رغم كل المراسيم التي أقرتها وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات، والتي تلزم 5 بالمائة من مجموع الصيدليات الناشطة في كل ولاية عبر الوطن بضمان خدمات المناوبة ليلا من العاشرة ليلا حتى السابعة صباحا، إلا أن هذه المراسيم ما تزال حبرا على ورق مغلق عليها في الأدراج، على اعتبار أن عددا قليلا جدا فقط من الصيدليات التي تحترم هذا المرسوم الوزاري، والضحية الأولى والأخيرة لهذا الخرق الفاضح للقانون هو المواطن المريض، خصوصا المصابين بالأمراض المزمنة الذين يستنجدون بعد استنفاد كل أمل في العثور على صيدلية مفتوحة بعد العاشرة ليلا، بالصيدليات التابعة للمستشفيات، هذه الأخيرة أيضا قلما يجدون فيها ضالتهم. وفي جولة قادتنا في الأيام الأخيرة إلى الشوارع الرئيسية في العاصمة، لم نجد سوى صيدليتين مفتوحتين، الأولى في شارع محمد بلوزداد، والثانية في شارع العقيد لطفي في بلدية باب الوادي، بالرغم من أن مدونة الصيدليات المناوبة في العاصمة الليلة ما قبل الماضية، كانت تحصي أكثر من 25 صيدلية مناوبة. تراخي غير مبرر في تطبيق القانون وحسب العديد من المواطنين الذين تحدثنا إليهم، فإن غياب الرقابة، وبالتالي الردع الذي كان من المفروض أن تنتهجه مصالح وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات بالتنسيق مع وزارة التجارة حيال أصحاب ومسيري الصيدليات المناوبة، هو الذي حفز على التطاول على القانون والإحجام عن تقديم الخدمة المكفولة بنصوص تشريعية. ونتحدث عن مصالح وزارة التجارة، على اعتبار أن نشاط الصيدلة يدخل ضمن النشاطات التجارية المدرجة تحت وصايتها. وهذا الغياب والتهاون في تطبيق القانون، يدفع بمسيري الصيدليات المناوبة على الغلق بداية من الساعة التاسعة ليلا. ويتساءل العديد من الذين تحدثنا إليهم، عن أسباب هذا التراخي في المراقبة، في وقت ما يزال خطاب وزارة الصحة وإصلاح المستشفيات يردد في كل مناسبة أن المنظومة الصيدلانية في البلاد بخير. واعترف العديد من الصيادلة الخواص بأن مهنيي القطاع غير مهيكلين حتى اليوم، ولضمان صحة المواطن لابد من اتفاق يخدم الجميع ويراعي مصالحهم بالعمل بالتناوب. مرضى مرغمون على قطع كيلومترات عديدة للعثورعلى صيدلية مناوبة ليلا وحسب أحد الصيادلة الذين يحترمون قائمة المناوبة الليلية والكائنة بحي "سوريكال" بباب الزوار في العاصمة، فإنه من غير المنطقي أن نجد في العاصمة من 5 إلى 6 صيدليات للمناوبة فقط، في وقت تتوفر على أكثر من 1000 صيدلية، مؤكدا أن قرار المناوبة الليلية يجب أن يطبق بحزم في كل بلدية، حيث أن لكل واحدة خصوصية في الكثافة السكانية. وحسبه، لا يمكن إرغام المريض على الانتقال من بلدية حسين داي مثلا إلى باب الزوار أو باب الوادي ليلا لاقتناء حاجاته من الأدوية، وهو مريض، لأنه مجبر على قطع مسافة تتراوح ما بين 10 و15 كلم سيقطع 5 كلم ذهابا وإيابا.. صيدلي آخر في بلدية براقي، جنوب شرق العاصمة، أوضح أنه لابد من تغيير النظام القديم. فحسبه، هذا النظام لا يواكب الواقع، ملحا على ضرورة أن تلعب الجهات الرقابية دورها كاملا. وفي انتظار أن تلتفت السلطات الوصية لهذه المعضلة، يبقى المواطن المريض يتكبد تبعاتها إلى أجل غير مسمى.. فمتى يتدخل جمال ولد عباس لترتيب بيت الصيادلة؟