقها الرئيس الجزائري عبد العزيز بوتفليقة تأتي تحت غطاء عفا الله عما سلف، وتنادي بإلقاء السلاح والعودة إلى المجتمع". كما أكد بأنه وجه خطاباً للمسلحين بأن يلقوا السلاح، ويتحاكموا إلى تقوى الله والعدل، ويعلموا أن الله سوف يحاسبهم على كل قطرة دم موضحا أن الذين لبوا النداء وألقوا سلاحهم صاروا الآن أعضاء صالحين فهم أساتذة وعمال وموظفون في المصانع والمعامل وفي شتى المجالات، ملتمسا عدم الاستغراب باعتبارهم أبناء الثورة التي قامت ضد المحتل والمستعمر. وأوضح أنه خلال الحوار مع عشرة مسلحين سابقين، وجد عندهم شبهتين، ناقشهم فيهما، وتتعلق الأولى بأنهم سيتهمون من التكفيريين في الجبال إذا ذهبوا لحثهم على إلقاء السلاح بأنهم "مرتدون وسبقوهم في النزول بغير اقتناع وإنما هرباً من السلطة". أما الشبهة الثانية أن المشايخ محسوبون على السلطة وعلى الحكومات، فكيف يقبل منهم ما يقولون، فأجبتهم عن الشبهتين، خصوصاً أنني سبق أن حاورت أقطاب التكفير عندنا في المملكة العربية السعودية. كما لم يتوان في تأكيد شدة استغرابه وهو يطأ تراب الجزائر قائلا إنه لم يتصور أن يجد الأمن المستتب بهذه الدرجة: "إنني أتنقل من مدينة إلى مدينة مع طلبة العلم وألمس ذلك بنفسي"، مشيرا إلى أن الأمر مختلف تماما عما يتم مطالعته في الأخبار عن تفجيرات وعمليات. والشعب الجزائري محب للإسلام ولوحدة الصف والاتفاق وللأمن والاستقرار والبناء والتعمير". وعبّر القرني عن تقديره للاستقبال الذي قوبل به قائلاً: "أشكر الجزائر حكومة وشعبا اللذين أتاحا لي هذه الزيارة التي تمنيتها منذ 20 عاماً، والحقيقة أنه شيء مذهل، فلم أكن أتوقع هذا الاستقبال، فالشوارع مكتظة بالناس رجالاً ونساء، ما أدى لتدخل مصالح الأمن في أكثر من مكان، ومن حرارة الاستقبال أشفقت على نفسي خلال وجودي في عنابة والبليدة وقسنطينة. وفاضت دموعي يوم دخلت الملعب الرياضي في العاصمة الجزائرية والناس أمامي كالغمام وقلتُ في نفسي: من أنا حتى يجتمع لي الناس؟ من أنا حتى تحتفي بي هذه الألوف؟ وأنا الإنسان البسيط المقصّر؟ والسبب -حسبه- هو الإسلام العظيم الذي أنا أحد خدامه الصغار، إنه الوحي المقدس الذي أحمل بعض نصوصه، إنها الرسالة المحمدية الخالدة التي رويت بعض حروفها وليس لشخصي الضعيف الفقير إلى الله. وقبل مغادرته قال متحسرا إنه راجع ومخلف في الجزائر وفي عنابة وفي ڤالمة وقسنطينة حبه ودمعه وأشواقه وحنينه.